سجناء أحرار
السجن غرفة صغيرة تحيطها الجدران الصماء.. من جرب دخول السجن سيدرك إنحباس أنفاسه.. وضيق صدره.. والكمد الذي يعتصر فؤاده من سلب الحرية التي تنعم بها كل طيور السماء ..الحرية هي حلم الطائر الحبيس.. الحرية هي أمل السجين المظلوم ..
إلا أن التاريخ ينقل لنا عجائب من أبطال السجون، فيوسف الصديق (عليه السلام) يروي لنا الله في حقه قرآناً يتلى آناء الليل وأطراف النهار إذ يقول ناعتاً السجن : " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ .."، فسجن المعاصي أكبر وأعظم وطأة من كل السجون المادية .. وإن كان السجن مهولاً كسجن غوانتنامو أو أبو غريب !!
وهذا رهين السجون الإمام " موسى بن جعفر الكاظم " (عليه السلام) باب الحوائج إلى الله، بطل آخر من أبطال السجون المرموقين، يلقيه هارون الرشيد في عدة سجون حتى يصل به المطاف إلى طامورة السندي بن شاهك ، إذ لا ضوء لنهار هناك، ولنسمة لهواء فيه، غير أن الحكايا تحكي أن الجنة كانت معه، فهو في بساتين العبادة يحلق بسجادة صلاته ..
فالسجن أمسى له روضة من رياض الجنة.. فحمد الله أن فرغه لعبادته..
وسجناء الرأي الأحرار المقهورين اليوم .. هم امتداد طبيعي لؤلئك الصالحين المسجونين، فمن كان خطاه على أثر الأولياء المجاهدين؛ فليبتسم وليشرب الشاي هناك، فهو في ربيع لا يعرفه السجانون الذين يعيشون الجحيم وإن تمنى الجاهلون حياتهم القبيحة !!