إمام الحرم «الكلباني» وفتنة التكفير

حسين منصور الحرز *

كفانا تشظياً وتفرقاً وتشتيتا ، أما ينبغي أن يسود صوت العقل والحكمة في أوساطنا كي تبحر سفينة مجتمعنا دون عوائقٍ أو محاذير نحو بر الأمان والوحدة والألفة والإجتماع والمحبة.

لقد شاهدت اللقاء مع إمام الحرم المكي الشيخ عادل الكلباني؟ في برنامج في الصميم مع حسن معوض والذي تطاول فيه على الشيعة بالتكفير وشعرت وشعر كل إنسان يمتلك حساً وحدويا وفكراً ناصعاً وعقلاً واعياً.

بالأسف والأسى لما سمعناه من حديث لا يمكن تبريره أو إيجاد مكاناً لحُسن الظن فيه.

إن مما يؤسف له ويجعل المرء يُسأل ويحاور نفسه عن الحكمة في أن يتولى إمامة الحرم وهذا المنصب الحساس والذي من خلاله يُمكن مخاطبة جماهير الأمة بما يفيدهم ويصلحهم عبر الخطاب الذي يجب أن يمثل وحدويا يمثل وحدة جميع المسلمين بجميع إنتمأتهم المذهبية والفقهية والفكرية والثقافية، شخص بهذا المستوى من الإعتقاد والفكر التكفيري والإقصائي والذي يكفر فرقة وفئة من المسلمين لها وجودها وفاعليتها في هذا البلد الذي ينتمي له هذا الشخص. فهذا الفكر الإقصائي االمتهالك والذي ينفر ويفرق جمع شتات المسلمين بل ويضع الحواجز والعقبات والموانع التي تفصلهم عن بعضهم البعض هو الذي تسبب ولا يزل يتسبب ويعمل على تمزيق وحدة الأمه وتشتيتها وتأخرها وتخلفها ويفرخ الكثير من حواضن ومنابع الإرهاب والتطرف والعصبية والجهل في مجتمعاتنا كما يسئ إلى سمعة هذا البلد وقيادته التي تنص على أن جميع من في هذا البلد من المنتمين للإسلام.

إن ما ينبغي وما يتوجب على من يكون في موقع يمثل المسلمين في الموقع والذي هو قبلة يتوجه لها المسلمون ومن يتصدى للشأن العام وقضايا الأمة أن يكون من دعاة الوحدة والإئتلاف والتلاقي بين المسلمين بشتى مذاهبهم وأطيافهم وفئاتهم، فهذا المنصب هو ليس لفرقة معينة أو فئة معينة بذاتها بل هو موقع يجب أن يكون لمن يستطيع أن يكون ممثلاً هذه الأمة بكل فئاتها وأطيافها ومن يدعوا لوحدتها ونبذ كل عوامل الفرقة والإختلاف فيها.

إن من يقول بتكفير الشيعة وعلماءهم فإنه لن يحصر تكفيره لهم بل إن هذا التكفير ليس محصوراً بأبناء الطائفة الشيعة في السعودية فقط فهو يتعدى إلى تكفير كل الشيعة في البلاد الإسلامية مما ينذر بتطور خطير ومقيت عبر فتنة التكفير التي لا تنحصر في رقعة جغرافية معينة بل تتعداها لكل بقاع الكرة الأرضية مما ينذر بازدياد رقعة العنف والقتل على اساس الإنتماء المذهبي والعقدي.

إن الخطورة تكمن في تداعيات هذه الفكرة وتبعاتها وما يمكن أن تؤدي به من فتن وقلاقل بين أبناء الوطن الواحد وقد تتجاوز حدود الوطن كي تصل إلى ما يجاوره وإلى جوار الجوار من بلدان أيضاً من دول وطوائف مما ينبغي التصدي لمثل هذا الفكر ومحاولة وئده والقضاء عليه في مهده قبل أن يستفحل شره ويعظم أمره ويشتد خطره على كافة أبناء الأمة الإسلامية جمعا.

إن صدور هذا الكلام وفي مثل هذا الوقت هو دعوة مبطنة وفتوى صريحة وشرعنة وتحريض على ممارسة الإرهاب وحث على إشعال فتيل الصراع المذهبي في هذه الأمة وما يتبع هذا الكلام الذي يعتبر بمثابة فتوى صريحة لسفك الدماء وانتهاك الحرمات بالاعتماد على كفر الشيعة فإن دماءهم وحرماتهم هي حلال لمن يحاول أن يُلحق الأذية بهم أو يريد محاربتهم.

