مطلوب راقصة سعودية !

الأستاذ / فوزي صادق *

عزيزي القارئ الكريم .. هل أثيرت حفيظتك بمجرد قراءة عنوان المقال ؟ هل أشتغل عندك موتور الغيرة والحس الوطني ؟

أم هو مجرد ( زوبعة ) بداخلك كثوران علبة البيبسي ثم ناخت كما تنوخ الإبل ؟ وهل كل ماذكـرت يحدث لك عندما ترى سعودية لاتعمل وتتسكع هنا وهناك ؟ هل يدخلك الحزن عندما يهزم نسائنا جنود الشيطان (بقـتل الفراغ  وبالعمـل بكرامة ) ؟

الدنيا قامت ولم تـقـعـد عندما سمعنا ورأينا إعلاناً يقول : ( مطلوب كاشيرة سعودية ) ، أي بائعة لبعض شركات السوبر ماركت الكبرى بالمملكة ، ومع الأسف إن مصدر تلك المزامير الغيورة مع ( احترامي لرفضهم الفكرة ) أناس أكاديميين محسوبين على العقول المتعلمة المتدينة ، فكذبت نفسي وقلت ربما خانهم التفكير والتعبير وصرحوا ( بما لا يعلموا ) أو لا يعـلموا أنهم ( لا يعلموا ) .. لكن أخي وأختي معشر العقال من مصطلح ( يفكرون ) ، لو فكرنا في الأمر بروية وعقلانية ، إننا لم نرى أي جديد ( سلبي ) يهين أو يعيق أو يمس كرامة المرأة السعودية ، أو يخالف ويعاند العادات والتقاليد .. والأهم في الأمر ، والسؤال الذي يرفع رأسه : هل يعتقد أي مواطن أو مقيم ، ومهما كان منصبه وتصنيف وظيفته ، أن حكومتنا الرشيدة ستعطي الضوء الأخضر بعمل النساء ( ككاشيرات ) جزافاً ؟  وأن اتخاذ القرار تم بطريقة العشوائية التجريبية !

بل العكس سادتي ، فالأمر مدروس لامحالة ، وقد عرفت نتائجه من قبل، وماهو إلا تحصيل حاصل لأمر موجود أصلاً، وعادة ورثناها من أجداد أجدادنا .. فهل عمل المرأة حرام إذا كان لايقع في دائرة المحرمات ؟ فالنساء سادتي : عملن ولازلن يعملن على الأرض بنظام ( البسطات ) منذ ُخلقنا على تراب هذا الوطن الكريم ، وإذا ألقينا بأبصارنا ابتداءً بالمنطقة الشرقية في الإحساء ومروراً بالدمام وحتى القطيف ، ثم عرجنا إلي العاصمة الرياض والمدن من حولها، ثم اعتلينا إلي المنطقة الغربية مروراً بجدة ومكة والطائف، ومن ثم توجهنا إلي مدن الشمال الحبيبة ، وأخيراً أوقفنا راحلتنا عند أهل الكرم مدن الجنوب الخضراء ، فالكل سادتي سيرى بأم عينيه ، كيف يعمل ( أخواتنا وأمهاتنا على الأرض منذ مئات وربما ألاف السنين ) .. إذا فقط العملية هي ( تطوير ) ووضعهن خلف طاولة محاسبة !  ومنطقياً هي ( أي العاملة ) مازالت تواجه الناس ..  بل العكس ، فقد أصبحن في مكان نظيف ومكيـّف، وتعمل بنظام مقنن ببنود تحميها ، ولها حقوق ومعاش تقاعد وتأمين طبي والكثير من الحوافز التي لاتتوفر في مهنة الشوارع مع أحترامي لهن ..على الأقل سيعرف أقاربها أين موقعها من ( جملة منظومة العمل ) .

ومن يريد أن يحسبها بطريقة أخرى نحن فقط عملنا عملية ( شقلبة للوضع ) ، فبدل أن تكون المرأة ( زبونة ) واقفة في طابور الزبائن ( بين ) و(أمام ) و( خلف ) الرجال ، بدلناها كـ ( محاسبة ) ووضعناها خلف الكاشيير ومحاصرة بطاولة من حديد !

لقد قرأت رقماً يقول إنه يوجد أكثر من نصف مليون جهاز كاشيير بنفس الفكرة قابل للسعـودة النسائية ، وبرواتب مقبولة ، وحوافز جيدة ، وهي أفضل بكثير من الجلوس في البيت ، أو مد اليد لفلان وعلان  والهامزين واللامزين واللبيب بالإشارة يفهم.. ومن يقول إنه يغير على بنت جلدته ، فليمنعها من دخول السوق أساساً ! لأنها ستحاصر من قبل آدم ، سواء في طابور المحاسبة أو في  المحلات والدكاكين ، أو في مشيها في السوق أو نزولها من الشارع أو ركوبها الليموزين مع أجنبي ، أو دخولها ملاهي الأطفال ، أو في حتى سفرها وحجها وعمرتها ، لأن قدمي أدم ستحل أينما ذهبت .

أخي معارض الأطروحة : هل أنت معارض لفكرة عمل المرأة في الأصل ، وأن تبقى هي فقط سجينة الدارين ؟
أو تعارض نوعية العمل ؟ أو أنك تريد أن تعارض لتكون من المعارضين !

فإذا كنت ممن يعارض امرأة تكد من عرق جبينها بالحلال ، وتسد أفواهاً جائعة تهيم حولها قد تقع في المحضور.. فأنا سيدي أخيرك بين أمرين : فأما تعوض كل امرأة معوزة براتب شهري يحول من حسابك إلي حسابها ، أو تتركها تلجأ إلي طرق ملتوية ، قد ترميها نحو الشبهات وخطوات الشياطين .. وإذا لم يعجبك الأمر برمته حتى نهايته ولا تريد التفاهم فأنا لك من الناصحين :
 
( لنأخذ كل بنات حواء ونضعهم في كبسولة ونرسلهم إلي الشمس ، ويا باب ما دخـلك شر ) .

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
جابر العبد الله ،،،
[ القنفذة ،، ]: 25 / 10 / 2010م - 4:34 م
السلام عليكم /
تحية عطرة للجميع ،،،
بصراحة العاطلات عن العمل من النساء كثر ، ولكن بصراحة عملهن ككاشيرات اعتقد غير مناسب البته ، لأن عمل المحاسب بالأسواق يتطلب احتكاك كبير جدا بالرجال من خلال مسئولين المتجر والجزء الأكبر مع الزبائن وهم بكل تأكيد 99.99% من الرجال ،،،
مقالة جميلة ، تشكر استاذ فوزي .
2
نور
[ المملكة العربية السعودية - أم الحمام _ القطيف ]: 31 / 10 / 2010م - 6:41 م
مقال رائع..
واحببت ان اضيف نقطة لمن يعارضن دخول المراة لمجال البيع فلربما هذة الفتاة ليست محتاجة لداخل مادي ولكنها تعاني من الفراغ وهذا ما بنتشر لدينا في المنطقة فهل من الافضل لها ان تذهب في هذا الوقت لسد فراغها والانتفاع من الوقت ام تجلس هي والفراغ وانتم اعلم بالأبواب اللتي تتفتح من لفراغ .
روائي وباحث اجتماعي