معجبات بن لادن .!

 

 

أن مراقبتي لأصداء خبر قتل بن لادن الذي أعلن عنه في الثاني من مايو الماضي2011 كان أكثر مفاجأةً من الخبر نفسه واشد وقعاً ، حيث كنت أتوقع أن تخرج بعض الأصوات الخجولة التي تترحم عليه وتعتبره مثالاً للمسلم المجاهد والغيور على الإسلام ، لكن الحقيقة كانت أكبر من ذلك فالأصوات عالية والتبريرات جاهزة والفكر هو نفسه التي عشش في العقول المريضة ، وان كانت أصوات الدول التي تدعم مثل هذا الفكر لم تخرج ولم تترحم ولم تستنكر خوفاً من زعل حليفتها أمريكا إلا أن أصوات كثيرة ممن يحسبون من مواطنيها علت ترحماً وربما حزناً على فراقه.!

بن لادن ومع كل أعماله الإرهابية الانتحارية الذي أبتلي بها العالم والإسلام معاً لم يعطي مبرراً للنبذ والاستنكار لدى البعض بل ذهبوا يبررون أفعاله ناسين أن من بين ألاف ضحاياه مسلمين أيضاً.

والأنكى من ذلك نسيان هؤلاء المعجبين الويلات التي طالت الإسلام والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ..!؟ ، حيث أصبح الإسلام في الرأي العالمي هو المورد الأكبر للإرهاب ، وأصبحت صورة المسلم لا تنفك عن صورة السيف و حمل السلاح والرغبة في القتل وسفك الدماء ، متناسين السبب وراء قدوم أمريكا إلى افغانستان وإعلانها الحرب على الإرهاب وتحت السطر "الحرب على الإسلام" ، ومن أعطى تبريراً جاهزاً وذريعة قوية للقوا ت الأمريكية للقدوم وعبّد لها الطريق بالورود والقبول الدولي دون أن يعترض احد .

إن المصيبة العظمى التي ابتليت بها هذه الأمة في هذا الزمان اختلاط المفاهيم وتحريف الحقائق فـ الإرهابي قبل أن يموت مجرم وبعد أن يقتل يكون شهيداً مجاهداً مع علمهم في الوقت نفسه استباحته لدم المسلم ودفع الانتحاريين وقتل المسلمين في الوطن العربي والإسلامي قبل الغرب ، فهل مشكلة العرب إنها تنسى بسرعة وتتعامل مع الأمور بعاطفتها الآنية فقط .! فتباً لزمن يجعل المجرم شهيدا ويلبس الحق بالباطل .

فلا يكف المعجبين عن جعل "صدام" و"بن لادن" أبطالاً ورموزاً للإسلام رغم كل جرائهم المعترف بها محلياً ودولياً وقانونياً وعرفياً فضلا عن تبرئ الإسلام منها ، الأمر الذي جعلني أتساءل :هل كل من قُتل بيد الأمريكان يغدوا شهيداً مهما كان قبل ذلك وهل كل من تشهد الشهادتين مسلم يحسب على المسلمين مهما كان فكره وكفره ؟

 نحن في زمان لو عاد فيه فرعون المتجبر لكان شهيداً أيضاً و"لا عجب" لأنه آمن برب موسى عليه السلام قبل لحظات من موته ونطق بها لسانه فهل كان نطقه لكلمة الإيمان عفوا إلهياً محا كل ذنوبه أم استحق عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة فكان مثله كمثل صدام حسين تجبراً وطغياناً.! .

إنك في زمان العجائب حين تقرأ عن كاتبة "بالغة عاقلة مسلمة وأظنها أكاديمية" تتأوه على بن لادن متمنية لو كانت زوجته..! فحرياً بك أن تصفع رأسك علك تحلم وأنت تقرأ تغزلاً برجل الإرهاب الأول من شابة مسلمة أو لعله هذا هو الإسلام بنظرها..!

لم أهتم بعنوان المقال إذا اعتدنا على العناوين المثيرة والساخرة ولكني عبثاً كنت أحاول الوصول لنقطة الانقلاب في النص ورؤية ما يفند المقدمة كبداية ساخرة ولكني أنهيت المقال لنقطة النهاية منصدمة من جدية الكاتبة التي اختلطت عليها الأمور أكثر مما نتصور فراحت تمجد شخصيته وأفعاله متناسية بذلك قوله تعالى : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) "النساء93" ، هذا الفكر الخطير على الأمة حالة يعيشها البعض ويستميت في الدفاع عنها وكل ماعدا ذلك باطل ، فهل تعي الكاتبة أن "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" أم أنها لم تقرأ إلا آية الجهاد أسوة بـ بن لادن الذي لم يعترف إلا بها على مبدأ الآية الكريمة (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) "سورة البقرة 85" ، لما لم يقل النبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله " إنما بعثت لأقاتل الناس على الإسلام " بدل أن يقول " لأتمم مكارم الأخلاق" ، ثم هل تستطيع الكاتبة ذكر الفائدة التي جناها الإسلام والمسلمون من عمليات القاعدة في العالم سوا تحويل الإسلام من الإسلام الحنيف إلى الإسلام العنيف ؟.


فكر لا يعي من ينتهجه إنه يوجه ضربة للإسلام دين السلام والمحبة فضلا عن جرح مشاعر المسلمين الذين عانوا وفقدوا أبنائهم وأعمالهم ودراستهم بسببه ، فما زال المسلمون يدفعون فاتورة إرهابه حتى يومنا هذا "ولو طالكِ شيء من الحساب لمَا قلتِ ماقلتِ" .

من جانب أخر..هل تعاني الكاتبة من فراغ عاطفي يجرها إلى كتابة هذه الأمنية الجريئة وتصرح بها للملأ أم أنها البهرجة الإعلامية ولفت النظر  وأكتب ياكاتب .. ، وان كانت صادقة في أمنيتها "وليس كل ما يتمناه المرء يدركه" فلا يسعني أن اختم إلا بتهنئتها بقولي : أن كان أسامة قد مات فمازال أبناء لادن كُثر في العالم فلتختار ما شاءت منهم ولكن دون أن تتذمر أن كانت هي الزوجة التاسعة أو العشرون ، متمنين لها حياة جهادية مثيرة "لا تثير غيرة النساء" .

 وهل تكون " خلود" حالة فريدة وشطحة نادرة ، أم أن المفاجآت مازالت تخبئ لنا المزيد من المعجبات ممن يختبئن خلف العباءة!