قراءة في أسباب نجاح ثورة 25 يناير مقاربة ميدانية أولية
ثورة الشباب في مصر
في الثورات هناك أسباب انتصار وعوامل هزيمة، ولعلّ السائد المنتشر في التاريخ أنّ الثورات لا يتم تسليط الضوء الدراسي عليها في حينها؛ لشحوب المعلومات عنها، وانتظار الزمن الذي يتكفل بخروج بعض أسرارها ومجرياتها عبر ما يبديه بعض رموزها في مقابلاتهم أو مذكراتهم، أو غيرهم فيما يلتقطونه من أخبار ومجريات.
بيد أنّ الأمر في ثورات الربيع العربي مختلف تمام الاختلاف عن ذلك، فهي تأتي في زمن العولمة والكوكبة والقرية الكونية والثورة المعلوماتية وثورة الاتصال وسيادة الفضائيات؛ مما يتيح للمشاهد متابعة الأحداث أولاً بأول، وفي زمن حدوثها.
ومن ثمّ أمكن الوقوف على الثورات العربية، ومعرفة أحداثها، ومعرفة الرأي الرسمي والشعبي حولها، وردود الفعل العالمية تجاهها.
وقد كان نجاح الثورة في تونس ومصر حدثاً فريداً في الربيع العربي، فقد استطاع أن يزيح نظامين دكتاتوريين، مكثا على صدر شعبيهما عقوداً متطاولة من الزمن، فقد مكث زين العابدين بن علي في سدة الحكم 24 سنة [1987ـ 2011م]، ومكث حسني مبارك 30 سنة [1981ـ 2011م].
ولعلّ المعاصرة للحدث ونجاحه سببان أساسيان يدفعاننا إلى الوقفة التأملية؛ للقراءة والاستلهام، غير أنّا في هذه الدراسة سنفرد الحديث لثورة مصر، وعوامل نجاحها، وسوف نقف عند العوامل التالية:
الأول: تحرّر الضغط الجمعي:
في الذاكرة الجمعية للشعوب تتراكم المشكلات التي تخلقها الأنظمة والسلطات، ولكنّها لا تُنسى، وقد يأتي زمان لانفجار ذاك الضغط وتحرّره، وقد يكون هذا الانفجار على صورة ثورة شعبية تسعى لتغيير وجه النظام، وإحلال آخر مكانه.
وفي مصر تراكمت أسباب مباشرة وغير مباشرة تدعو للثورة، ومن بين المباشرة: تطبيق قانون الطوارئ، وقسوة الشرطة، ورئاسة حسني مبارك الداعمة لإسرائيل، المتشددة مع الإسلاميين، وأثر رئاسته تلك في التدهور الاقتصادي والاجتماعي المصري، وتدهور التعليم، وارتفاع معدلات البطالة والجريمة، ومن الأسباب المباشرة ـ كذلك ـ: الفساد السياسي، وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة عدد السكان مع زيادة معدلات الفقر، وتصدير الغاز المصري لإسرائيل منذ سنة 2004م بأسعار بخسة، حيث يُصدّر لها بـ 2,5 دولار للمتر، بدلاً من 10 دولار للمتر حسب سعره العالمي.
ومن الأسباب غير المباشرة: انتخابات مجلس الشعب التي أُجريت قبل الثورة بشهرين، وحصل فيها الحزب الحاكم على 97% من مقاعد المجلس، ومقتل الشاب خالد محمد سعيد في الإسكندرية في 6/ يونيو/ 2010م على أيدي اثنين من رجال الأمن المصري ومخبري شرطة (سيدي جابر)، وتفجير كنيسة القديسَين في الإسكندرية في منطقة (سيدي بشر)، الذي أوقع 24 قتيلاً (بينهم مسلمون)، والذي تمّ اكتشاف خيوطه فيما بعد، وأنّ وزارة الداخلية المصرية كانت وراء التفجيرات بمساعدة جماعات إرهابية، وتحت إشراف وزير الداخلية السابق حبيب العادلي نفسه، واعترف بذلك مجموعة من منفذي العملية عند طلبهم اللجوء السياسي بالسفارة البريطانية بالقاهرة.
