انتصارُ مدينة
لم اعد استطيع أن إكممَ نفسي الى الأبد ، حاولتُ جاهداً أن اكذبَ نفسي..لم استطع أن؟ عندها تجولت في فضاء الدنيا لكن بقليل من القيود حتي لفظتُ انفاسي على إحدى البوابات الكبيرة ، اعتقدت في البداية بأنها مؤصدة ، تقربتُ اليها بقليل من الشجاعة لعلِ ارى حارسها ، ناظرت اليمين والشمال وعلى الطريقة الأمريكية وقلت ..هلو..هلو آني بودي دير.."هل هناكً أحد" لا احد يجيب الهدؤ والسكون رديفان بعضهم ، يبدو أن المدينة خالية كما تظن ، ومع خطوة الدخول ذهلت مما رأيت!!
حركة دؤوبة في هذه المدينة واكثر ما ترى جميعهم مترجلين مشياً للوصول إلى مقاصدهم ، يستديرون اليك ببتسامةٍ جميلة مرحبين بقدومك بينهم ، و عجاج اليوم مليئٌ بالنشاط ، تتودد إلى نفسك من إثارة هذه المدينة ، عندها تصادفُ أن تكون في احدى الزوايا ترفعُ فنجانك ..ترشفُ منه .. تهاودُ بعينٍ واحدة.. وتقرأ بالثانية ، تتلظى معرفتهم جميعاً وتبادر بجميع الأسئلة السجينة القابعة بين نوافذ الزمن ، ومما يثير قمعُك هو ان لكل مشهد له جزئهُ في هذه المدينة تُكاد ترى كلٌ يقدحُ كتاباً بيده ، مسطراً بفكره كما يبدو ، وما ان تذلُ فنجانك لتقطع الشارع الآخر وعلى ابواب معادنها يستشرق فكرك لأبعد مايكون.
المنظرُ مهيب تكاد تكون قوافلٌ من المثقفين والقراء وكلُ اطياف البلاد يقرأون مستقبلهم في ملحمةٍ جميلة ، عندها تقدمتُ خطوةً وبعد تحية الصباح نظر أحدهم وعرفني بنفسه اولاً وعرفت انه سلمان وشرحتُ له وصولي الى هذه المدينة الرائعة القائمة على ذاتها وحصنها ، تأكلُ.. تقرأ.. تعمل بكل ذاتية وديناميكية.
وبين حصاد اليوم تنبها الحاضرين الى جلسة اليوم ، مبدئين يومهم بالدعاء والفرج ، اخذتُ مقعدي مع سكونٌ مهيب ، عندما استلقى أحدهم وقال ، ديمقراطيتنا وطئت وحاضرنا انتُهك واعلامنا و راياتنا تتنابز بالإنهيار امام الجبروت الأعظم في قمعنا واحداً تلوا الآخر ، عندها سمحت لنفسي ان انطق بفوائدَ حضارتي وديمقراطيتي لأنقلها اليهم.
قبل بادئ ذي بدء. استشرقت من ان المدينة عامت في طوفان القهر والقمع والقتل لكلمة حق كانت مؤجلة منذ زمن طويل ومع الوعود والنحيب لم يستجب الجبروت الأعظم لمطالبهم ، الا الدفع اخذ مقامه في خروج كثيف ينادون بالإصلاح الى حياة كريمة ، واستنشق البرلمان نشاطه في التشريع ومخاطبة ضمائر العالم والأنسانية من أن يعود النور الى اهل هذه الجزيرة وذلك بأطلاق رموزهم الى ارض الوطن بما فيهم المواطنين الأبرياء في زنازين الحمية ، الا ان قهقهات الضحك بدأ يعلو مع صوت الحرية منادين بأن الوطن تحرر.
بدأت التف ذات اليمين والشمال لعلى اعرف السبب كي يبطل العجب ، عندها التفت اخي سلمان وهو يبتسم وقال: اخي الكريم ، هذه الجلسة الأولى للبرلمان الجديد بعد عناءٍ طويل ابتلينا بمخاضٍ أليم ولكن القدر امنحنا قوته والتحمنا كما ترى.
عندها سمعنا النشيد الوطني وغادرنا المكان مع ابو علي وسلطان.