العمل الاجتماعي في عيون آل حبيل

استحضار النماذج الإيجابية والناشطة والفاعلة بين الفينة والأخرى وتقديمها للمجتمع أمر يبعث في المجتمع حالة من الصحة، والطاقة، والحيوية، والنشاط والقوة، بل يجعل المجتمع في حالة من اليقظة الدائمة، ويجنبه الغفلة، والسبات، والخمول الفكري والجسدي الذي يؤدي به إلى التخلف، ويجعله في ركب المجتمعات المتخلفة والبائسة بدل أن يكون في ميادين السباق الحضاري مع المجتمعات المتطورة والسباقة في التحضر والتمدن، وفي عالم الصناعات الحديثة، والمتنوعة والمتطورة، بل تسعى المجتمعات الواعية والمدركة على مستوى التنافس والسبق لا في وضعية الانتظار لما يصلها من جديد وحديث، بل تكون حاضرة، وفي مستوى المساهمة والتطوير ودفع عجلة الاكتشافات، ورائدة في كل مجالات التخطيط وفي كل المجالات العلمية ليكون لها السبق، وليس في مستوى من ينتظر تملك المستحدث من التكلولوجيا وما يرتبط بها من الوسائل العلمية والحديثة. ولتحقيق هذا الحلم على أرض الواقع يحتاج المجتمع أن يبرز فيه النماذج الإيجابية والناشطة والمخلصة في كل مجال.

إحدى هذه الشخصيات الاجتماعية المؤثرة، والناشطة، والفاعلة والمحبوبة اجتماعيا لدينا، والتي يفتخر بها كل مجتمع يوجد هذا النوع من الشخصيات التي لا تكل ولا تمل من العمل الاجتماعي، والتطوعي والإصلاحي، هو الأستاذ علي حسن آل حبيل «أبو حسن»، فهو من مواليد جزيرة تاروت، وسكان قرية الربيعية، وهي إحدى قرى جزيرة تاروت العريقة تاريخيا، وثقافيا وحضاريا. ويذكر لنا التاريخ أن قرية الربيعية تأسست في عام 1922م، وتشتهر بأقدم مطار بني فيها، ويسمى مطار الرفيعة، وهو مطار أثري وتاريخي ويقع في جنوب غرب جزيرة تاروت، وهو مطار عسكري، ولعل تاريخ إنشائه في عام 1911 - 1912 خلال الحرب العالمية الأولى، وهو يعد أقدم مطار في تاريخ المملكة العربية السعودية، كما أن فيها أشهر المساجد في المنطقة وهو مسجد الخضر ،

ويعد مطار الرفيعة ومسجد الخضر من ضمن معالم جزيرة تاروت التاريخية. عرفت قرية الربيعية سابقا بأنها مجموعة من المزارع والبساتين الزراعية، وتضم مجموعة من العيون العذبة والتلال الرملية، أما حاليا فقد تحولت أراضيها إلى مخططات سكنية حديثة. تربى وترعرع الأستاذ علي حسن آل حبيل في وسط هذه القرية وبين أحضان أسرة كريمة ومتدينة ومحافظة، وتشكلت شخصيته من عدة عوامل، منها: الجانب الأسري، ويعد الأرضية الأولى التي نبتت فيها هذه البذرة الصالحة بين أبوين صالحين، والتأثر الآخر هو الجانب الاجتماعي المحيط به، حيث يشكل له البيت الثاني بما تعني وتحمله هذه الكلمة من معنى، ومن هذه التأثرات التي لامسها، وعاشها ونشأ تحت ظلها الأستاذ أبو حسن، تكونت شخصيته الاجتماعية، حتى تبلورت وأصبحت واحدة من الشخصيات الاجتماعية المهمة، والفاعلة والنشطة اجتماعيا، حيث بلغ به العمل الاجتماعي لشيء من الراحة النفسية، بل التلذذ بالعمل الخيري، بل يتسابق عليه وفق الوصايا القرآنية، حين قال ربنا سبحانه وتعالى في سورة المطففين آية 26: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ.

عرف الناشط الاجتماعي الأستاذ علي حسن آل حبيل «أبو حسن» بحبه وعشقه لمجتمعه وأبنائه منذ أن كان شابا يافعا، فهو بدأ مشواره بالخدمة الاجتماعية منذ زمن طويل، بدأه في دور العبادات من المساجد والحسينات وما يرتبط بخدمة المجتمع وأبنائه من المناسبات الوطنية والاجتماعية، كالمساهمة والمساعدة في مناسبات الزواجات «الأعراس» والدورات الرياضية الشعبية والرسمية، حتى تطورت وتقدمت شيئا فشيئا حتى أصبح رائدا في العمل الاجتماعي، وأصبحت مساحة الخدمة الاجتماعية عنده تأخذ أبعادا أوسع دون أي مقابل مالي أو حتى معنوي غير التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى وكسب رضا الآخرين، وبدون أي كلل أو ملل، بل بحب وعشق قل نظيرهما، وقد تراه مساهما في غالب الأنشطة الاجتماعية إما ظاهريا أو من وراء الستار، حتى تجذرت الخدمة الاجتماعية في أعماقه وفكره وأصبحت تشكل جانبا مهما من حياته وشخصيته.

