راتبي 2750


هكذا أخبرني أحد الشباب عندما سألته عن أخباره
فقلت له :في أي عمل تعمل ؟ فقال لي بنظرات متعبة!
: عملي مندوب مبيعات لشركة مواد غذائية ( أتحفظ على اسميهما)
قلت له :كم رواتبهم ؟
فرد ببرود قاسي: راتبي 2750 وانتظر ترقية منهم .
فقلت له: إن شا الله خير والله يوفقكم ويُحسن الحال للأفضل.

   فارقته وأنا متأسف لحال الكثير من أمثاله من شباب الوطن الغالي المعيشة ،الذين تستنزفهم الشركات برواتب فقط وفقط تكفي لأقل شقة إيجار ب1300شهريا قبل التضخم الاقتصادي-  ولفواتير الكهرباء- والجوال وجوال زوجته- والبنزين – والتلفون الثابت – والمولود الجديد + حفاظات الأطفال + الحليب + ملابسهم – والمدرسة خاصة طلبات البنات – والعيد – وأقساط أقل سيارة 999 ريال ونصف – و زواج الأقارب – طبعاً ما يحتاج الواحد  أن يفكر في الحج له أو لزوجته – أو أن يفكر في سفرة محترمة بمبلغ معتبر ، (اشوف الناس رايحين جايين ،من وين قال من العراق من وين قال من إيران من وين قال من سوريا من وين قال مصر من وين  قال من ماليزيا ، والأدهى من ذلك رسائل مكاتب السفر (اتْسكر) الجوال (تِجيك) من قنواتنا الرافضية ، طبعاً والزوجة لو صبرت على القهر ما صبروا الأولاد .وكل يوم جاءتك إجازة نصف الفصل وثلث الفصل والحج والسنوية ووو ،و على قول زوجتي بلسان الحال: (من وين ياحسره) وبس شغلة الأخ يبوس فلاناً ويدق خشم فلان ،وابتسامات صناعية كالورد الصناعي على (ما ميش )أي لا شيء.


من أجل سعودة حقيقية:

أقول من أجل أن تكون القرارات الحكومية حقيقية الثمار ؛لابد أن تشجع الشباب على العمل في كل القطاعات حتى الشركات الأهلية أو القطاع الخاص بإعطاء الموظف مثل الراتب الذي يستلمه من الشركة راتبه 2500 وتدعمه الحكومة ب2500 وهنا 3 فوائد :
1- تشجيع وتحفيز الشباب على الأعمال غير الحكومية ، وتخفيف العبء عليها.
2- استقرار الشباب في هذه الأعمال فلا يفكر في ترك شركته بل يعتبرها شركته مما يدفعه لعلا قات ودية مع رؤسائه وإخلاصه في العمل.
3- تشجيع أصحاب  رؤوس الأموال على  إنشاء الشركات و توظيف الشباب لوجود الدعم الحكومي .

من أجل انتماء حقيقي للوطن:

كيف يكون الشاب منتمياً لوطنه وهو لا يمتلك حتى أبسط الحقوق وأوليات الحياة الكريمة لا بيتاً ولا حتى أرضاً لأولاده، بل لا يملك إلا قروضاً تشيبُ رأسَه ،على راتب ضعيف مترهل يهاجمه قرض الزواج – وقرض السيارة – وقرض السفر – وقرض بنك التسليف . كيف يعتز الشاب بهويته؟!! (لا ببطاقة الأحوال) كيف لا يسرق؟!! كيف لا يرتشي؟!! كيف لا يموت كمدا وقهراً؟!! وهو يعيش في أرض تفيض خيراتها عبر الطائرات إلى كوارث الأخوان في الباكستان والصومال ولبنان والأردن واليمن ومصر وووو ، وهو يعيش في بيوت الصفيح ( الشينكو- والطين) على أرض من الذهب الأسود!!

من تداعيات الراتب الضعيف:

1-بالنسبة للشاب العازب عن الزواج فأنه لا يثبت في عمل معين ،إضافة إلى إهدار راتبه على تفاهات ك:جوال جديد ب1500، دراجة نارية (دباب).من شان لدوارة مع الشباب.
2-الجلوس في الطرقات والمزارع ليلاً على المعسل ووو، وربما التعامل يصل الأمر إلى تعصي أو ترويج المخدرات وبيع السلاح الذي صار متاحاً كالسجائر ، وقد ينتمي إلى (مافيات) شلل الدبابات المتجولة في مناسبات أفراح المعصومين ع وليالي الجُمع والتي تعمل على ترويع الناس بكل وقاحة !! بدون أي حزم من قوى الشرطة !!!سوى قول جحا (ربوا أولادكم)!!!
3-قد يسبب الراتب الضعيف إلى صرف المال على (التفحيط ) ومن العجيب أن يطالب البعض بساحات تفحيط !مع ما فيه من إضاعة الوقت والأضرار الصحية والبيئية، واستهلاك عمر  السيارة . واعتباره رياضة كما اعتبر الغرب وعملاؤهم في الدول العربية ، بارات الخمور والرقص من الفنون والحريات . مع الفارق!!!
4-قد يتسبب ضعف الراتب في قلق الأب أو الأخ الأكبر مقاماً والتفكير في المستقبل  بلون مظلم للأولاد:عندي ثلاثة أولاد على زواج من وين أزوجهم يا حسرة ؟!وخالهم وعمهم الكل مقروض أو كافل فلان أوعلان .
5-قد يسبب ضعف الراتب في التقليل من شأن الشاب عند الوالدين أو الأخوان لأن الأخ فلان يعطي أمه ويوزع عيدية على أخواته كل عيد ، مو هذا البخيل الجعص، الله يخلف!!!
6-قد يتسبب في عزوف الشاب عن الزواج:(مِن وين إذا الشبكة بعشرة وبعدها شبقة ؟!)****طبعا أقترح أن نستبدل الشبكة بخاتم من در نجفي أو عقيق للزوج **** وخاتم ذهب للزوجة . بلا إسراف وبلا  فشخرة .
7-قد يتسبب ضعف الراتب في أن يكون الزوج عبداً عند زوجةٍ مدرسةٍ أو طبيبةٍ مستبدةٍ من باب المثال لا التعميم والتشنيع( إنت قوم وصلني لا تقول تعبان أني اللي شارية لك يوكن 2009 قوم وإلا سحبتا منك ُقمْ!!!).
8- قد يتسبب للأرملة التي راتب زوجها ضعيف في القلق الدائم من أجل توفير حاجيات أولادها الأيتام ، ما بين جمعية وبين خال وعم مثلاً .طبعاً نحن لسنا في سياق الحديث عن الجمعيات جزى الله العاملين فيها كل خير . بل نتحدث عن ذهنية الفقير المطربة من أجل لقمة العيش!!

