في افتتاح معرض مسابقة الواعدين والواعدات
أجمل المساءات النابضة بكل ألوان البهجة.
يقول الشاعر الرصافي:
إن رمت عيشاً ناعماً ورقيقــا فاسلك إليه من الفنـون طريقـا
فهي التي تجلو النفوس فتمتلي منـها الوجـــــوه تلألؤاً وبريقا
وهي التي بمذاقها ومشاقهـــا يمسي الغليظ من الطباع رقيقا
تمضي الحياة طرية في ظلها والعيش أخضر والزمـان أنيقا
ها نحن نقطف الليلة ثمرة جهود أينعت، وحصادٍ طاب جنيه.
حيث تواصل مسابقة الواعدين والواعدات بالمنطقة الشرقية تألقها، يشع منها الطموحُ والرغبة الأكيدة في السمو، إذ نحتفي هذا العام بالدورة السابعة لها، عمر قد لا يتجاوز مداه الطفولة، ولكنه في مفهوم العطاء أكبرَ من ذلك بكثير، فلقد حققت الجائزةُ مستوياتٍ قياسية تتعلق بإتقان العمل، وتطوره، والتعريف بالكفاءات.
فالجائزة في مضمونها نهجٌ للسير نحو المراتب العليا، وأحدُ دروب التشجيع للكشف عن مكامن الطاقات، واستخراجِ لآلئ الإبداع، تقوم به فئةٌ مدركة، وهذا هو ديدن الشخصيات الواعيةِ لأدوارِها، المتلمسةِ لأهدافها، والتي تشكلُ ركيزةَ بناء لمجتمعاتها. حيث أضافت الجائزة بعداً كبيراً للحركة الفنية التشكيلية على مستوى الوطن، من خلال الأعمال التي تنوعت بين الواقعية والسريالية والتجريدية.
فوصل صاحب الجائزة لمبتغاه الذي قصده، وهو تحفيزٌ لقابلية العطاء، والعملِ المتميز المتقن في الأداء، والذي يعني زيادة في الاجتهاد وعمقاً في الجدية. إنه الفنان الأستاذ عبد العظيم الضامن، ولعلنا هنا نفيه بكلمات الشكر بعضاً من حقه الذي ألزمنا به جهدُه المتواصل، وعطاؤه الذي لم يكن لينقطع إلا ليتجدد بما هو أمثل، والشكر موصول للفنان راشد الراشد الذي عكف ولشهور ثلاثة على تدريب ومتابعة المتسابقين، وبثِ روحِ الثقة فيهم. وكل التقدير لجميع الأيدي الداعمة لهذا المشروع.
فمرحى من الأعماق لكل من حمل مسؤولية بناء الوطن على عاتقه في أي مجال كان، فبنى وشيّد للإبداع صروحاً، وسقى ورعى للطموح عقولاً، ليصبح التميزُ صنعة يسهم الجميع في إتقانها.
وهنيئاً للمتسابقين والمتسابقات هذا التكريم. واسمحوا لي أن أوجه رسالةً إليهم، مؤملة في قبولهم لها بقبول حسن:
أيها العابقون بشذى الإبداع:
لا أشك لحظة أن لديكم فكراً خصباً.. وقدرات متميزة، ولأن لكلٍ منكم صوتاً يجب أن يسمع؛ ورسالة يجب أن تُقرأ؛ ومجهوداً يجب أن يقدّرَه الآخرون؛؛؛؛ حركوا أنامل أيديكم .. وأشعلوا وهج فكركم وامضوا بثبات.
أدرك أنكم كفنانين _ ناهيكم عن كونكم شباناً في يانع العمر_ تسكنكم الأحاسيسُ المرهفة، والأحلامُ المعطرةُِ بماء الورد، وقبل ذلك؛؛ تعيشون إنسانيَتكم الحقّة، التي لا بد أن تعبروا عنها في ثوبٍ مخضرٍ كاخضرار قلوبكم، ونقاءٍ كنقاءِ فطرتِكم السوية، فلتكن ريشتكم هي قلمكم الناطق بحرية ذواتكم، ولسانُكم المصرح بمطالبكم كفئة شابة لديها طموحاتُها، نعم عبروا بالريشة عن حقوقكم، كما وأكدوا بها التزامكم بواجباتكم، حددوا الهدف وتوجهوا نحوه، ولا تنسوا في مسيرتكم تلك؛ احتياجات مجتمعكم وهمومه، فأنتم جزء من صيرورته. ولكن لا تحصروا أنفسَكم في بوتقة ضيقة داخله، بل انفتحوا على من حولكم، والبعيدين عنكم، اسعوا للعالمية، وشقوا طرقكم نحوها، صوتُكم يجب أن يسمع في كل حدب وصوب، وليكن للرسم لديكم مقاصده التي لا بد تحقيقها انطلاقاً من متطلبات واقعنا، فالرسم _كما تعلمون_ ليس صورة جميلة، وألواناً رائقة، بل ليكن قبل ذلك عنواناً لقضية، وإيقاظاً للنفوس الهاجعة، وسبيلاً لعلو ورفعة الأمة. وليكن ما تبدعه الريشة هو حصاد بيادر أفكاركم، فالريشة لا ترسم على الصفحات البيضاء إلا ما يعتلج في الفكر من معنى، وفي النفس من إحساس، وهي لا تكون كذلك ما لم تكن حرة، وحريتها مرهونة بين أيديكم. وبذلك تصلون للمبتغى.