الدكتور السيف: لم أجد مفكرا شدّد على موضوع الحرية كالإمام الشيرازي
اقرأ أيضاً
واستهل الحفل بمقدمة خطابية لافتة لعريف الحفل الأستاذ ابو أنيس العجيان ثم تلاوة آي من الذكر الحكيم للمقرئ الشاب علي حماد أعقبها قصيدة رثائية للشاعر البارز ياسر الغريب نالت استحسان الجمهور الذي اكتظت به قاعة مسجد الرفعة.
وقدمت بعد ذلك فرقة الامام الحسن بالشويكة مقطوعة انشادية من تأليف الشاعر هاني الدار اهتزت لها مشاعر الحضور الذين اغرورقت عيون بعضهم بالدموع تأثرا.
ندوة "معالجة التشنج الطائفي في فكر الامام الشيرازي"
وضمن ادارته لندوة "معالجة التشنج الطائفي في فكر الامام الشيرازي" قال الباحث والكاتب محمد الشيوخ بأن تأزم العلاقة بين أتباع الطوائف والمذاهب الاسلامية بات اليوم احد أبرز وأخطر المشكلات التي تعانيها الأمة.
واعتبر الشيخ الناصر في ورقته أن النزاع الطائفي يأتي بخلاف "عمارة الأرض" التي شدد عليها الباري عزوجل مرجعا اسباب التشجن الطائفي إلى أخطاء في سبل الدعوة وغياب العدالة الاجتماعية والسياسية.
وتابع بأن من عوامل التشنج الطائفي وجود جهات تعتاش على الأزمات في ظل تراث تاريخي مثقل تعززه بيئات اجتماعية متخلفة ثقافيا.
ورأى الناصر بأن الإمام الشيرازي وضع عدة معالجات لتجنب التوترات قائمة على المبدأ القرآني "الدعوة بالتي هي أحسن"، والاقرار بحق كل انسان بالتنعم بالسلام والأمن والحرية الدينية على قاعدة "لا اكراه في الدين".
كما شدد الامام الراحل وفقا للشيخ الناصر على نظرية "اللاعنف" المادي والمعنوي في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والدينية إلى جانب البعد عن كل ما من شأنه اثارة التوتر في حياة المجتمعات.
الدكتور السيف
من جانبه قدم الدكتور توفيق السيف ورقة اثارت اهتمام الجمهور حين سلط الضوء فيها على تأثره المبكر منذ سبيعنات القرن المنصرم بفكر وشخصية الإمام الشيرازي الذي عايشه بشكل مباشر على مدى سنوات.
وقال السيف " لو أردت أن أتحدث عن كل ما أعرف عن الامام الشيرازي لاحتجت إلى أيام".
وأضاف بأن من المهم عند دراسة الامام الشيرازي أن نضعه ضمن شروطه التاريخية وشخصيته المتعددة الابعاد "فقد جاء السيد في مرحلة تأسيس واطلاق واقلاع من الركود والسكون".
وتابع " في تلك المرحلة كان يهم السيد فكرة التمكين واعادة الثقة واعادة اتصال الجمهور بالعمل الديني الجديد".
ورأى السيف بأن الشيرازي قدم أفكارا "استثنائية" بمعيار ذلك الزمن واستطاع أن يخلق واقعا جديدا فجر خلاله التطلع والطموح وجدد حياة الناس "ولولا أمثال الشيرازي فلربما لم يتغير وضع الناس".
وقال السيف المتخصص في الفكر السياسي بأنه ومع كثرة قراءاته لم يجد مفكرا واحدا شدد على موضوع الحرية كما شدد الامام الشيرازي في كتاباته وخطبه ودروسه ولقاءاته.
وضمن تعليله لهذا المنحى لدى الإمام قال السيف بأن الشيرازي كان يرى بأن التحرر يمكن أن يتحقق من خلال العلم وأن الازدهار هو ثمرة الحرية.
وتناول رؤية الإمام الراحل حول التعصب وأنه يأتي نتيجة انحصار الفكر ولذلك تروج بضاعة المتعصبين في المجتمعات الفارغة بخلاف المجتمعات التي تتمتع بالعلم والثقافة فلا تجد فيها مكانا للتعصب لأن الناس هنا أقدر على الاختيار.
