ميلاد الأمل

في ليلة ميلاد الأمل، حيث تُضاء الشوارع بزينة الفرح، وتتلألأ القلوب قبل المصابيح، تمتدّ يد الاحتفاء بالعدل القادم. ترتفع الرايات كأنها نداء الأرواح، وتتماوج أصوات الأناشيد مع عبق البخور، تحكي قصة انتظارٍ ليس فيه يأس، بل يقين بنورٍ سيملأ الأرض قسطًا كما مُلئت جورًا. الأطفال يركضون حاملين شموعًا، كأن النجوم نزلت تمشي بينهم، بينما تمتدّ أيادي الكبار بالعطاء، ترسم في عتمة الليل رسالة: ”نحن ننتظرك بالعدل الذي نحمله في قلوبنا.“

عند زاوية الطريق، توقفت السيارة ببطء، كأنها تفتح بابًا بين الزمنين. هناك، وقفت امرأة عجوز، تجاعيدها نقشٌ لحكايات الصبر، وعيناها تسطعان بشيء يشبه الأمل الممزوج بالشوق. نظرت إليّ بنظرة تحمل عمق السنوات، وقالت بصوتٍ دافئ رغم ارتجافه:

”أعطني بركة يا ولدي... لقد انتظرت هذا اليوم عامًا كاملًا.“

لم يكن في كلماتها مجرد طلب، بل كان رجعَ أملٍ ممتدّ، شوقًا لماضٍ يضيء الحاضر، حبًا لمناسبة تعيد إليها الحياة كأنها شريان ينبض بدماء الذكريات.

ثم تابعت، وفي صوتها نبرة إيمان يلامس القلب:

”هذا اليوم ليس مجرد احتفال، إنه ميلاد النور، وعد الله على أرضه، الموعود الذي خطّته الكتب واشتاقت إليه القلوب. إنه الأمل الذي يوقظ العدل في زمنٍ أثقلته الظلمات، إنه الوعد الذي تنتظره الأرواح منذ قرون. لا نحيي هذا اليوم بالفرح وحده، بل بالصبر والإصلاح، بالاستعداد لنكون ممن يحملون الراية حين يشرق فجره المنتظر.“

ابتسمتُ لها، مددتُ يدي ومنحتها البركة، لكنني أدركت في تلك اللحظة أن البركة الحقيقية كانت لي. لقد منحتني درسًا لا يُنسى، بأن الاحتفال لا يكون بما نأخذ، بل بما نمنح، بما نُحيي من قيم، وبما نحمله في قلوبنا من نور الانتظار.

نبارك لكم مولد مهدي الامة ومنجي البشرية ومنقذها بقية الله الاعظم صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن العسكري «عجل الله فرجه الشريف».

أخصائي التغذية العلاجية