إننا عندما ننظر إلى أصحاب الفكر التكفيري في عالمنا الإسلامي وتاريخهم فإننا سنجد أنهم لن يكتفوا بتكفير الشيعة وتنتهي هذه المسألة وتتوقف عند حدود تكفيرهم وتصريحهم ولن تتجاوزه إلى أبعد من ذلك، لا وللأسف فإن من يكفر الشيعة اليوم فإنه سوف يكفر الصوفية غداً والأباضية والأزارقة بعد غد ، ولن يرعوي أو ينتهي حتى يكفر من يشاركه المذهب والوطن والمدينة والقرية التي يعيش معه فيها.

فجماعة التكفير والهجرة المصرية وغيرها من الجماعات التي كفرت الحاكم والمجتمع بناءً على ذلك. تبنت مقولة إن كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعا وتلك مقولة مؤسسها مصطفى شكري.

وكذلك لا ننسى تكفير الليبراليين على يد عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية الشيخ صالح الفوزان إلا مثال واضح إلى أن أصحاب هذا الفكر التكفيري ليس لديهم ثوابت معينة في التكفير غير اتباع أهوائهم.

وما يحدث في الجزائر من صراع وقتل وسفك دماءٍ واختلالٍ واختلاف وغيرها من البلدان التي لا يوجد بها شيعة الا مثال واضح لتلك الأزمة التي يعيشها ويعايشها أولئك التكفريون فإن منبع أولئك وهؤلاء هو منبع واحد يولد ويتوالد وينتمي له أصحاب هذا الفكر ودعاته.

فأحمد شاه مسعود الطاجيكي والذي قاوم الروس لمدة 20 عاماً ولم يستطيعوا الوصول لقتله لم يُقتل على يد الروس أو الشيعة في إفغانستان وإنما قتل على يد البشتون السنة الذي يشترك معهم في نفس الوطن والمذهب لكنه استُبيح دمه ولم تغفر له سنوات جهاده ونضاله والذي كان فيها قائداً من أجل تحرير أفغانستان من الروس.

لذا ينبغي التصدي لمثل هذه المحاولات التي تحاول أن تُسقط الأمة في وحل ومستنقع الفرقة والشقاق من خلال هدم ثوابتها وعبر زرع بذور الفتنة والإختلاف فيها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
الموالي
[ أم الحمام - القطيف ]: 10 / 5 / 2009م - 5:48 ص
الأخ الأستاذ / حسين بن منصور الحرز
إنني أقدر لك هذا الحس الوطني والحرص على تماسك لحمة النسيج الإجتماعي على إمتداد الوطن . ولكن لا تخف من ( نقيق الضفادع ) فمثل هؤلاء الناس لا يمثلون إلا أنفسهم ، كما في المقابل أيضاً ( من الطائفة ) من يتعمد فتح الكتب الصفراء ويحاول جاهداً بث الروح في ( اللاة والعزى ) الجهل موجود في كل مكان وسيبقى ما بقي الإنسان . المهم أن نرتفع بوعينا عن هذا القيئ المنفر وأن نمتلك التنظيم المحكم لمعالجة الأمور في إطارها السليم دون إنفعال أو ردة فعل عمياء . حفظ الله الجميع من كل مكروه . ولك تحياتي .
2
المستقل
[ السعوديه - القطيف - ام الحمام ]: 14 / 5 / 2009م - 1:45 م
عزيزي الكاتب انا ايضا مستغرب و لكني مستغرب لاستغرابك من الموقف كأنك كنت تتوقع منه أن يأخدك بالاحضان على العكس ما حدث هو الطبيعي و المتوقع و الغير متوقع ردة فعلنا و ياللاسف اثبتنا اننا مجتمع ردات فعل لا مجتمع فعل.التاريخ يثبت لنا ان هذا التوجه أسس ليكون نقيضا لعقائد الشيعه. انا ما يدمي قلبي رغم كل ما يحدث ما زلنا مجتمعا مبعثرة اوراقه يفتقد الى مضلة يتفق عليها الكل تعنى بأمورنا تتواصل مع الاخر تستبق الاحداث برنامجها واضح عملها منظم تغلق الابواب على الاخرين و لكن يؤسفني أن اقول بأننا حتى في تطبيقنا لاي عمل شرعي نطبق كردة فعل فعندما يرحم فقيها ما شيء معين نسارع لتطبيق العكس و ياللاسف كيف نرتقي و نحن مجتمع قشور لا لب نعيش نفس ازمة الثوب القصير و اطالة اللحيه بصورة اخرى .
شاعر وأديب