القطيف.. قطفت ثمار الفتنة!
على وقع أصداء كأس العالم في جنوب أفريقيا، وفي ظل فرح مجيد استمر للأسبان والهولنديين، إلى أن كانت النهاية السعيدة للغضب الأحمر، تصاعد دخان فتنة في القطيف ويزداد حدة ودرجة كلما زادت حدة كأس العالم والسبب يعود بالطبع إلى الحر الشديد وأرق الرطوبة في هذه الأيام!
إلى أن وصلنا إلى أيام كأس العالم الأخيرة، ومباراة النهائي المجيد، حيث يبدو أن الشارع القطيفي بات محضراً جيداً ليتلقى هذا الخطاب.
يؤسفني أن أصف حال القطيف، قطيف التكفير، قطيف الانحياز، قطيف الانحطاط بالألفاظ والأساليب، قطيف التعميم في المشاكل والتخصيص في الخيرات والمبرات.
تبين أن واقعنا القطيفي بأصحاب القلم والكلِم فيه هو واقع مرير متعصب ذو عاطفة مصبوغة بالجهل!
لا نستطيع أن نختلف مع بعضنا البعض باحترام، ولا يمكننا أن نمارس حرية التعبير عن الرأي دون إقصاء أو تكفير. بالله في ماذا اختلفتم عن التكفيريين؟! وفي ماذا اختلفتم عن الصهاينة والأمريكيين؟!
أولئك كانوا يقصفون من يخالفهم بفتاوى التكفير والإقصاء أو بصواريخ "سكود" وبوارج "ساعر". وهنا ما إن انفتحت ساحة المقالات حتى بان المستور، وظهر المخفي، وظهرت أصول التكفير المتجذرة في بعض أصحاب القلم والكلم.
ولو قدر أن يمتلك بعضنا سلاحاً، ربما لوجدنا سفك الدماء على كلمة ورأي قد قيل هنا أو هناك!
لا يستطيع شخص أن يتقبل دور العلماء الضعيف "حسب ما يعتقد وما أعتقده أنا أيضاً" وينتقد بشكل مهذب، لكن لا بد أن يكون "راعي الحمير" حتى يكون صاحب الغيرة والنشامة.
ولا يتمالك ذاك نفسه في انتقاد الشيخ الصفار تحديداً، إلا عن طريق الألفاظ والتعبيرات النتنة، والتي تذكرنا بـ "سوق الدجاج" التي تم إقفالها ليس ببعيد.
وهذا يطالعنا بتكفير للشيخ الصفار، وذاك بإقصاء للسيد منير الخباز، هذا ينتقد الشيرازي "لأنه شيرازي"، وذاك ينتقد الخامنائي "لأنه خامنائي"، وهذا يعتقد أن الجنة أزلفت له لأنه قلد المرجع الفلاني فقط، ويا ليته قلده حقاً، فأين هو من أخلاق مراجعنا وعلمائنا!
أصحاب التيارات ذابوا في تياراتهم، وأصحاب المصالح ذابوا في مصالحهم، والتكفيريون ما إن انفتح لهم الباب حتى بدؤوا بقصف غيرهم بفتاوى الكفر والبدعة والضلال. عجيبة هي هذه اللغة على أهل التشيع، وعجيبة هي على عمائم التشيع، وعجيبة هي على أهل القلم والكلِم.
بين هذا وذاك، غفلة تحيط بالشارع القطيفي المتوتر، غفلة تحيط بعوام الناس، جزء منهم أصبح يتبع فلاناً لأنه يقلد مرجعه، وجزء يتبع فلاناً لأجل منصب ومصلحة، وجزء يتبع أبواق الفتنة لأنه "إنسان فتنة".. وضاعت البقرة يـا سلوم!
قل الديانون فعلاً.. تطالع يمنةً ثم يسرة.. تريد أن تجد أحداً منصفاً يقول الحق، ينتقد الخطأ كما يراه، يقف عند حدوده، ولا يتجاوز على الأشخاص ولا يخوض في النوايا، وبكل احترام، تريد أن تجد هذا الإنسان.. فلا تجده إلا نادراً.. بل ربما اعتبره البعض حلماً أو إنساناً ملائكياً من وحي الأساطير والخرافات عن شخصيات هلامية كتبت فقط في القصص والحكايا ولم نجد لها تجسيداً واقعياً.
هذا ابتلاء من الله، فأين المنصفون غابوا؟!
لا أحد يمتلك حصانةً ولن ننخدع بـ "غترة السيد القائد"، ولا بعمامة سوداء أو بيضاء!
أقول هذا الكلام، لعلمي أنني سأرمى بتهم لا يعرف أولها من آخرها، وسأوسم بالطائفية والتحيز. فأنا ممن يهوون طلة ونور "صاحب الغترة التي يلبسونها"، وممن يهوون أهل العمة العلماء المخلصين، ولكنني لا أنجر وراء كل أحد، وأدعو أخواني إلى التمييز وتقصي الحقائق والانجذاب لأهل الحق والإنصاف.
الشتامون يسقطون بشتمهم، فصاحب العمة السوداء "مجتبى" سقط بلسانه البذيء. السبابون يسقطون بسبهم. ويبقى فقط المنصفون هم من يستحقون الاحترام.
سواءً اتفقت أو اختلفت مع واحد أو أكثر، يظل الطرف الآخر صاحب مكانة سامية عندي مع اختلافي معه لأنه إنسان منصف ومهذب.
ولو كان الطرف السباب أو البذيء أتفق معه في الرأي، فهو ساقط عن الاحترام عندي لأنه لم يحترم نفسه بدخوله في السب والشتم وتلويثه لذاته.
هذه كلمة إنصاف أقولها، لأهل الفتن، أهل الفتن الذين نراهم أبعد ما يكونون عن التدين إلا في مواطن الفتنة.
أهل الفتن الذين غاب عنهم الإسلام بكل تفاصيله، وظهرت لهم فقط حبائل الفتنة.
هل اللحية هي التدين؟! هل غترة السيد القائد هي التدين؟ هل الكلام المصفوف الذي أوله سب وآخره شتم ونكسب به عواطف الناس هو أقصى ما تملكون؟!
أسفي أن أقول أنه حتى العمامة ليست تديناً، أينكم عن إنصاف الإسلام؟! أينكم عن روح الإسلام؟! أينكم عن مبادئ الإسلام؟!
فقط يعرفون كلمة "ضال"، ولا يعرفون شيئاً غيرها. وأولئك فقط حفظوا كلمة "التطبير" ولم يعرفوا شيئاً غيرها. إلى رؤوس الفتنة من كلا الطرفين وليس من طرف واحد فقط، كفوا ولا تضلوا الناس أكثر.
يا رؤوس الفتنة أنتم لستم بأهل تدين ولا بأهل حوار.
أينكم عن هموم الوطن والناس والأمة! فقط تخبطون خبط عشواء، وتترنحون على فتن لا نعرف أولها من آخرها وبأسلوب الشتم والمهازل.
أعلن براءتي أمام الله وأمام رسوله وأمام أهل بيته من كل حزب ومن كل تيار ومن كل فئة أو جماعة أو شخصية معممة أو غيرها تسعى بالفتنة والخراب.
والسلام على من اتبع الهدى!