وأشاد السيف بإصرار الامام الشيرازي على المشاركة الواسعة للجمهور في الشأن العام "فقد كان يرى بأن تقدم المسلمين مرهون بمشاركة كل فرد منهم في الشأن العام وليس النخبة فقط".
وذكر في هذا السياق كيف كان الشيرازي أول فقيه اتجه في كتاباته إلى فئة الشباب بلغة مبسطة يفهمها الجميع فخرج على يديه المئات من رجال الدين والخطباء والكتاب والمثقفين البارعين الذين أضاءوا الدرب لملايين الشيعة.
وسرد الدكتور السيف جانبا من مناقبيات الامام الشيرازي بالقول "رافقته أربع سنوات كنت أراه خلالها بشكل يومي، والتقيته بعد ذلك عشرات المرات، ولم أسمع منه كلمة خشنة أو ذمّا في حق أحد حتى في أعدائه ومناوئيه".
وذكر السيف مدى تأثره باللقاء الأول الذي جمعه بالإمام الشيرازي في العام 1974 وكان حينها طالبا في المرحلة الثانوية.
وقال "كنا برفقة والدي في طريق العودة من النجف الأشرف مرورا بالكويت فزرنا خلالها الإمام الشيرازي فكانت المرة الأولى التي أرى فيها معمما يقوم واقفا على رجليه لتحية فتى صغير مثلي، فتأثرت بذلك بشدة، ودون تصنع قد كان هذا دأبه مع الجميع بلا استثناء".
مداخلات
وقال الشيخ فوزي السيف ضمن مداخلته على هامش الندوة بأن الإمام الشيرازي كان دائم التركيز على شعار الأمة الواحدة والشورى والحرية " فقد كتب ونظّر واستدل وتحرك في هذا المجال باتجاه حكومة الف مليون مسلم، دون تمييز بين مسلم وآخر".
وأضاف أنه وبالرغم من السمة الولائية العالية لآل البيت والتي تمتع بها الراحل إلا انه لم يعهد عنه التعصب الطائفي أو الرغبة في التصادم المذهبي مع الأطراف الأخرى رغم مؤلفاته التي زادت على الألف كتاب.
من جهته ركز الكاتب حسين العلق في مداخلته على جذور النهضة التي غرسها الإمام الشيرازي في فترات مبكرة من ستينات القرن المنصرم في مجالات الدين والفكر والسياسة والتي سرعان ما آتت أكلها في بزوغ حركة فكرية وسياسية غطت مساحات واسعة.
ورأى بأن من الوفاء للامام الراحل الأخذ بعين الاعتبار شمولية الرؤية في مدرسته وتركيزه الدائم على المصالح العليا للأمة وتجنب النكوص عن هذه الرؤية لصالح اتجاهات ومسارات ضيقة.
كما شارك المهندس جعفر الشايب بمداخلة كشف خلالها عن جوانب مهمة رصدها باحثون غربيون ضمن دراساتهم للتحولات السياسية في المنطقة شملت التأثير البالغ والمباشر للامام الشيرازي في جيل الشباب.
وأورد الشايب استنتاجات مهمة رصدتها باحثة فرنسية حول البحوث والكتابات والنشاط السياسي للامام الراحل وكيف انعكس ذلك مباشرة على جيل كامل من الشباب في منطقة الخليج من الذين أصبحوا فيما بعد عماد النشاط السياسي في المنطقة.
واقترح الشايب عقد مؤتمر موسع لمناقشة فكر للامام الشيرازي بمشاركة عريضة من المتخصصين في مجالات الدين والفكر والسياسة والاجتماع.
من جانبه شدد الشيخ عيسى الحماقي في مداخلته على جانب العناية بالشباب عند الامام الشيرازي مقترحا ايلاء هذا الأمر مزيدا من الاهتمام والنقاش والبحث في اللقاءات والندوات والمؤتمرات المتخصصة.
وفي معرض اجابته عن تسائل الناشط الاجتماعي محمد وحيد قال الشيخ الناصر ان معيار الولاء للامام الراحل هو الاقتداء بسيرته ومنهجيته وليس محصورا في التقليد الفقهي.
وشهدت الاحتفالية حضور العديد من الشخصيات الدينية من بينها بينها الشيخ فؤاد الخيري والشيخ سعيد المعاتيق والسيد عدنان الهشم، إلى جانب العديد من المثقفين والناشطين والشباب الذين انتظم العديد منهم ضمن لجنة استقبال واسعة.