ومدى تحكمها في طريقة تفكيرنا
ذاكرة اللاوعي في ثقافتنا التبريرية (1)
كثيرٌ هي الأمور التي نضحك على أنفسنا فيها أو ويٌضحك علينا من خلالها في تبريرات جوفاء ليس لها تقعيد أو ثبات أمام النقد الصريح والبناء الذي يبني ولا يهدم فكما أن المال الذي يُكتسب عن طريق الحرام ليس حلالٌ للصدقة به لإنه مال سُحت وحرام وكذا لا يمكن بناء مسجد بمثل هذا الحرام إن كان من السرقة أو من طريق غير شرعي كذلك يجب علينا النظر للأمور والمفاهيم التي تسود بيننا من ناحية توافقها مع النظرة الصحيحة والمتوافقة مع العقل و الدين وكما قيل لا يُطاع الله من حيث يُعصى .
إن عواطفنا تبرر لنا كثير من الروئ والمفاهيم الخاطئة في مضمونها والملامسة لمشاعرنا وعواطفنا وما نحب ونكره ولتوجهاتنا الثقافية والفكرية فنوجد لها من الأطر والتنظير الذي يتلاءم معها ونفصل لها ثوب طهارة يبرئها من كل عيب أو نقيصة مما يجعلنا نٌخادع أنفسنا قبل الآخرين في الدفاع عن مفهومٍ يحمل في ذاته و يمثل الكثير من التناقض وعدم الثبات .
هنا لابد من وضع النقاط على الحروف كي يتسنى لنا أن نحظى بالنزاهة مع أنفسنا قبل اتخاذ بعض الأحكام التي نعتبرها كمقدسات لا ينبغي المساس بها بينما هي في واقع الأمر أفكارٌ ترسخت في عقلنا الباطن وأصبحت ضمن تشكيلته الواسعة وضمن الأطر والمفاهيم التي أصبحت تمتلك هالة من القداسة لقدمها أو لأنها أصبحت تحاكي عواطفنا وأهوائنا ورغباتنا فهي قريبة لذاك منا بحيث أصبحنا نتفاعل معها .
هنا ينبغي أن نعرف أنه ليس كل ما وافق عواطفنا أو لامس مشاعرنا هو صحيح في ذاته ، فكم نُسير أو تسير عواطفنا خلف شخص من معارفنا أو أصدقائنا لكننا نُصدم أو نتصادم معه في بعض الأمور أوالمفاهيم مما يُشكل ردة فعلٍ عندنا قد تكون صحيحة وقد تكون مجانبة للرشد والعقل في توجهها ، ذلك لأنها لم تستطع أن تؤطر مفهوماً واعياً باستطاعته المعرفة أو استشراف المستقبل في إدراك ماهية ونوعية المفاهيم التي تُشكل ثقافة ذلك الشخص أو غيره .