من رابع الممكنات

الكتابة عن المستحيلات والسلبيات، التهمت أغلب أفكارنا وموضوعاتنا، ورغم تكرارها واجترارها، إلا أنها ما زالت تُسيطر على مزاجنا ووعينا، لذا قررت أن أسير/ أكتب عكس التيار، وسيكون هذا المقال هو ”التجربة الممكنة“ لهذه ”الفكرة المستحيلة“، وهي الكتابة عن الممكنات والنجاحات، بدلاً عن المستحيلات والأزمات.

وكما هو معلوم ومألوف، نحن جميعاً نستخدم عبارة ”من رابع المستحيلات“ للتأكيد على استبعاد حدوث الشيء أو للدلالة على صعوبته الفائقة، بل واستحالته المؤكدة، والمستحيلات في الموروث/ المخيال العربي والتي رسختها كتب التراث وروايات الأساطير، هي الغول والعنقاء والخلّ الوفي. الغول حيوان خرافي ضخم، والعنقاء طائر أسطوري له منقار طويل، أما الخل الوفي فهو الصديق الصدوق الذي يستحيل على الأغلب وجوده.

والآن إلى عكس التيار، للكتابة عن الممكنات الثلاثة والتي كانت ضرباً من المستحيل لتُصبح واقعاً ممكناً:

الحالة الأولى: ”تحوّل العداوات إلى صداقات“، سواء كان على صعيد الأفراد أو المجتمعات أو الدول، الكثير من العداوات والخلافات التي كانت تُشكّل مصفوفة صراعات عميقة، كان مجرد التفكير في مقاربتها وحلحلتها من رابع المستحيلات، ولكن الظروف والتطورات، وغيرها من التموجات والتداعيات، جعلتها ممكنة، لتتحول كل تلك العداوات والصراعات المستحيلة إلى صداقات وعلاقات وطيدة.

الحالة الثانية: ”تحطم التابوهات والممنوعات“ التي كانت محاذير ثابتة في بنية الوعي والفكر العربي، بل وتُلامس سقف المستحيلات، الآن، نحن جميعاً نشهد ونُشارك بعملية ”تمكين“ لكل تلك الأفكار والرؤى والكتب والقناعات والتابوهات التي استحالت زحزحتها لعقود، بل لقرون طويلة.

الحالة الثالثة: ”التشريعات تُمكّن المستحيلات“، خاصة حينما تُطبّق وتُنفّذ بمهنية وشفافية، لقد استطاعت القوانين والتشريعات الحازمة والحاسمة أن تقضي على الكثير من المظاهر الكريهة كالفساد والعنصرية والعصبية والطائفية والتمييز والازدراء وغيرها، والتي كانت تبدو مستحيلة الحل.

تلك هي الممكنات الثلاثة التي تحررت من دائرة المستحيلات التي سيّجها الخوف والتردد والتأجيل، أما الحالة الرابعة من الممكنات والتي آن لها أن تُمزق شرنقتها المستحيلة والتي تستحق أن تكون ”من رابع الممكنات“، أنت من سيكتبها عزيزي القارئ.

كاتب مهتم بالشأن السياسي والاجتماعي والوطني