ضمن أنشطته الاجتماعية التي ترفع من قدره وشأنه في دنيويا وأخرويا برنامجه الثقافي القرآني السنوي التي يقيمه في منزله في كل موسم مع بداية شهر رمضان المبارك، والذي يخصص طوال الشهر الكريم لتعلم القرآن الكريم لجميع الفئات العمرية وبالخصوص من هم في سن مبكر. حيث يضع لهم اهتماما خاصا، وعند نهاية الموسم الرمضاني الكريم يقوم بتكريم كل من حضر وساهم وشجع في بث الثقافة القرآنية.

وبالفعل لقد أنتج هذا المجلس القرآني المقام في منزل الأخ أبي حسن جملة من القراء وفي أعمار مختلفة تبدأ من سن العاشرة وما فوق تحت أيادي نخبة من أساتذة متخصصة في تدريس القرآن الكريم. وهذا المشروع القرآني بدأه منذ عهد بعيد حتى يومنا هذا، وهو مستمر في دفعه للأمام تحت أفكار جديدة ومتطورة تبلغ بالمشروع إلى المزيد من الإثراء الثقافي والعطاء الفكري القرآني الذي بدوره يثري المجتمع وأبناءه - نسأل الله له دوام التوفيق والسداد -.

وهذا يعد جانبا من جوانب أنشطته الاجتماعية الفاعلة والرائعة، فضلا عن بقية مبادراته وخدماته التطوعية الاجتماعية المختلفة التي يعهدها الكثير من أبناء المجتمع والمنبثقة من روحه الإنسانية، والاجتماعية والوطنية، التي تخجل الكثير من أبناء المجتمع المتقاعسين عن أدوارهم الاجتماعية. ولا أريد هنا أن أستعرض بقية ما أعلمه من أنشطة الاجتماعية التي يقوم بها الناشط والأستاذ علي آل حبيل التي قد تفوق مستوى الخيال الإنساني. كما عرف عنه أنه بعيد كل البعد عن الفلاشات الإعلامية بشقيها الاجتماعي الواقعي والتواصل الاجتماعي الافتراضي الإلكتروني، الذي يحاكي الآخرين عبر وسائل الأجهزة الذكية، وهي نافذة تظل على العالم الآخر ويتم التواصل الاجتماعي الإلكتروني بواسطتها معهم ليصبح العالم كله كالقرية الصغيرة، وهي مقولة رائجة تجري على كثير من الألسن، ومع هذا قد أجزم بأن الأستاذ أبا حسن لا يمتلك حسابا واحدا فيها غير الواتساب، وأنشأه ليسهل عليه وعلى أبناء المجتمع التواصل وسرعة الوصول إليهم ليتشرف بخدمتهم في أي وقت شاؤوا، برغم ما تحيطه الحياة الاجتماعية الطبيعة من الانشغالات الحياتية التي يمر بها كل منا، إلا أنها لم تكن يوما من الأيام حاجزا أو مانعا عن أداء مهام القيام بهذه الخدمة الاجتماعية التطوعية الإنسانية التي عاهد نفسه على أن لا يفارقها ما دام على قيد الحياة.

وهذه الانشغالات الحياتية عند البعض هي عبارة عن معوقات ومبررات قاتلة للروح الاجتماعية الفاعلة المرتبطة بالفطرة الانسانية السوية، بل أكثر ما يقال عنها أنها أسباب أو مسببات مانعة للانخراط في الخدمة الاجتماعية التطوعية والعمل الخيري تحت أي مظلة ينبثق منها إشعاع الخير، وهذا لعمري هو الحرمان بعينه.

فعندما نقدم نموذجا كالأستاذ الناشط الاجتماعي أبي حسن وأمثاله من الأخوة النشطاء ونبرزهم للمجتمع فذلك ليس لأجل الفخر بهم فحسب، إنما أيضا لأجل تمثيل القدوة الرائعة والحسنة ليكونوا دافعا، ومشجعا وقدوة لنا؛ للمساهمة في دفع عجلة التطوير والتقدم، وبهذا يكون المجتمع قد شكل له حصنا قويا وحماية اجتماعية إضافية تحميه وتساعده على صعوبات الحياة، وهذا بدوره كذلك يشكل لحمة اجتماعية ووطنية متماسكة وفاعلة يلمسها ويشعر بها كل أبناء المجتمع.












 

كاتب رأي، وموظف في القطاع المصرفي.