على الشبيب، السعودي ”الجوردي“ الذي سجل هدفًا في ملعب ويمبلي الشهير

تعرف على اللاعب على الشبيب، السعودي ”الجوردي“ الذي سجل هدفًا في ملعب ويمبلي الشهير ويحلم بالانتقال إلى الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم.

بقلم: الصحفي البريطاني السيد مارك لوماس MARK LOMAS 

ترجمة وبتصرف: عبدالله سلمان العوامي

11 ابريل 2025م

ملاحظة: كلمة“الجوردي Geordie " تطلق على الأشخاص الذين وُلدوا أو يعيشون في منطقة نيوكاسل أبون تاين «Newcastle upon Tyne»، وتقع شمال شرق بريطانيا. وهذه الكلمة تنطبق على اللاعب علي شبيب حيث يعيش حاليا في هذه المنطقة.

من لندن: عندما يبدأ علي الشبيب بالكلام، فإن لكنته الجوردية لهجة «منطقة نيوكاسل Newcastle» في بريطانيا لا يمكن تخطئها الأذن. وعلى الرغم من أنه وُلد في الدمام «شرقي السعودية»، إلا أن الشبيب غادر المملكة العربية السعودية عندما كان في الثامنة من عمره لينتقل مع عائلته إلى منطقة نيوكاسل. التحق بالمدرسة هناك، وبقي في شمال شرق إنجلترا للدراسة في جامعة نورثمبريا Northumbria University، وهو الآن يلعب كرة القدم أيضًا في نفس المنطقة لنادي دارلينجتون Darlington.

“عندما جئت إلى هنا لأول مرة، لم أكن أعرف كلمة واحدة بالإنجليزية”، قال الشبيب لصحيفة عرب نيوز Arab News.“كان والدي يدرس لنيل الدكتوراه، لذا أحضرنا جميعًا معه، لكنني لم أكن ألعب كرة القدم في ذلك الوقت. كنت لاعب تنس. ”

“ولكن لا يمكنك أن تنشأ في منطقة نيوكاسل دون أن ترى الحب والفرح الذي تمنحه كرة القدم للناس، ولذلك بدأت ألعب، واستمررت في التطور حتى وصلت إلى مستوى جعلني أفكر في أن أُكوّن مسيرة مهنية في هذه اللعبة. ”

بعد اختياره لتمثيل فريق الجامعات الإنجليزية المرموق أثناء دراسته في جامعة نورثمبريا، يتذكر الشبيب أنه واجه لاعبين أمثال اللاعب ماسون غرينوود Mason Greenwood واللاعب أنجيل غوميز Angel Gomes - الذين لعبوا لاحقًا لنادي مانشستر يونايتد Manchester United - في بطولات كرة القدم الخاصة بالشباب.

كان الشبيب لا يزال في الجامعة عندما صنع التاريخ في عام 2021. حيث كان يلعب لنادي كونسيت إيه إف سي Consett AFC، أحد أندية الهواة خارج الدوري الإنجليزي، وساهم المهاجم السعودي الشاب في وصول فريقه إلى نهائي بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي للهواة «FA Vase» على ملعب ويمبلي Wembley Stadium، المعقل الأيقوني للمنتخب الوطني الإنجليزي. وعلى الرغم من خسارة كونسيت النهائي بنتيجة 3 - 2، إلا أن الشبيب أصبح أول لاعب من المملكة العربية السعودية يسجل هدفًا في ملعب ويمبلي.

“لأكون صادقًا تمامًا، كانت الفكرة تدور في ذهني ليلة المباراة”، قال الشبيب وهو يبتسم.“كنت جالسًا في الفندق وأتذكر أنني فكرت: لديك فرصة حقيقية للتسجيل في ويمبلي غدًا. ”

“لم أشعر بالتوتر عند دخول المباراة، ثم سجلت الهدف الأول فيها. كان الأمر سرياليًا وأشبه بالخيال، لا يُصدق. عندما تفكر في جميع اللاعبين الذين سجلوا أهدافًا في ويمبلي، تجد من الصعب تصديق ذلك، ومن الأصعب وصف هذا الشعور. ”

“الشيء الوحيد المحبط والمخيب للآمال هو أن المباراة كانت خلال جائحة كوفيد - 19، لذا لم يكن هناك جمهور للمشاهدة المباشرة والتشجيع. كنت أتمنى أن تكون عائلتي حاضرة، وأن نتمكن من الاستمتاع باللعب أمام حشد كبير. ”

وقد وصلت أنباء هدف ويمبلي إلى وطني المملكة العربية السعودية، وسرعان ما وجد الشبيب نفسه يتلقى عروضًا من الأندية السعودية بشأن عقد احترافي.

جاء العرض الأكثر إثارة من نادي القادسية، الذي كان يلعب آنذاك في دوري الدرجة الأولى السعودي. وكان الشبيب على وشك التوقيع مع النادي، لكن الصفقة انهارت بعد أن كشف الفحص الطبي عن إصابته في منطقة الفخذ. ومنذ ذلك الحين، شهد نادي القادسية صعودًا صاروخيًا، حيث يحتل حاليًا المركز الثالث في جدول نتائج دوري روشن السعودي، ووصل إلى نصف نهائي كأس الملك.

