القضية الحسينية وحركة التغيير الكبرى

القَضِيَةُ الحُسَيْنِيَةُ والرِّسَالَةُ الإِنْسَانِيَة الخالدة...

إننا حينما نقرأ أو نسمع ونتأمل في القضية الحُسينية في حياتنا بكل مبادئها وقيمها ومواقفها وما جرى فيها سنصل حتماً إلى مفهوم عظيم ألا وهو أنها البوصلة الحقيقية لأنفسنا والتي نصل من خلالها لشاطئ البصيرة والوعي والحقيقة وللحق تعالى قبل كل شئ؛ ومن خلال استخلاصنا لأهم ما فيها من دروس وعبر فيها العزة والكرامة والشرف نجد أنها أعطت أهم رسالة واضحة في الحياة وهي أن النهوض للتغيير والدفاع عن الحقوق الإنسانية وإعطاءها والإصلاح في الأرض هو الأهم في حياة العالم، فلا لإذلال وإهانة الإنسان، ولا لسلب الإنسان حريته وكرامته وشرفه وعزته، ولا للجور والفساد ولا للباطل ولمن عمله وتبعه ونعم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وإلا فلا تنازل عن الحق والكرامة والشرف في الحياة إلا بالتحرك عبر الجهاد لنيل السعادة الإنسانية المطلوبة للإنسان والمجتمعات في كل مكان وهنا قال العلي العظيم في محكم كتابه الكريم: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ  "العنكبوت: 69"

الحقيقة والواقع في الثورة الحُسَيْنِيَةُ

إن في القضية الحسينية لعَبرَة وَعِبْرَة فيها الدروس المشرفة والمواقف التي اختُبرت ومُحصت فيها النفوس الصامدة والثابتة على الحق في وجه الباطل ولديكم من صور البطولة والشجاعة والإباء ما تعرفونه بالتأكيد عن من جاهدوا في سبيل نصرة الإمام الحسين  وقضيته المصيرية في التاريخ...

لنتأمل ما هو الحق الذي من أجله حارب الإمام الحسين  الظلمة والظالمين في حياته وقدم التضحيات من أجل الوصول لهدفه المنشود طول مسيرته المتعبة والشاقة وعلمه عن نفسه أنهُ سيكون مقتولاً شهيداً بلا محالة والدليل قوله بأبي وأمي: "كأني بأوصالي تُقطِّعها عُسلانِ الفلاة بَين النَّوَاويسِ وَكَربَلا، فيملأنَّ منّي أكراشًا جوفـًا، وأجربة سغبًا"

وهو يعلم أيضاً أنه يتعامل مع أنذل القوم في الدولة الأموية الجائرة «يزيد وآل أمية» لعنة الله عليهم وعلى أصحابهم وأتباعهم إلى يوم الدين..

ورغم كل ذلك لم يتنازل عن النهوض والثورة للدفاع عن دين الله ورسوله الذي يمثل الحق، ولم يتراجع  في قراره رغم أنهُ في مسيرة ركبه الحسيني فقد أصحابه وأولاده وحتى طفله الرضيع الذي لم يكن لهُ أي ذنب حتى بقي وحيداً فريداً لا ناصر لهُ ولا مُعين بين ألوف من أهل الباطل الذين أتوا لمحاربته وهم كالوحوش"لعنة الله عليهم وعلى الراضين بأفعالهم إلى يوم الدين".

لذا فلننظر جيداً ما هي الحقيقة التي يُريد الإمام  للعالم أن يعرفها عن مثلِ هذه الحُثالة الظالمة...؟

وهل كل ما فعله من حركة الإصلاح والثورة ضد العرش الأموي كان لمصالحه الشخصية أم للأمة الإسلامية والعالم بأجمع... ولماذا وكيف..؟!!

إنّ الإمام  بالتأكيد لا يريد للقضية أن تصبح ذات صورة سطحية ومجرد تحدِ وتهديد ووعيد بل أرادها أن تكون أعمق وأشمل من كل ذلك لتُؤدي رسالتها وأهدافها على مر الأزمان...