ويندرج في خانة الأسباب غير المباشرة ـ كذلك ـ: مقتل الشاب سيّد بلال في الإسكندرية على يدي جهاز أمن الدولة أثناء احتجازه في 5/ يناير/ 2011م، وقيام الثورة الشعبية في تونس، وظاهرة البوعزيزية في مصر التي تمثلت بقيام أربعة من المصريين بإشعال النار في أنفسهم قبل أسبوع من اندلاع ثورة الغضب المصرية، بالإضافة إلى الدور الهام الذي لعبته المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنيت[1].
الثاني: تلقف الشرارة من ثورة تونس:
لعلّ واحدة من أهم ما يتيحه زمن العولمة والكوكبة والقرية الكونية والثورة المعرفية والانفجار المعرفي هو التعرف اللحظي المباشر على مجريات العالم، وتأملها، وتناقل التجارب واستنساخها.
وقد انبثقت الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي في تونس ومن (سيدي بوزيد) بالتحديد، مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه في 17/ ديسمبر/ 2010م، فهبّت تونس في ثورة حاشدة في 18/ ديسمبر/ 2010م، وكانت الثورة العربية الأولى، ومنطلق الثورات العربية المعاصرة، واستحقت أن تُسمّى (ثورة الكرامة)، و(ثورة الأحرار)، و(ثورة الياسمين)، وقد ألهمت ثورة تونس المجتمع العربي عموماً بـ "أنّ قوة الشعب العربي تكمن في تظاهره، وخروجه إلى الشارع، وأنّ الجيش هو قوة مساندة للشعب، وليس أداة لدى النظام لقمع الشعب، كما أضاءت تلك الثورة الأمل لدى الشعب العربي بقدرته على تغيير الأنظمة الجاثمة عليه، وتحقيق تطلعاته"[2]، وأول دولة تلقت تلك الشرارة، وأشعلت بها مشاعلها، واستفادت منها هي مصر التي خرجت عن بكرة أبيها في 25/ يناير (كانون الثاني)/ 2011م، وحصدت الانتصار بعد ثمانية عشر يوماً في 11/ فبراير (شباط)/ 2011م، ومن ثمّ سُمّيت بـ (ثورة الـ 18 يوماً)، إلى جانب تسميتها بـ (ثورة الغضب) و(ثورة الشباب) و(ثورة اللوتس) و(الثورة البيضاء).
وبعد ثورة مصر جاءت ثورة اليمن (ثورة شباب التغيير السلمية) في 11/ فبراير (شباط)/ 2011م، والبحرين في 14 فبراير (شباط)/ 2011م، وليبيا في (17/ فبراير (شباط)/ 2011م، وسوريا (ثورة الحرية) في 15/ مارس (آذار)/ 2011م.
الثالث: الحرب الإليكترونية:
لقد أتاحت ثورة الاتصال المعاصرة ـ التي هي إحدى ثمرات العولمة ـ تواصل الشعوب والأمم، وتثاقفها، وبصورة أولى تواصل الشعب الواحد.
وقد سعت بعض الدول إلى حظر بعض الأقنية المعلوماتية في شبكة الإنترنيت؛ لحجب التواصل الأممي والشعبي، وانتقال ما لا تريده الأنظمة الحاكمة مما يسهم في زعزعة عروشها السلطوية ذات النظام الأبوي الشمولي.
وإزاء حظر التناقل الشفوي للتحشيد الثوري، ومنع التناقل الورقي؛ أدرك شباب الثورة في مصر ضرورة الاستفادة من الحرب الإليكترونية، التي يمكنها تجاوز مقص الرقيب، والنفاذ لقدر أكبر من الناس، وبسرعة أكبر، ومن ثمّ هبّوا للاستفادة من الشبكة العنكبوتية (الإنترنيت)، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي: الفيسبوك، وتويتر، ويوتيوب، واستثمار شبكات البريد الإليكتروني للمراسلة، وتداول الرأي، وتحديد أيام التظاهر وأماكنها، وتنظيم المظاهرات.