“من الصعب تقبّل ذلك، إن كنت صادقًا تمامًا”، اعترف الشبيب.“كان من الممكن أن تكون القادسية البيئة المثالية لي كي أتحسن وأتطور في السعودية. لكن هذه الأمور تحدث في كرة القدم، وأنا ممتن للفرص التي حصلت عليها. ”

“ومع ذلك، أؤمن بصدق أنه لو كنت قد وقعت مع القادسية في ذلك الوقت، لكنت لا أزال هناك حتى الآن. أعتقد أن اللعب في كرة القدم الإنجليزية منحني معرفة وخبرة لا يمتلكها أي لاعب سعودي آخر. يمكنني أن أتحمل الضغط البدني، ولكن لدي أيضًا المهارة الفنية. ”

خضع الشبيب في نهاية المطاف لعملية جراحية في الفخذ، وانتقل إلى المملكة العربية السعودية في صيف عام 2022، حيث انضم إلى نادي الساحل في دوري الدرجة الأولى السعودي. ولاحقًا لعب أيضًا لنادي القيصومة، وواجه فريق القادسية بقيادة المدرب السيد ميشيل في طريقه للفوز بلقب دوري الدرجة الأولى السعودي في الموسم الماضي.

“كان الأمر مضحكًا عندما عدت إلى وطني السعودية، لأنه رغم وجود أربعة لاعبين أجانب في الفريق، إلا أن الجميع كانوا ينظرون إلى كلاعب أجنبي أكثر من كوني لاعبًا سعوديًا”، قال الشبيب.

"كنت دائمًا على علاقة جيدة جدًا مع اللاعبين الأجانب — كان لدينا برازيليون وبرتغاليون — لأنني أعتقد أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بيننا. ولكن بالطبع، أنا أتكلم العربية أيضًا، لذا وجدت نفسي بمثابة جسر بين المجموعتين من اللاعبين داخل غرفة تبديل الملابس. من الجميل أن تكون في هذا الموقع عندما تستطيع أن تكون حلقة الوصل. ”

واجه الشبيب صعوبة في التأقلم عند عودته إلى بلد مولده، وشعر بأن تطوره كان مقيدًا بسبب التغييرات المتكررة للمدربين الذين كانوا يأتون ويرحلون باستمرار.

”لم يكن لدي أحد يأخذني تحت جناحه ليعلمني أصول المهنة“، قال الشبيب. ”اعتدت أن أسأل مدربي كيف يمكنني أن أتطور، لكن كان الأمر أشبه بمنهج ‘اصمت وواصل اللعب’؛ لم يكن أحد يبدو مرتاحًا لأسئلتي.“

”لم تسر الأمور على ما يرام في أي من الناديين، ولهذا السبب عدت إلى نادي دارلينجتون. كنت بحاجة إلى استعادة حبي للعبة، وهذا بالضبط ما حدث.“

في نادي دارلينجتون، يشرف على تدريب الشبيب المدرب ستيف واتسون Steve Watson، المدافع السابق لأندية إيفرتون Everton وأستون فيلا Aston Villa ونيوكاسل يونايتد Newcastle United، والذي أمضى 14 موسمًا في الدوري الإنجليزي الممتاز.

“المدرب ستيف هو شخص وصل إلى مستويات نأمل أنا وزملائي في الفريق أن نصل إليها يومًا ما. كما أنه صادق وصريح جدًا. استقبلني بدون تردد، وعلى الرغم من أنني شعرت بالضغط لأني قادم من نادٍ محترف في السعودية، إلا أنه فقط تركني ألعب كرة القدم. ”

“رغم أننا نلعب في دوري تميل فيه الفرق إلى إرسال الكرات الطويلة، إلا أن المدرب ستيف يفضل أن نبدأ اللعب من الخلف وأن نلعب كرة قدم حقيقية. وهذا هو الأسلوب الذي يناسبني أكثر. ”

يلعب نادي دارلينجتون في دوري الدرجة الوطنية الشمالية، وهو المستوى السادس في كرة القدم الإنجليزية، لكن الشبيب يشعر أن تجربته في هذا الموسم جعلته أكثر استعدادًا للعودة إلى السعودية.

“هناك بعض الفرق في دوري الدرجة الأولى السعودي أبدت اهتمامها بي، وربما تكون هذه هي الخطوة الأفضل بالنسبة لي في الوقت الحالي"، قال الشبيب.

“من المؤكد أنني أحب أن ألعب في دوري المحترفين، لكن هناك العديد من اللاعبين الأجانب الرائعين الذين ينتقلون الآن إلى السعودية؛ أما في دوري الدرجة الأولى، فهناك عدد أكبر من الأماكن المخصصة للسعوديين، ولذلك فهو خيار أنسب بالنسبة لي. ”

يعترف الشبيب بأن مغادرة نيوكاسل، التي كانت موطنه طوال معظم السنوات السبع عشرة الماضية، لن تكون سهلة عليه. ومع ذلك، لا يزال هناك رابط وثيق لا ينفصم بين مدينة نيوكاسل والمملكة العربية السعودية؛ فقد شاهد الشبيب بنفسه كيف تغيرت المدينة منذ أن استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على نادي نيوكاسل يونايتد في عام 2021.

“لقد كان الأمر مذهلًا منذ الاستحواذ”، قال الشبيب.“عندما أتيت إلى نيوكاسل أول مرة في عام 2008 وكان الناس يسألونني من أين أنا، كنت أقول: ‘من السعودية’، وكانوا يردون: ‘أين تقع؟ ’”

“أتذكر أنني كنت أقول لهم ببساطة: ‘بالقرب من دبي’، لأن معظم الناس كانوا يعرفون دبي كنقطة مرجعية في الشرق الأوسط. لم يكن هناك أي سعوديين آخرين في المدرسة؛ كنا نحن الوحيدين. ”

“لكن منذ الاستحواذ، رأيت الكثير من السعوديين في نيوكاسل، وهو أمر جنوني. المدينة تكنّ الكثير من الحب للسعودية بسبب الأداء الرائع للفريق. والآن، عندما يعرف الناس أنني من السعودية، فإنهم يفهمون الأمر أكثر، وبالطبع يعجبهم أيضًا أنني أتكلم باللهجة الجوردية ”