تكاسلوا .. تفلحوا !!

 

 

ككثير من الناس في هذا العالم الحديث تتمنى أن تبلغ ذروة النجاح الباهر بأسرع وقت وبأقل تكلفة على الإطلاق ، وهذا هو حتماً عين الصواب ، ولكن هل هذا مُتاحاً في كل الأحوال ، وعندما نريد ؟ لا أعتقد ذلك .

 يعلِّمنا حكماء هذا العالم بأن المتهورين وحدهم هم الذين يستعجلون الوصول إلى  أي مكان يبغونه . فبمعزل عمّا نحاول أن نحققه ، من المُفيد أن نتذكر " أنّ عجلة المتهور هي أبطأ ما في العالم " فالتهافت البائس على ما نريد هو ما يدفع الصحة والشعور بالرضى بعيداً جداّ عنا ، أما النجاح الحقيقي الذي يساهم في زيادة الإحساس بالرضى عن النفس وراحة البال ، فهو يتطلب سعياً حثيثاً وصبراً وأناة .

 الأشخاص الذين ينفذ صبرهم ، ويستعجلون حصد النتائج ، ويعملون على حرق المراحل نادراً ما يبلغون غاياتهم ، وإن بلغوها فإنهم يستغرقون وقتاً أطول من ذلك الذي يستغرقه الصبور المتأني . إنّ التركيز على النجاح بحدِّ ذاته عوض الإهتمام بالطريق المؤدي إليه ، والعمل الذي يجعلك تستحقه ، ليس السبيل الأكيد لبلوغ ذلك النجاح . 

 أنت لا تحتاج إلى العجلة للتقدم نحو التميز والنجاح والحرية ، هذا إذا قررت أن تكون كسولاً منتجاً ، تمهّل يا عزيزي حتى تمنح مواهبك الدفينة أن تتنفس في هدوء ، وتتحرك بأمان وطمأنينة وثقة في بيئة تعجُّ بالتنافس المحموم . تمهّل مليّاً حتى تعطي إبداعاتك البكر فرصة التبلور والظهور والتعبير عن الذات ، فتأتي بأفكار تحدث فرقاً في حياتك وحياة الآخرين من حولك ، التمهل والرؤية الفاحصة يمكِّنانك من تنفيذ أفكارك وجني النتائج المشروعة التي تطمح إليها ما دمت متمسكاً بمنظومة قيم مُعتبرة .   

 المفارقة التي تحتاج منك إلى الإيمان بها هي : أنك إذا لم تستعجل النجاح ، وعملت إلى التحكم في حركة إندفاعك لبلوغه ، فإنه يأتيك بصورة أسرع مما كنت تنتظر . النجاح ليس هو أهم ما في الأمر ، بل الطريق إليه وقرارك أن تستمتع على هذه الطريق ببعض اللهو والمغامرة المحسوبة ، واحترام المنافسين من حولك كما تحترم ذاتك تماماً هو الأهم .

 عنما تختار أن تكون " كسولاً مُنتجاً " فهذا يعني أنك قرّرت أن تلعب دور " السلحفاة الذكية " وليس الأرنب المتهوِّر الذي يركض في كل إتجاه ليجمع كل أصناف النجاح مقدار ما يستطيع ، بجنون وسرعة فائقة بصورة تتعارض مع أصول السلامة حتى يصل إلى الهدف ويحقق السعادة الزائفة بالتأكيد . بينما نرى السلحفاة لا تحاول بلوغ الشهرة كالأرنب ، لأنها تعلم يقيناً ان ذلك لا يسعدها ، السلحفاة الذكية لا تسرع الخطى لأنها بلغت السعادة قبل أن تبدأ السباق : وهي تختبر السلام والسرور المتوفرين لها في الحاضر وهنا اتذكر حكمة بليغة لإلبرت إنشتاين حيث يقول : " ينبغي تبسيط كل شيء قدر المستطاع ، ولكن لا يجب تسخيفه " وهذا هو بيت القصيد .

إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية