في حوار مع صحيفة أوروك العراقية

شبكة أم الحمام حوار فاطمة منصور:

الكاتب الحسن يتحدث عن انخفاض منسوب القراءة الجادة

أجرت جريدة أوروك «الجريدة المركزية لوزارة الثقافة والسياحة والآثار في العراق» حوارا مع الكاتب في مجلة اليمامة الأستاذ يوسف الحسن تحدث فيه عن مختلف الجوانب المتعلقة بالقراءة وانخفاض منسوب القراءة الجادة في العالم العربي وعن مشروعه بكتابة ألف مقال عن القراءة. كما تحدث الحسن للكاتبة فاطمة منصور في العدد 92 من جريدة أوروك عن بداياته مع القراءة وعن الفروقات بين الكتاب الورقي والإلكتروني وجوانب أخرى متعلقة بالقراءة.

يوسف أحمد الحسن صحفي وكاتب متخصص في لياقة القراءة. لديه مشروع كتابة ألف مقال حول القراءة، وكتب مئات المواد الصحفية والمقالات في مختلف المجالات. أدار عدداً من الندوات والأمسيات، كما قدم بعض الحوارات التلفزيونية فضلاً عن كونه ناشطاً ثقافياً واجتماعياً.

حصل كتابه «لياقة القراءة» على المركز الثامن «المركز الثاني لاحقا» في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في متجر أمازون «قسم الرسائل والمقالات». يكتب حاليا مقالاً أسبوعياً حول القراءة في مجلة اليمامة السعودية. ولد في مدينة الهفوف بالمملكة العربية السعودية عام 1959، وحصل على شهادة هندسة حاسب آلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران.

من إصداراته: «على ضفاف الورق»، و«طريق الحوار.. نظرات من أجل العبور»، و«بعض من بوح»، و«لياقة القراءة»، و«نحو لياقة قرائية».

حاورناه في المجال الذي تميز فيه فكانت الحصيلة التي بين أيديكم..

كيف كانت بداياتك مع القراءة؟ وما سر هذا التعلق بالقراءة؟

 كان أول كتاب أقرأه خارج الكتب المدرسية هو كتاب «كليلة ودمنة» المليء بالقصص والعبر التي تصلح لصغار السن كما للكبار. وكانت علاقتي الأولى بالقراءة الحرة بتشجيع من والدي رحمه الله، الذي كان يطلب مني أن أقرأ له بعض كتب الأدب والشعر بسبب صعوبة القراءة عليه وضعف بصره. وكان يأخذ بيدي إلى مكتبة عامة قريبة من محل عمله، كان قد أقام علاقة صداقة بأمينها. وقد استمر ارتباطي بالقراءة فيما بعد؛ فكنت أشتري بعض قصص الأطفال والمجلات الملونة حسب قدرتي على الشراء. ومع وصولي إلى سن المراهقة والشباب تطورت نوعيات الكتب التي أشتريها، ما بين الأدب والتاريخ والدين والسياسة، حتى أثرت في توجهاتي الاجتماعية وصداقاتي وعلاقاتي التالية.

هل توافق الرأي القائل بقلة الإقبال على القراءة حالياً في العالم العربي وفي العالم عموماً؟

 حسب الدراسات المنشورة فإن هناك نقصاً ملحوظاً في الإقبال على القراءة في أنحاء العالم لأسباب متنوعة، ليس أقلها تعدد خيارات قضاء أوقات الفراغ، التي كانت محدودة في السابق، وأصبحت متنوعة جداً حالياً. ويمكن قياس ذلك حالياً بعدة معايير؛ منها انخفاض مبيعات المكتبات ودور النشر، وإغلاق بعضها، وتقليل الميزانيات المخصصة لشراء الكتب لدى العائلات. صحيح أنَّ هناك من يقرأ باستخدام الكتاب الإلكتروني لكن المحصلة النهائية هي انخفاض في منسوب القراءة الجادة والمعمقة عربيّاً وعالميّاً.

برأيك كيف يمكن تشجيع الجيل الجديد على القراءة؟

 يقال: إنَّ الأطفال يقلدون ما يرونه من أمهاتهم وآبائهم لا ما يسمعون، لذا فإنَّه لا يكفي أن ننصحهم بالقراءة، بل ينبغي أن يرونا نمسك بالكتب ونقرؤها يومياً. وأوضحت دراسة أمريكية أنَّ البيوت التي تتوفر فيها أعداد من الكتب متوزعة على غرفها فعادة ما يكبر الأطفال بها على حب الكتب والقراءة حتى دون تشجيعهم على ذلك. ولا ريب أنَّ التشجيع والقدوة عاملان مشجعان إضافيان لدفع الأطفال للقراءة. وهناك خطوات عديدة لذلك؛ منها اعتماد الكتاب هديةً للأطفال بدلًا من أمور أخرى، وإبراز النماذج الناجحة لقراء محليين وعالميين.

