سوق الأسهم الافتتاح فجراً

قبل نهاية شهر رمضان عام 1427 هـ أعلنت هيئة سوق المال السعودية عن دمج ساعات التداول في السوق السعودية وجعلها فترة واحدة لما في ذلك من الفوائد الكثيرة المرجوة في تطوير السوق وتحسين أدائها والتي بدورها ستنعكس على تحسن آخر يتوقع لتعويض بعض الخسائر التي تكبدها الناس جراء انهيار سوق الأسهم في شهر فبراير من عام 2006م.

خطرت ببالي فكرة مجنونة وهي: لماذا لا تبدأ فترة التداول بعد الانتهاء من صلاة الفجر مباشرة على أن تكون مبرمجة كالتالي:

- فتح صالات التداول لدى البنوك بعد نهاية الصلاة.

- توفير كتيبات للمتداولين تحمل أذكار الصباح وأدعيته المستحبة.

- حبذا لو تتضمن هذه الكتيبات الأذكار الواردة في كتب أهل السنة والشيعة مراعاة للتعدد المذهبي في المملكة.

- حث المتداولين وتشجيعهم على قراءتها قبل افتتاح السوق بربع ساعة على الأقل كي تعودهم على ذكر الله واستنزال الرزق من عنده في هذه الساعة المباركة.

- يبدأ التداول بعد الانتهاء من هذه الأذكار ليوفق الله الجميع ويرزقهم من عنده.

- وحرصاً على المساواة والحرية يستثنى من هذا الإجراء «التشجيعي» فئات الناس الذين لا يؤمنون بقراءة هذه الأذكار ولا بتأثيرها الغيبي في الرزقْ ويمكنهم تصفح الجرائد خصوصا الصفحات التي تعنى بالاقتصاد.
 
- للذين ينفذون عمليات الشراء والبيع عبر الانترنت لا بأس من بقائهم على وضعهم الحالي شريطة تزويدهم بهذه الكتيبات أو الصحف المعروفة.

- جاءتني هذه الفكرة المجنونة صبيحة هذا اليوم لعلمي بأنّ النوم بعد صلاة الصبح مكروه كراهة شديدة لدى السنة والشيعة ومنهي عنه حتى طلوع الشمس وأن هذه الساعة هي ساعة دعاء لاستنزال الرزق والبركة وخير الدار الآخرة أيضاً.

لو طبقت هذه الفكرة من قبل هيئة السوق لرأينا الناس كالتالي:

- النوم المبكر وترك السهر الذي يضر بالصحة العامة.

- الاستيقاظ المبكر لدى المتداولين وما يصحبه من نشاط بقية اليوم.

- عدم تضييع الوقت أمام شاشات التلفاز ليلا في مشاهدة ما لذ وطاب أو ما أحزن وأورث الأمراض والعقد النفسية لمتابعي أخبار العالم المنحوس.

يا ترى لو قدر لهذه الفكرة أن تتبلور وتصل إلى أسماع المسئولين في الهيئة ووافقوا على تطبيقها ولو بعد حين ماذا سنرى؟

الجواب:

بما أنّ الناس حريصون على مصالحهم وليس لديهم أية قوة لمنع صدور مثل هذا التعميم ستجد الصالات تغص بالمتداولين وخطوط الانترنت ستزدحم باكراً على غير العادة وسنسمع ضوضاء السيارات في الشوارع فجراً كي لا تفوت عليهم الأرباح المتوقعة «خصوصاً عندما تنتعش السوق» وهذه «فرضية وهمية من عندي» ولن تجد إلا القليل ممن يستيقظون بعد طلوع الشمس في مجتمعنا أي من ليس لهم علاقة بالأسهم أو من تابوا توبة نصوح.

لكن إذا كانت التجارة في هذا الوقت المخصص والصعب جداً مع جهةٍ أخرى تعدنا بزيادة رأس المال إلى أضعافٍ مضاعفة حقيقية وهذه الجهة موثوق بها فإن الناس لا يعيرونها ذلك الاهتمام ولا يأبهون بالوعود مهما كانت صادقة فقد قال تعالى: ﴿ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ..

إذا كنا فعلاً نحب التجارة الرابحة مع الله فما بالنا لا نعطي أي اهتمام لهذه الدعوة الصادقة من خالق الخلق وباسط الرزق الجبار ذي القوة المتين؟

أليس في استيقاظنا مبكرين استجابة لهذا النداء المبارك وأداء صلاة الصبح في وقتها ربح كبير نعجز عن إدراكه وتخيله؟

إذن لماذا تشتكي هذه الصلاة من قلة مؤديها في وقتها؟

ما الذي يجعلنا نحافظ على غيرها من الصلوات المفروضة ونضيعها؟ هل هي العادة التي جرينا عليها واستسغناها إلى أن أصبحت ظاهرة سيئة في مجتمعنا المؤمن؟

هناك من يصليها في وقتها وفي المساجد أيضاً وهم قلة رحمنا الله بالمصلين وهناك من يصليها في وقتها ولكن في البيت وهناك من يصليها في البيت بعد مرور وقت ما على الأذان وهناك من يؤجلها إلى أن يستيقظ ولو بعد طلوع الشمس ويقول: «الله كريم رحيم»..

لنعود ونسأل أنفسنا ونحاسبها قليلاً أيها الإخوة المؤمنون:

- كم عدد المساجد التي يصلى فيها جماعة في منطقتنا فجراً؟

- كم عدد المصلين فجراً فيها ونسبة حضورهم قياساً بالفرائض الأخرى؟

إن إحصائية غير دقيقة تقول بأن المسجد الذي يحضره خمسون مصلياً في المغرب والعشاء يحضره خمس هذا العدد في صلاة الفجر وهكذا دواليك.

وهناك مساجد تتسع لأكثر من 500 مصلي لا تقام فيها صلاة الفجر جماعة أبداً ولا يؤمها في الفجر أكثر من خمسة مصلين وهناك مساجد في منطقتنا لا تفتح أصلا ولا يؤذن فيها لصلاة الفجر وحق أن تكتب عليها لافتات تقول: «المسجد مغلق لأداء الصلاة في البيوت فجراً».

بالله عليكم لو جاءنا أحد الأئمة ولنفترض الإمام: جعفر بن محمد الصادق  الذي نتسمى باسمه ورأى المساجد الشيعية على هذا الحال هل سيرضى عنا؟ هل سيعتبرنا من شيعته؟ وهل نستحق لقب الموالين لأهل البيت ؟

ألسنا الذين ندعي لأنفسنا شرف الانتماء لهم؟

السنا الذين تغص بنا مجالس الذكر خصوصاً في أيام محرم الحرام بحيث لا تجد لنفسك موطأ قدم في الحسينيات إذا جئت متأخراً؟

ألسنا نتسابق إلى حشد أكبر عدد من المعزين في مواكبنا العاشورائية؟ وهو أمر يستحق الإشادة والتقدير من الجميع راجين للجميع التوفيق والأجر والمثوبة!

فلماذا لا تكون مساجدنا عامرة بنا في صلاة الجماعة ولماذا لا يحرص أئمة الجماعة على الحضور لأداء فريضة الصبح جماعة وحث المؤمنين على أدائها في وقتها حتى يصح لنا أن نقول: «اللهم عجل فرجهم».