«بحق الله»لا تحسدونهم !!

 

مُعظمنا يعتقد أن الحياة المثالية ليست تلك التي يحياها كل منّا ، بل هي تلك التي يعيشها الآخر ، بينما الغنى الحقيقي هو أن ترضى بما كتب الله لك ، دون النظر لما في أيدي الآخرين ، وعلينا أن نؤمن بحكمة الباري عزّ وجل فيما قدّره لنا من رزق ، المهم أننا نعمل لتحسين وضعنا متطلعين للتوفيق لنا من اللطيف الخبير ، وعليك أن تؤمن بأن " ما لا تستطيع الحصول عليه هو ما يناسبك حقاً " فالخير كل الخير فيما تحت يديك ، لا ما تنتظره من الأيام في حسرة والذي ربما لا يأتي أبداً .  

إنّ إعتقادنا غير المنطقي والخاطئ بأن الآخرين أكثر سعادة منا هو ما يجعلنا نشعر بالحزن بإستمرار ، لا بل بالتعاسة ، ينتابنا شعور غريب بأن معظم الناس أكثر سعادة منا ، ولا شيء أبعد من الحقيقة عن ذلك على الإطلاق ، وفي هذا الشأن يقول أحد الحكماء :       " أنظر إلى ما لدي وأُفكر بأنني تعيس ، ينظر إليّ الآخرون فيظنُّوني سعيداً " .

 من السهل جداً أن نقع في فخ الإعتقاد بأن كل الناس ما عداك أنت ينعمون بحياة سهلة وسعيدة أكثر من حياتك أنت ، لكنك ستجد يوماً أن هناك من الناس من يمتلك بيتاً أفخم من بيتك ، ويقود سيارة أحدث من سيارتك ، ويرتدي ملابساً في قمّة الأناقة وأبهظ ثمناً من ملابسك ، ويشغلون وظيفة أفضل من وظيفتك ، لكن مدى سعادتهم شأن آخر . فإذا كانوا يحسدون أشخاصاً يمتلكون أشياء لا يملكونها هم ، فمن المؤكد أنهم غير سُعداء .  

لا يمكنك أن تكون حسوداً وسعيداً في ذات الوقت مهما حاولت جاهداً ، فالحسد والتعاسة يترافقان دائماً يداً بيد ، من الخطأ أن نحسد ولو شخصاّ واحداّ في هذا الكون ، ومن أسوأ أبواب الحسد هي " المقارنة " والتي تجعلك تفقد الإحساس بجمال ما لديك ، وتنتزع منك نعمة الرضى بما أنعم الله عليك سبحانه وتعالى . 

أحد أهم العوامل التي تسهِّل الإستمتاع الكامل بالحياة هو التخلص من الحسد تجاه الاخرين ، فالحسد هو في الواقع الرضى والسعادة التي تظن أن الاخرين يمتلكونها . كثيرون من الذين نحسدهم ، لا بل مُعظمهم ليسوا اكثر سعادة منا . حتى أن عدداً كبيراً من المشاهير الأثرياء لا يشكلون هدفاً جيداً لغيرتنا . وهذا هو أحدهم يقول : " بحق الله ، لا تحسدونني ، فأنا أيضاً أعاني من مشاكل مؤلمة " .

إنّ الإمتنان لما لديك يصنع العجائب لصحتك النفسية والعقلية ، لتكون سعيداً عليك أن تشكر الله على أشياء كثيرة تملكها في هذه الحياة – وهناك فعلاً أشياء كثيرة تملكها – ليس عليك سوى أن تنظر جيداً من حولك وكفى . تحياتي . 

ويغنى غني النفس وإن قلّ مالهُ      ويفنى كثير المال وهو ذليلُ

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
فائق المرهون
[ القطيف - أم الحمام ]: 5 / 5 / 2011م - 1:48 ص
الأستاذ ابراهيم / وفقه الله
بدون أن أدري جعلتني كلماتك العذبة أسترجع القصيدة المشهورة المنسوبة للإمام الشافعي :
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفسا إذا حكم البقاء
كم هو جميل أن تخوض بنا في معنى القناعة والرضا وتجنب الحسد , الذي هو اليوم آفة الآفات و مفرق الجماعات .
و لست هنا ممن يضيف عليكم , فقد أجدتم كما هو العهد .
ولعلي بتواضع لا أجد أبلغ من بيت الدكتور مانع سعيد العتيبة :
و كن سعيدا مدى الأيام مبتسما
من يخلص الحب يستعذب مآسيه .
__طابت لياليك مقمرة .
2
ابراهيم بن علي الشيخ
5 / 5 / 2011م - 11:41 ص
أخي المتفوق دائماً ..
الأستاذ : فائق المرهون
أشكرك على مداخلتك القيمة ، وإضافتك الرائعة التي تعكس عمق ثقافتك ، وإمتداد أُفقك ، فكلما جادت إطلالتك ، عمّ الوعي دون قيود . بُوركت من نديم .
إستشاري سلوك وتطوير موارد بشرية