أحاديث مضيئة :

1-عن الإمام عليٍّ ع(الفقرُ الموتُ الأكبر).
*تجد أخواننا المصرين مثلاً جالسين في الطرقات بلا عمل وبيوتهم تعج بالأطفال الجياع وهو كالميت لا يستطيع عيالة أولاده!!!
2- وعن الصِّدِّيق الأكبر ع (الفقر يُخرس الفطِنَ عن حُجته).
*ربما يكون لديه حجه لكنه لا يُسمح له بالكلام بل ويُطرد من وظيفته بأسهل من شربة الماء.
3-عن أمير المؤمنين ع (الفقرُ مع الدَّين الشقاء الأكبر).
*وهذا حال أكثر الشباب ذوي الرواتب الضعيفة فقير ومدين للآخرين!!!كما يقول الفيلسوف الشعبي : جوع وطق أجموع!!!
4-عن يعسُوب الدِّين ع (الفقرُ في الوطن غُربة).
*لأنه مسلوب الحقوق بطريق غير مباشر وقد لا يعرف الناس حاجته فيساعدونه لأنه متعفف .
5-عن ذي النورين ع في كلامه لابنه الحسن ع (لا تلم إنساناً يطلب قوته،فمن عُدم قوتُه كثرت خطاياه !يا بُنيَّ،الفقيرُ لا يُسمع كلامُه ،ولا يعرف مقامه،لو كان الفقير صادقاً يُسمونه كاذباً، لو كان زاهداً يسمونه جاهلاً ...).

*لقد سقت هذه الأحاديث بلحاظ تعامل الحكومات مع الفقير على مختلف الأصعدة ، فمن باب المثال : الأخطاء الطبية  الفادحة قد تمر بكل تسامح إذا وقعت على الفقير !!أما لو كان أميراً أو أو أو فأن الأخطاء غير مغتفرة بل غير واردة من قاعها! لأن مستشفى الفقير الذي لا يوجد في حمامه هوز !!يختلف عن المستشفى أبو 10 نجوم!!!
6- عن إمامنا زين العابدين ع في الذنوب التي تحبس غيث السماء(هي جور الحكام ،وشهادة الزور ،وكتمان الشهادة،ومنع الزكاة،والمعاونة على الظلم، وقساوة القلب على الفقراء).

*ربما يشير الإمام ع إلى أن كل هذه الموانع للمطر أسُها وأساسها هو جور الحكام الذي يؤثر سلباً في انتشار الخروقات في قوانين ومؤسسات الدولة.
7-قال رسول السلام نبينا محمد ص (لا خير في الوطن إلا مع الأمن والسرور).
*أسأل الله تعالى أن تنعم بلادنا بهما عبر مقايس العلم والكفاءة و العدل والحرية الإسلامية .
8- وعن المرتضى علي ع ( ليس في الغربة عار!إنما العارُ في الوطن الافتقار!!)

*ربَّما قصدُ الإمام ع من الافتقار ،هو أن تتجاهل الدول الكفاآت من أبنائها بتوظيف الأجنبي وكأنه لا كفاءات وطنية لديها. أو توظيف أبنائها بأجور زهيدة إذا ما قُورِنَت بأُجور الأمريكي والبريطاني ...!!!وربما قصده ع أن البُنى التحتية والخدمات المتوفرة للشعب لا تتناسب والثروات الهائلة، فهي  دول تتظاهر بالفقر لأبنائها عكس ما تنفقه وتظهره للأجنبي من راتب وسكن ورد اعتبار لأبسط حادث أو بلاغ أمني أو خطأ طبي مثلاً!!!
*أخيراً أقول على الشباب أن يغتنموا فرص الابتعاث و فترة الشباب و الفراغ في طلب الكمال العلمي والديني والوظيفي في وطننا الغالي  تفادياً لأسباب الفقر والتعاسة كما كان أصحاب وشيعة أهل البيت .والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا الأعظم محمد وآله الأنوار