التغيير

 

الكل يسعى للتغيير، مما هو عليه الى الأفضل ما هو التغيير؟ وهل النجاح في التغير وارد، ممكن او مستحيل؟ من يستطيع تغيير الشخص؟ هل علينا السعي لذلك؟

أولاً، علينا معرفة «التغيير» كمصطلح لغوي:

تغيُّر، مفرد. جمعها: تَغَيُّرات: صفة الشَّيء الذي لا يثبت على قيمة واحدة.

تغيَّرَ يتغيَّر، تغيُّرًا، فهو مُتغيِّر، تغيَّر الوضعُ: مُطاوع غيَّرَ: أصبح على غير ما كان عليه، تبدَّل، تحوَّل «تغيرَّت الأحوالُ وتبدَّلت - تغيَّر اللّونُ تدريجيًّا للون آخر - ﴿وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ»| تغيُّر في مجرى الأحداث - تغيُّر مفاجئ.

ثانياً، بعد الفعل، الفاعل والمفعول به:

التغيير هو تغير كيان الشخص، والكيان مبني على السلوكيات التي تصدر من هذا الشخص.

فالسلوكيات لا تثبت على قيمة واحدة، وعند تغير سلوكيات الشخص يتغير كيانه، وبالتالي قام بتغيير نفسه.

السلوك هنا الأفعال وردود الأفعال، بعمومها قولاً أو عاطفة او حتى فكر، ولو لم تكن عن اقتناعه لكن باختياره، فالاختيار هنا أساس التغيير.

ثالثا، الأفكار والأفعال وردودها:

أفكار الشخص تؤثر أساساً على سلوكه، والأفكار تتأثر نشأتها من البيئة المحيطة به. شخص ما اصطدم بشخص آخر في ازدحام، اعتذر الأول وأما الآخر دفعه بغضب، شتم الاول وانصرف في طريقه غاضبا، الاول لم يكترث ولكن اختار ان تكون ردة فعله سلمية.

رد الفعل لأي حدث يومي يمر به شخص ما يبدأ في صغره حيث ما تعلم وما تربى وما أصبح يكون كيانه، البيئة والأحداث التي تولد فيها الفكرة تأثر بشكل كبير في ولادتها مما ينعكس اما إيجابيا او سلبيا على الفعل او رد الفعل، نعود للمثال: الاول كان طفلاً لأب حنون وأم مربية من الدرجة الاولى عاش في بيت دافئ هادئ، أفكاره هادئة عادة، كان قد خرج من عمله سعيداً بعد حصوله على ترقية وشكر من زملائه فولدت عنده فكره الأخذ بالحسنى عند اصطدامه بالشخص الاخر فأعتذر وابتسم أما الاخر فكانت حياته تعيسة منذ الصغر وعند الحدث كان خارجا من البنك بعد توقيعه أوراق تسليمه لمنزله المرهون بعد عدم تمكنه من دفع اقساطه وقبل اصطدامه بهذا الشخص اصطدم بأحدهم مما سكب قهوته على ملابسه وأيضا كاد ان يصدمه شخص بسيارته غير مكترثاً فكانت ردت فعله انفجاراً، وأما الاول اختار ان تكون ردة فعله الالتزام بالهدوء واكمال يوم حافل بالسعادة رغم هذا الحدث.

لسنا في مجال الحكم هنا ولكن نتحدث عن الاختيار، فهو أساس التأثير على السلوك، فكل شخص له حرية الاختيار فيما تكون أفكاره إيجابية او سلبية وتأثر سلوكيات الشخص مما يؤثر على كيانه.

نعود الان لنتحرى الأسئلة:

ما هو التغيير؟ وهل النجاح في التغير وارد، ممكن او مستحيل؟ من يستطيع تغيير الشخص؟ هل علينا السعي لذلك؟

فهمنا سابقا ان البيئة تؤثر قطعاً على اختيار أفكار الشخص مما تؤثر على سلوكياته ومن ثم كيانه او نفسه، البيئة هي العنصر الاول في السعي وراء التغيير، فالاختيار هو المكون الرئيسي لسلوك الكائن، فعندما نبحث عن التغيير فالمقصود تغيير السلوك، فمعرفة أسس ما نريد تغييره من سلبي إلى إيجابي يحدده كالتالي:

اولاً: تهذيب البيئة المؤسسة، إيجاد الأسباب المؤثرة على النشأة وتبريرها إيجابياً.

ثانياً: تقنين البيئة المحيطة، اختيار المؤثرات والانعكاسات الايجابية حول الفرد.

ثالثاً: الاختيار الصائب، حساب العواقب والاتجاه نحو الأفعال وردودها الإيجابية.

رابعاً: الالتزام بالتغيير، الاقتناع اولاً بالاحتياج للتغيير السلوكي وقبوله والثبات عليه. «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ»

هذه الركائز التي نعتمد عليها في طريق التغيير، فمن الذين يسعون لتغيير شخص ما؟

اب يسعى لتغيير سلوكيات خاطئة لابنته، أمٌ تسعى لتقويم ابنها، زوجة تحاول تغيير زوجها، شخص يريد لنفسه الارتقاء للأفضل. ليس السؤال من يريد إنما من يستطيع تغيير من؟

هنا نعود للركائز الأساسية للتغيير «التهذيب، التقنين، الاختيار والالتزام» فالأب الذي يريد تغيير ابنته، عليه سلوك الاتجاه الصحيح فمطالبته لابنته بتغيير سلوكها اعتباطياً وأسلوب الآمر الناهي لن يغير شيء، وام تضرب ابنها لسلوك خاطئ لن يغير شيء، زوجه تنهى زوجها عن خروجه عن أعصابه لن يغيره، وشخص يتمنى التغيير لن يناله.

فنفهم هنا ان التغيير لأي كيان ممكن إذا سلك الشخص الاتجاه الصحيح لتقويم سلوك معين او عموما وهو سبيل للرقي والوصول للصفات: حميد، فاضل، طيب وخير.