ولعلّ بداية هذه الحرب الإليكترونية في مصر قد بدأت قبل عامين من الثورة، حين قامت فتاة اسمها (إسراء عبد الفتاح)، وكانت تبلغ حينئذ 17 عاماً من خلال موقعها على الفيسبوك، بالدعوة إلى إضراب سلمي في 6 أبريل (نيسان)/ 2008م؛ احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية، فلقيت دعوتها استجابة واسعة من حوالي 70 ألف شخص، ونجح الإضراب، وأُطلق على الفتاة لقب (فتاة الفيسبوك) و(القائدة الافتراضية).
وقبل عام ونصف من الثورة قامت حركات ـ أبرزها (حركة 6 أبريل) و(حركة كفاية) بتحشيد الناس بضرورة القيام باحتجاجات على سوء الأوضاع الداخلية.
وبعد مقتل الشاب (خالد محمد سعيد) قام الناشط وائل غنيم والناشط السياسي عبد الرحمن منصور بإنشاء صفحة (كلّنا خالد سعيد) على موقع الفيسبوك، ودعيا المصريين للتخلص من النظام وسوء معاملة الشعب[3].
وقد مثلت هذه الحرب الإليكترونية صراعاً بين جيلين: جيل الحرب الإليكترونية، الذي يمثله الشباب الملم بتقانات العصر وتكنولوجيا الاتصال. وجيل الحرب القديمة، غير الممارس لتلك السبل المعرفية.
وقد استطاع (جيل الحرب الإليكترونية) و(شباب الفيسبوك) الاستخدام الفعّال لتكنولوجيا الاتصال ووسائل الاتصال الحديثة للتواصل مع بعضهم، ومداولة آرائهم ونشرها، والدعوة إلى اندلاع الثورة، والإسهام في تنظيمها، وتنسيق مواعيد الخروج، حتى مع قطع نظام مبارك للاتصالات في البلاد من بدايات الثورة[4].
الرابع: الميدانية والمكان الحسّاس الملفت:
من شأن التوزع في أماكن كثيرة إظهار المتجمعين على أنّهم قلة متناثرة، أو عدم لفت النظر لهم أصلاً، وعدم التقاط عدسة الإعلام لمشهدهم، وعلى خلاف ذلك من شأن التجمع في مكان واحد أو أماكن معدودة الإسهام في فوائد كثيرة، منها: خلق المعلَم المعبّر والرمز الدالّ، كـ (ساحة الحكومة بالقصبة) في تونس، و(ميدان التحرير) في مصر، و(دوار اللؤلؤة) في البحرين، و(ساحة التغيير) في صنعاء باليمن، و(ساحة الحرية) بتعزّ باليمن، بالإضافة إلى إبراز الجمع والحشد، ولفت الإعلام.
وهذا ما حدا بالثورة في مصر إلى اختيار أماكن معيّنة وحسّاسة كان أبرزها اثنين هما: (ميدان التحرير) في القاهرة، و(مسجد القائد إبراهيم) في الإسكندرية.
وقد شكل ميدان التحرير القلب الميداني النابض الذي يتواصل مع الجماهير مباشرة؛ ليوصل رسالته الإعلامية للداخل الرسمي والشعبي، وللخارج الرسمي والشعبي، لا سيما حين توافرت فيه أشياء تشجّع على المكث الزمني الطويل ومغالبة المشكلات، حيث توفرت في بعض أنحائه مجالات من العمل الخدمي والدعم اللوجستي، من خيام لالتقاط شيء من الراحة وغسل الأتعاب، إلى جانب مستشفى ميداني يعالج المصابين الذين ضنّت عليهم المستشفيات الرسمية، أو زُرّق فيها بعض رجال الأمن؛ ليتم اقتياد المصاب من المستشفى إلى التحقيق والسجن، كما بادر بعض الأخيار إلى توزيع شيء من الطعام في الميدان؛ ليغنوا مرتاديه عن الحاجة لمغادرته.