هل ترى أفضلية لقراءة الكتاب الورقي على الإلكتروني؟

 تكمن أفضلية قراءة الكتاب الورقي على الإلكتروني في أنَّ القراءة في الأول تمكن القارئ من التركيز على القراءة دون أي مشتتات، وهو ما يعيبه بعضهم على الكتاب الإلكتروني «أو بعض أنواعه»، حيث يصعب التفلت في أثناء القراءة فيه من النقر على الروابط الإلكترونية التي تشرح كلمة ما أو توصل إلى معلومة في موقع آخر. فضلاً عن أن القارئ لا يستطيع أن يبتعد عن المنبهات والتذكيرات «الإلكترونية» المتتالية التي تقطع تركيزه. وعلاوة على ذلك فهناك من القراء من لا يزال يفضل شكل الكتاب الورقي وملمسه ورائحته، وهو مع ذلك لا يحتاج إلى مصدر للطاقة. لكن مع كل ذلك تبقى القراءة قراءة مهما كانت الوسيلة الموصلة إليها.

ما قصة الألف مقال حول القراءة؟

كانت البداية ببضع مقالات حول القراءة، سرعان ما وجدت نفسي مأخوذاً بهذا الموضوع الذي طالما أحببته، فواصلت الكتابة حوله. وكنت كلما كتبت اكتشفت عمق المشكلة وابتعاد الناس عن القراءة، وتفرع المواضيع، فاتخذت قراري بكتابة ألف مقال. ورغم أنه قرار صعب فإنني صممت على تنفيذه بكل حماس ما دام في العمر بقية.

ألا تخشى من الوقوع في فخ التكرار عند محاولة كتابة ألف مقال؟

ثمة كثير مما يمكن الكتابة عنه حول القراءة قبل أن يضطر الكاتب إلى التكرار، خاصة حينما لا يتوقف الكاتب عن القراءة التي تعد بمنزلة المعين الذي ينهل منه ويتزود من أجل الكتابة.

ما سر تمسكك بكتابة المقال القصير مقابل كتابة البحوث والدراسات المطولة؟

من مميزات عصرنا الراهن السرعة وعدم تقبل نسبة كبيرة من أبناء الجيل الجديد للكتابات المطولة، حيث يلاحظ وجود تناسب عكسي بين طول المقال وعدد قرائه. ولذلك فبعد أن كنت قد كتبت عدداً من البحوث والدراسات المطولة، فقد تحولت إلى كتابة المقالات التي لا يزيد عدد كلماتها على 400 في الغالب، ولا تستغرق قراءتها أكثر من ثلاث دقائق، وهو ما أشعر بوجود تقبل جيد له.

هل لك أن توضح لنا فكرة «م ق ج» الذي كنت من أوائل من طرحها في العالم العربي؟

«م ق ج» هي اختصار لـ «مقالات قصيرة جداً»، وهي مقالات لا تزيد على عشرة سطور تتركز فيها الأفكار. ولا تعد هذه المقالات بديلاً كاملاً عن المقالات العادية أو عن أمهات الكتب أو البحوث والدراسات، بل هي خاصة بمن لا يطيق قراءة المواد الطويلة كخطوة في طريق إعادته إلى القراءة مرة أخرى، أو أنها بديل مؤقت عن مشاهدة التلفاز أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي. أما من يجد في نفسه الرغبة في المواد المطولة فذلك أفضل.

بماذا تنصح المبتدئين في عالم الكتابة؟

أنصحهم بأن يتزودوا من القراءة بقدر ما يستطيعون، خاصة في مقتبل أعمارهم؛ لأنَّ القراءة في هذه المرحلة مهمة جداً لتثبيت المعلومات في الأذهان، كما أنها تسهم كثيراً في تشكيل الذائقة الأدبية للكاتب، مع التركيز على أمهات الكتب، وقراءة تجارب الكتاب السابقين وسيرهم الذاتية.

هل لديك طقوس معينة في الكتابة؟

طقوسي تتنوع وتتبدل مع مرور الوقت، وأنا أطاوعها وأتماشى معها ما دامت لا تعيقني عن الكتابة. ومن أبرز طقوسي الحالية هي أنني أكتب في حوالي عشر مقالات في وقت واحد وفي مجال واحد وهو القراءة، متسلحاً بمشروبَي الشاي والقهوة السوداء، مع المشي القصير أو الحركة إما قبل البدء بالكتابة أو في منتصفها. ولا أخجل من أي فكرة تراودني ما دامت تدفعني للاستمرار في الكتابة؛ لأنَّ القراءة والكتابة أمران شخصيان يخصان صاحبهما ولا علاقة لأي شخص آخر بهما.

كيف تنظر إلى تباهي الناس باقتناء الكتب وتصويرها ونشر ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي؟

لا أرى بأساً في ذلك ما دام ذلك يشجع الآخرين على اقتناء الكتب وشرائها، ويسهم في ترويج الكتب وزيادة إقبال الناس عليها. وحتى لو لم يكن هؤلاء المتباهون بالكتب يقرؤونها بالفعل فإنَّ مجرد تصويرها ونشرها هو مؤشر على المكانة الطيبة التي تتسنمها في نفوسهم، والانطباع الذي تتركه في نفوس الآخرين.