بر الوالدين والعناية بكبير السن والتعامل اللين تتصدر خطب الجمعة بالمحافظة
في خطب الجمعة المباركة من كل أسبوع، يحرص علمائنا الأفاضل - رعاهم الله - على الكلمة الطيبة، مواضيع فيها إيضاح لأمور كبيرة ومتعددة وهي من ثوابت الدين الإسلامي العظيم والسنن النبوية الشريفة.
خطب عظيمة، تحمل الموعظة الحسنة بأهتمام وحرص شديدين من سماحتهم بما أنعم الله عليهم من فضله علماً سديداً، وبما وهبهم سبحانه وتعالى من كرمه من فكر وحكمة، فصلاح الأمة ينبع من الداخل والقول الحسن مفتاح لكل خير، ودواء لكل داء، قال تعالى «وقولوا للناس حسناً» وقد ضرب الله عز وجل بالكلمة ”الطيبة“ ووصفها بالشجرة الطيبة قوله تعالى﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾
من المواضيع الإنسانية السمحة، والتي تهمنا وتحتاج منا جميعاً كأي مجتمع يحمل على عاتقه المسؤولية تجاه أفراده، مبدأ الحوار الهادف بالتعاون والتكاتف، تلك المواضيع التوعوية التي تبذل لها الكثير من الجهد والوقت، في صياغتها وإعدادها ثم للحديث عنها في المناسبات الدينية وغيرها، منها الإجتماعية والإنسانية والسلوكية، حيث تعاني منها وللأسف الشديد، بعض المجتمعات رغم مستوياتها العلمية الحديثة والإنتمائية المتطورة، حتى أصبحت في مجتمعاتها من السلوكيات الشائعة وظاهرة، إن تركت دون معالجة فسوف تكون عواقبها غير حميدة، وقد تحدث شرخاً في المجتمعات يكون من الصعب حلها.
إن من الواجب، الديني والإجتماعي والوطني، علينا أن نلتزم ونسعى يدا بيد إلى الرقي والبحث عن كل السبل الكفيلة بحماية شبابنا وشاباتنا، هذا الجيل الجديد الخير والذي يستحق أن ينال الإحترام والتقدير منا ومن المجتمعات الأخرى، ودعماً منا لما تبذله الدولة - حفظها الله - من رعاية وإهتمام عبر مؤسساتها الدينية والتعليمية والإجتماعية والثقافية الموقرة، حرصاً منها أن يبقى المواطن الكبير والصغير بأمان ويعيش في وطنه وبين أهله عزيزاً كريماً موقراً.
نستشهد بإختصار، بحديث لسماحة الشيخ العلامة حسن بن موسى الصفار في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع 8 ربيع الآخر 1446 الموافق 11 أكتوبر 2024 عن الإهتمام ببر الوالدين وإحترام الكبير، قال تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» وأستشهد سماحته في الخطبة المطولة، بشخصية مولاتنا سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء وسيرتها العطرة في حب أبيها رسول الله ، رسالة تحكي أروع وأنبل علاقة بين أب وأبنته وبين فتاة وأبيها، تميزاً وصفه سماحته، وفي لفتة إنسانية دعا في خطبته - حفظه الله - إلى الإهتمام بالمرأة والبنات، مستذكراً ما قد تعانيه بعضهن من جفاف عاطفي، وبمراعاة شعورهن ولوقايتهن من المخاطر المحذقة، جاء ذلك الإطراء تزامناً مع اليوم العالمي للفتاة أو الطفولة، وتحدث سماحته عن دور المرأة وأستحقاقها في المساواة وذلك بإحترام حقوقها الإنسانية والإجتماعية ورفض أي تمييز أو أقصاء لا سمح الله تجاهها.
وفي أكثر من حديث لسماحة الشيخ الدكتور عبد الله أحمد اليوسف إمام وخطيب الجمعة، يحث الجميع بتوقير الكبير، وإن تبجيله من الأخلاق الإسلامية الجميلة، ومن القيم والأخلاق والآداب في حياة المجتمعات البشرية، وهي تعزز من ثقافة الاحترام والإكرام بين الناس، ولفت سماحته إلى أمر مهم جداً، إن الإستخفاف بالكبير وإنقاص شأنه ومكانته، أمر منهي عنه أشد النهي وعقوبته شديدة عند الله عز وجل، وشدد سماحته على أن أخلاقنا الإسلامية وعاداتنا وأعرافنا الإجتماعية وفطرتنا الانسانية تدعونا إلى البر بالوالدين، احترام آبائنا وأمهاتنا وتقديم كل دعم ومساعدة لهم، فلهم الفضل الكبير علينا، فلنؤد لهم حقوقهم، ولنحسن إليهم ولنعطف عليهم، ولنظهر الاحترام والحب والإجلال لهم، وإن الإساءة إليهم وعدم البر بهم لا سمح الله، من العقوق المنهي عنه شرعاً، فقد روى عن الرسول الأكرم قوله «من أحزن والديه فقد عقهما» وعن الإمام الصادق من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما، كما نوه سماحة الشيخ الدكتور اليوسف، إن الإحسان للوالدين ليس محدداً بوقت حياتهما، بل هو ممتد حتى بعد وفاتهما والأحاديث النبوية الشاهدة على ذلك كثيرة، فعن النبي قال «فوالديك فأطعهما حيين كانا أو ميتين» ومن الروايات الشريفة عن الإمام الصادق - - قال «ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين أو ميتين، يصلى عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصلاته خيراً كثيراً».
في الختام، نقدم إعتذارنا للجموع الكريمة، مشايخنا الأفاضل أئمة صلاة الجمعة بمحافظتنا الغالية، على عدم التمكن من تغطية خطب سماحتهم في هذا المقال في المساحة المحددة، على أمل في المستقبل القريب أن نوفق بإذن الله تعالى، حفظ الله علمائنا ووفقهم الله في تقديم المزيد لدينهم ثم لوطنهم، ولمجتمعهم فيما يخدم حياتهم ومستقبلهم ويرفع من تقدمهم ويلبي إحتياجاتهم وأفراد أسرهم.