وفي مسجد القائد إبراهيم تمّت الاستفادة من المكان؛ ليقترن العبادي بالسياسي، ويتمّ التواصل الجماهيري مع الحشود المصلية، وخروجها الحاشد للتظاهر.
الخامس: التحرّك الجمعي:
من فوائد التحرّك الجمعي والعمل الجمعي مغالبة مساوئ الفردية، من محدودية الدور والفعل، ومحدودية الزمن، وضآلة الجهد، وثقل الجهد وضغطه، إلى إمكانية السيطرة والإيقاف أو التعب والتوقف. ومن ثمّ يتحلى التحرّك الجمعي بمميزات هي المباين الكامل لعيوب الفردية.
وفي ثورة 25 يناير تمّ رفد الجانب الجمعي عبر شكلين أساسيين هما: تكثيف الحشود في أماكن التظاهر والاجتماع، والتي بلغت الملايين في ميدان التحرير، وامتد شريانها في بعض المناطق لتظاهرات ناف طولها على الأربعة كيلومترات.
والشكل الثاني جاء في أسلوب لجان منظِّمة؛ لتدفع باتجاه الاستفادة المثالية من الجمع والحشد، وضمان عدم تحوله إلى عمل مبعثر أو غير منضبط أو مجرّد تراكم عددي غير فاعل، ومن هذه اللجان: حركة 6 أبريل، وحركة كفاية، ومجموعات الشبان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيسبوك، ومنها: مجموعة (كلّنا خالد سعيد)، و(شبكة رصد) و(شبان الإخوان المسلمين).
السادس: رفع سقف المطالب:
(النجاح يقود إلى النجاح)، تلك مقولة تربوية تؤيدها كثير من المبادئ والقيم السياسية، ومنها: سياسة (تحريك الهدف)، ومبدأ (خذ وطالب). وهي بمجموعها مبادئ تدعو إلى فتح العين على المتحقق والممكن معاً، وتدفع عربات القطار إلى أوسع مدى ممكن من الفاعلية والحراك والنجاح.
وقبل ثورة الشباب في مصر قامت حركات مطلبية، فدعت إسراء عبد الفتاح إلى إضراب سلمي؛ احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية، ودعت (حركة 6 أبريل) و(حركة كفاية)؛ للاحتجاج على الأوضاع الداخلية المعيشية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد:
الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتمثلة في البطالة ـ لاسيما بين حملة الشهادات الجامعية والعليا ـ، والفقر والتردي المعيشي، المتمثل في غلاء الأسعار، وصعوبة الحصول على المواد التموينية والسكن.
والأوضاع الاجتماعية التي خلقتها فترة حكم مبارك وسياساته، التي كان من نتاجها أن انقسم الشعب المصري إلى طبقتين: طبقة ذات ثراء فاحش تشكل 20% من الشعب فقط، وطبقة ذات فقر مدقع تشكل 80 % من الشعب، ووصل عدد المعدمين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 40 % من الشعب، وغابت الطبقة الوسطى.
والأوضاع السياسية، حيث الفساد السياسي، واستغلال النفوذ، وتوريث الحكم.
لكنّ الأمور مع ثورة الغضب المصرية لم تقف عند هذا الحدّ المطلبي، بل تحرّك الهدف، ووصل إلى السياسي في ذروته: بالمطالبة بإسقاط النظام، وحلّ الحزب الحاكم، وإرجاع المال العام، وملاحقة الفساد والكسب غير المشروع، ومحاكمة المجرمين، والتداول الديمقراطي للسلطة، ورفع الأحكام العرفية التي سُنّت بموجب (قانون الطوارئ).