ومنها أن لا نضع أكفنا بكف الظلمة وأن لا نكون مع الظلمة في أي موقف وأن لا نعذر الظلمة وأن لا نبرر لهم أي فعل سواءً أياً كانت منزلتهم وأيا كانت مكانتهم أو قرابتهم...

يريدنا أن لا نصبح ضعفاء أمام أي منافق وفاسد وأن لا نكون ألعوبة بأيدي من لا يخافون الله ورسوله من الكافرين والمتأسلمين والجبابرة والطغاة...

يريدنا أن لا نسكت عن الظلم وأن نساند المظلومين وأن ندعمهم وإن تطلب ذلك التضحية بالنفس وبكل ما نملك..

السياسة الحسينية وإستراتيجيتها

القارئ للسيرة الحسينية المشرّفة سيرى أنّ سيدي ومولاي  انه لم يبدأ العنف إلا حينما قوبل رفضه بالمبايعة لبني أمية بالعنف حين قالوا له: "انزل على حكم يزيد وابن زياد"

فرد  بكلمة حاسمة: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد"

وبهذا فإن علينا أن نصبر على الأذى لله وحين نستنفذ كل الطرق السلمية فليس هنالك إلا الرفض القاطع والمواجهة إن تطلب الأمر.

وهكذا يجب أن تكون لنا رسالة وهدف ورؤية في حياتنا ودستور وإستراتيجية حقيقية حاسمة يجب أن لا نحيد عنها حتى نصل لما نهدف ولما نريد في خدمة نصرة القضية الحسينية المباركة.

الحركة الحسينية ومسيرتنا في الحياة

علينا واجب كبير دائماً وأبداً وهو أن نُعيد حساباتنا ونتفكر وأن نعيد صياغة أنفسنا بطرح تساؤلات هامة على أنفسنا كي نحدد وجهتنا في الحياة ونعرف كيف نتعامل مع الحقائق والواقع ومن تلك الأسئلة الهامة...

ـ من نحن وما قيمتنا في الوجود..؟

ـ ما هو هدفنا ورسالتنا ورؤيتنا وشعارنا في الحياة..؟

ـ ما هو منهجنا وما هي مبادئنا وقيمنا التي نسير عليها؟

ـ ماذا قدمنا لله ولأهل البيت  ولمجتمعنا ولوطننا ولأنفسنا..؟

ـ من قدوتنا في سلوكنا..؟

ـ من قيادتنا التي ننتمي إليها ونسير على خطاها..؟

ـ ما هي صفاتها وما هي سياستها..؟

ـ من يمثلنا ومن الذي يجب عليه أن يمثلنا ومن الذي يجب أن نعطيه صوتنا كي يمثلنا..؟

ـ وما هي مسؤولياتنا تجاه أنفسنا وديننا ومذهبنا ومجتمعنا وإلى أين وصلنا في حركتنا التي يجب أن تكون نهضوية حافلة بالتغيير للأفضل في كل شئ في الحياة..؟

ـ وهل تسمح لك نفسك أن يكون ولي أمرك أو قائدك أو قدوتك إنساناً ظالماً منافقاً خائناً لدين الله ولرسول الله ولأهل البيت  أو ذو مصالح شخصية دنيوياً متبعاً هوى نفسه وأباطيله.....؟!!

ضع الكثير من التساؤلات المهمة جداً بل الهائلة في معناها لنفسك وأجب عليها وحدد مصيرك في الحياة وما يجب أن تكون عليه واعمل ما يجعلك قولاً وفعلاً ممثلاً لدينك ومذهبك مصلحاً لنفسك ولمن حولك ولمجتمعك كما يريد منك إمام زمانك سائراً على النهج المحمدي الأصيل والعلوي والحسيني الذي ليس له مثيل مجسداً كل القيم والمبادئ العليا في سلوكياتك وأخلاقياتك في هذا العالم لتصل إلى مرحلة التغيير المطلوبة للتمهيد للنهضة المهدوية الكبرى بتأييد الله وتوفيقه...