سيدة الأخلاق
إن السيدة فاطمة الزهراء هي جامعة الأخلاق والمناقب، فقد " كانت عزوفة عن الشر، ميالة إلى الخير، أمية، صدوقة في قولها، صادقة في نيتها ووفائها، وكانت في الذروة العالية من العفاف، طاهرة الذيل عفيفة الطرف، لا يميل هواها، إذ هي من آل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً" (1)
وقد ضربت لنا أروع النماذج في حسن الخلق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع زوجها أمير المؤمنين عليه السلام وأولادها، بل مع خادمتها فضة، وبقية الجيران.
- ونقتبس لكم بعض الصور من تلك الأخلاقيات العظيمة:
لا تكلف زوجها
لقد ضربت لنا السيدة الزهراء أروع نموذج لتلك المرأة التي تتفهم وضعية زوجها، وتتفهم تلك الظروف المعيشية التي يعيشها، فلم تكن تلك الزوجة التي ترهق زوجها بتلك المطالب وتلك الكماليات، ليكون غارقاً في بحر الديون لا يهنأ ولا يستقر في حياته. فكانت عليها السلام الزوجة الواعية التي تساند زوجها وتقف معه ولا تحمله ما لا طاقة له به.
فقد روى أبي سعيد الخدري ، قال : أصبح عليّ بن أبي طالب عليه السلام ذات يوم ساغباً ، فقال : يا فاطمة هل عندكِ شيءٌ تغذّينه ؟
قالت : لا، والذي أكرم أبي بالنبوّة، وأكرمك بالوصيّة، ما أصبح الغداة عندي شيء، وما كان شيء ، أطعمناه مُذ يومين إلّا شيء كنت أوثرك به على نفسي وعلى ابنيّ هذين الحسن والحسين
فقال عليّ : يا فاطمة ألا كنتِ أعلمتني فألفيكم شيئاً ؟
فقالت : يا أبا الحسن إنّي لأستحي من إلهي أن أكلّف نفسك ما لا تقدر عليه. (2)
مصدر للسعادة
كانت عليها السلام مصدر للسعادة، مصدر للإلهام، فلم يكن البيت العلوي مصدراً للتشنج والغضب والعصبية، بل كان بيتاً للهدوء والسكينة والطمأنينة.
روي عن الإمام عليّ عليه السلام: (فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتُها على أمرٍ حتّى قبضها الله عزّ وجلّ ولا أغضبني، ولا عَصَت لي أمراً، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم والأحزان) (3)
لا تنس الجيران
لم تعش السيدة الزهراء حالة الإنطواء،والعزلة الإجتماعية، فهي لم تغفل عليها السلام عن جيرانها، فهي تشركهم في العطايا المادية، والمعنوية، ولذا كانت تشركهم في الدعاء، كما روي عن الإمام الحسن عليه السلام قال: رأيت اُمّي فاطمة قائمةً في محرابها ليلة الجمعة، فلم تزل راكعةً ساجدة حتّى انفلق عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتُكثر الدّعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشيء.
فقلت : يا اُمّاه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيركِ ؟
قالت : يا بُنيّ الجار ثمّ الدار (4) .
إنه الشعور الوجداني مع الجيران، وإنه الحب والمودة مع الجيران.
لا تبخل
كانت عليها السلام سيدة العطاء والايثار، وفي هذا الصدد هناك العديد من المواقف الخالدة، أكتفي بذكر هذه الكلمة حيث قالت فاطمة (عليهم السلام): قال لي أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله):
إياك والبخل، فإنه عاهة لا تكون في كريم، إياك والبخل فإنه شجرة في النار، وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله النار، والسخاء شجرة في الجنة، وأغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة (5).
هكذا هي فاطمة عليها السلام خير قدوة في الكرم والجود والعطاء.