بقية أحلام
بَعُدتَ فَلَم يُجديك كَفٌ مُلوحُ
يُحَييِّ ولا شوقُ بعينك يُلمَحُ
ظَنَنتُ بِهِ خَيراً وَقَد مَالَ وِجهَتِي
بنِاظِرِهِ إِذ كَانَ بِالطَّرفِ يَسرَحُ
بَكِيتُ وَقَد أَيقَنتُ أَنَّكَ نَاكِرِي
أَكُلُّ الذي قَد كَانَ عَرضٌ ومَسرحُ
يَئِستُ وَلَم أَنطِق مِنَ الهَمِّ حَسرَةً
أأنطُق؟ قَد بَحَّ الشَّجَى وَهوَ يَشرَحُ
سُنونٌ مِنَ الأحلامِ وَلَّتْ وَقَد خَلَت
لِكُلٍ هُمُومُ فِي فِنى العُمر تَنبَحُ
لَهوتَ عَنِ الأحباب لَستَ بِسامعٍ
تَسوقُ بِكَ الأهواءُ تَجرِي وَتَرمَحُ
بَكتكَ ولم تدمع عيونٌ نَكرتها
وَأَنى لِمكثورٍ من الهَجر يُجرح
بَنَيْتُ مِنَ الْآمَالِ صَرْحًا يُقِلُّنِي
إِلَى الْغَيْبِ، قَد أَمْسَى عَلَى الظَّهْرِ يَرْزَحُ
لكِلِّ مُقيمٍ فِي فِنى القلب أَرضُهُ
إِلى أَن يَشاءّ اللهُ يَبقَى وَيَنزَحُ
فَفِي عَالَمِ الإِمكان كُلٌ وَبَذرُهُ
فَمِنهُم جَنَى الخُسرَان مِ…
[١١:٥٠ ص, ٢٢/٣/١٤٤٧ هـ] منصور آل يحيى: بقية أحلام
سألتُ بها الحاني من النفسِ راجيًا
أُحاذِي من الآمالِ جنبًا مواريًا
فقلتُ: أكف النفسَ بعضَ حنينِها
كذلك يُحيَا يائسُ العزمِ راجيًا
أجابتْ كأنَّ الحسنَ في قسماتِها
أفاضَ بيانًا مُسهبَ القولِ عاليًا
فقلتُ وقد عَنَّ الوصالِ وأوجستْ
بيَ النفسُ بين الأخذِ والرّدِ ساليًا
عِدِيني بأن تَبقَي بِقُربي ولم أزلْ
أحاذرُ سحرًا لا له الدهرُ راقيًا
تقولُ فتُصغيها القلوبُ محابِرًا
فما مثلُ حسنِ الوجهِ للقولِ راعيًا
وما حُجّةُ الأَلباب إلا تمائِمٌ
تُعِيضُ كمالَ الحسنِ في القولِ خاليًا
وإن طالت الأيامُ فارقبْ فإنّهُ
أتمُّ كلامِ الحُسنِ ما كان واهيًا
فيا حسنَها الأخاذَ مني فلم أزلْ
أُقَرِّبُ نأيًا أو أبعدُ دانيًا
أنا يابنةَ الأحلامِ غفوةٌ دالهٍ
تَشُدُّ رؤاهُ للخلاصِ التراقيَا
فقومي بنا نحوَ الكُواةِ فلم تزلْ
بقيّةُ آمالٍ تداعبُ رائيَا
وبالعمرِ لا زالت بقايا تتمةٍ
لأتلوَ بها باقي التعاويذِ راجيًا
وأرنو بها نحو الظلامِ كأنّني
أواسيه كي يبقى عن الضوءِ خافيَا
أعيدي لي الأحلامَ تنبئ بما بقي
وقد يُزهرُ الباقي من العمرِ ماضيَا
ظُنونًا أَحثُّ الخُطو عليَّ بجرِّها
إلى الغيبِ تُكسي غمرةَ اللطفِ عاريَا
فيا قاضيَ الحاجاتِ حاجةَ معسرٍ
أمضتْ به طولُ الأناةِ المطاويَا
وقشةُ غَمرٍ لم تزلْ في عبابِهِ
غريقٌ يظنُّ السُحبَ تلهفُ ناجيًا
أعيدي لي الإنسانَ، إنّي نسيتُهُ
أَيُذَّكَرُ المجنونُ إِنْ كان ناسيًا؟