مطلوب راقصة سعودية !
عزيزي القارئ الكريم .. هل أثيرت حفيظتك بمجرد قراءة عنوان المقال ؟ هل أشتغل عندك موتور الغيرة والحس الوطني ؟
أم هو مجرد ( زوبعة ) بداخلك كثوران علبة البيبسي ثم ناخت كما تنوخ الإبل ؟ وهل كل ماذكـرت يحدث لك عندما ترى سعودية لاتعمل وتتسكع هنا وهناك ؟ هل يدخلك الحزن عندما يهزم نسائنا جنود الشيطان (بقـتل الفراغ وبالعمـل بكرامة ) ؟
الدنيا قامت ولم تـقـعـد عندما سمعنا ورأينا إعلاناً يقول : ( مطلوب كاشيرة سعودية ) ، أي بائعة لبعض شركات السوبر ماركت الكبرى بالمملكة ، ومع الأسف إن مصدر تلك المزامير الغيورة مع ( احترامي لرفضهم الفكرة ) أناس أكاديميين محسوبين على العقول المتعلمة المتدينة ، فكذبت نفسي وقلت ربما خانهم التفكير والتعبير وصرحوا ( بما لا يعلموا ) أو لا يعـلموا أنهم ( لا يعلموا ) .. لكن أخي وأختي معشر العقال من مصطلح ( يفكرون ) ، لو فكرنا في الأمر بروية وعقلانية ، إننا لم نرى أي جديد ( سلبي ) يهين أو يعيق أو يمس كرامة المرأة السعودية ، أو يخالف ويعاند العادات والتقاليد .. والأهم في الأمر ، والسؤال الذي يرفع رأسه : هل يعتقد أي مواطن أو مقيم ، ومهما كان منصبه وتصنيف وظيفته ، أن حكومتنا الرشيدة ستعطي الضوء الأخضر بعمل النساء ( ككاشيرات ) جزافاً ؟ وأن اتخاذ القرار تم بطريقة العشوائية التجريبية !
بل العكس سادتي ، فالأمر مدروس لامحالة ، وقد عرفت نتائجه من قبل، وماهو إلا تحصيل حاصل لأمر موجود أصلاً، وعادة ورثناها من أجداد أجدادنا .. فهل عمل المرأة حرام إذا كان لايقع في دائرة المحرمات ؟ فالنساء سادتي : عملن ولازلن يعملن على الأرض بنظام ( البسطات ) منذ ُخلقنا على تراب هذا الوطن الكريم ، وإذا ألقينا بأبصارنا ابتداءً بالمنطقة الشرقية في الإحساء ومروراً بالدمام وحتى القطيف ، ثم عرجنا إلي العاصمة الرياض والمدن من حولها، ثم اعتلينا إلي المنطقة الغربية مروراً بجدة ومكة والطائف، ومن ثم توجهنا إلي مدن الشمال الحبيبة ، وأخيراً أوقفنا راحلتنا عند أهل الكرم مدن الجنوب الخضراء ، فالكل سادتي سيرى بأم عينيه ، كيف يعمل ( أخواتنا وأمهاتنا على الأرض منذ مئات وربما ألاف السنين ) .. إذا فقط العملية هي ( تطوير ) ووضعهن خلف طاولة محاسبة ! ومنطقياً هي ( أي العاملة ) مازالت تواجه الناس .. بل العكس ، فقد أصبحن في مكان نظيف ومكيـّف، وتعمل بنظام مقنن ببنود تحميها ، ولها حقوق ومعاش تقاعد وتأمين طبي والكثير من الحوافز التي لاتتوفر في مهنة الشوارع مع أحترامي لهن ..على الأقل سيعرف أقاربها أين موقعها من ( جملة منظومة العمل ) .
ومن يريد أن يحسبها بطريقة أخرى نحن فقط عملنا عملية ( شقلبة للوضع ) ، فبدل أن تكون المرأة ( زبونة ) واقفة في طابور الزبائن ( بين ) و(أمام ) و( خلف ) الرجال ، بدلناها كـ ( محاسبة ) ووضعناها خلف الكاشيير ومحاصرة بطاولة من حديد !
لقد قرأت رقماً يقول إنه يوجد أكثر من نصف مليون جهاز كاشيير بنفس الفكرة قابل للسعـودة النسائية ، وبرواتب مقبولة ، وحوافز جيدة ، وهي أفضل بكثير من الجلوس في البيت ، أو مد اليد لفلان وعلان والهامزين واللامزين واللبيب بالإشارة يفهم.. ومن يقول إنه يغير على بنت جلدته ، فليمنعها من دخول السوق أساساً ! لأنها ستحاصر من قبل آدم ، سواء في طابور المحاسبة أو في المحلات والدكاكين ، أو في مشيها في السوق أو نزولها من الشارع أو ركوبها الليموزين مع أجنبي ، أو دخولها ملاهي الأطفال ، أو في حتى سفرها وحجها وعمرتها ، لأن قدمي أدم ستحل أينما ذهبت .
أخي معارض الأطروحة : هل أنت معارض لفكرة عمل المرأة في الأصل ، وأن تبقى هي فقط سجينة الدارين ؟
أو تعارض نوعية العمل ؟ أو أنك تريد أن تعارض لتكون من المعارضين !
فإذا كنت ممن يعارض امرأة تكد من عرق جبينها بالحلال ، وتسد أفواهاً جائعة تهيم حولها قد تقع في المحضور.. فأنا سيدي أخيرك بين أمرين : فأما تعوض كل امرأة معوزة براتب شهري يحول من حسابك إلي حسابها ، أو تتركها تلجأ إلي طرق ملتوية ، قد ترميها نحو الشبهات وخطوات الشياطين .. وإذا لم يعجبك الأمر برمته حتى نهايته ولا تريد التفاهم فأنا لك من الناصحين :
( لنأخذ كل بنات حواء ونضعهم في كبسولة ونرسلهم إلي الشمس ، ويا باب ما دخـلك شر ) .