وقد حاولت سلطة مبارك تقليل سقف المطالب، والعودة بها إلى مربع المستوى المطلبي الاجتماعي الخدمي، لكنّ الثورة ـ ومنذ بدايتها ـ كانت واعية للهدف السياسي وضرورة إسقاط النظام، فرفعت شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)، ودعت إلى رحيل مبارك وحكومته وحزبه، وظلّت محافظة على أهدافها، ولم ترضَ ـ تحت وقع ضغط النظام ـ أن ترتدّ إلى المستوى المطلبي، أو ترتكس من السياسي العالي إليه، ولو حدث ذاك؛ لأمكنها أن تحصل على شيء من التغيّر المعيشي والاقتصادي والاجتماعي، لاسيما ومبارك وأسرته يكتنزون سبعين مليار دولار من ثروة الشعب، ويمكنهم تقديم شيء من فتاتها، في مقابل بقاء مبارك في الحكم، وتوريث الكرسي لولده جمال، غير أنّ الثورة واصلت تألق مرادها، لا سيما وهي تقرأ مشاهد الضعف في السلطة، وقد أمكنها ذاك من الحصول على مرادها الكبير: إسقاط النظام وتغييره، الذي هو ـ إن سار في وجهته الصحيحة ـ المفتاح لحلّ المشكلات الأخرى في المجال المعيشي والاقتصادي والاجتماعي.
السابع: وضوح الهدف:
وضوح الهدف يجعل الثورة تسير نحو غاية محددة، ويخلق معياراً واضحاً للوصول وعدمه، وللتحقق وعدمه، ولنسبة النجاح ومقدارها.
وفي ثورة مصر كانت مطالب شباب التحرير تتمركز حول هدف واحد واضح هو إسقاط النظام من خلال بنود سبعة، فقد "قام شباب التحرير بتعليق لافتة طويلة على واحدة من أعلى المباني في ميدان التحرير، طولها لا يقلّ عن 15 متراً، ذكروا فيها جميع المطالب التي يريدونها، وأكدوا أنّ هذه المطالب ثابتة منذ بدايتها، وهي إسقاط النظام، من خلال سبعة مطالب أساسية.
وهذه المطالب ـ كما هو مكتوب في اللافتة ـ: إسقاط الرئيس، حلّ مجلسي الشعب والشورى، إنهاء حالة الطوارئ فوراً، تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، برلمان منتخب يقوم بعمل التعديلات الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية، محاكمات فورية للمسؤولين عن قتل شهداء الثورة، محاكمة عاجلة للفاسدين وسارقي ثروات الوطن"[5].
وتمّ الإصرار على إسقاط النظام من خلال رموزه كحسني مبارك، ونائبه عمر سليمان، ورئيس الوزراء أحمد شفيق، ووزير الداخلية حبيب العادلي، ووزير السياحة زهير جرانة، ووزير الإسكان محمد المغربي، ورجل الأعمال المتنفذ أحمد عز، وولدي مبارك: جمال وعلاء، و(الحزب الوطني) الحاكم عموماً الذي حُلّ في تاريخ 16/ أبريل/ 2011م.
الثامن: الأخلاقيات السامية للثورة:
إنّ المستوى المناقبي الأخلاقي الذي يترشح من سلوك الإنسان وتصرفه، يحكي مدى استقرار الصفات والملكات الأخلاقية ورسوخها في القلب، وبمستوى ما يبرز من مناقبية أصحابه، يبدي مدى مناقبية الثورة والتحرّك.
فإذا اتسمت ثورة ما.. بالفئوية دلّ ذلك على أنّها لا تمثل النسيج الاجتماعي الكامل لبلدها، وإذا اتصفت بالعنف والانتقام؛ حكى ذلك عن سادية أصحابها ودمويتهم، وإذا ترسمت خطى العفوية والعشوائية، أوضح ذلك مدى الخلل التنظيمي لديهم، وإذا توانت عن أهدافها العليا أو ترددت في تطبيقها، بيّن ذلك مدى انحنائهم لعقبات الطريق، أو خور الهمم الذي نفث سمه في عزائمهم، أو ربّما كونهم أناساً وصوليين نفعيين، ينسون هدفهم عند لمعان بريق النضار والأهداف الضئيلة المحدودة.
وقد شهدت الثورة البيضاء في مصر مدى المناقبية السامية التي تحلى بها أفرادها زمن الثورة وبعدها، ومن صور تلك المناقبيات والأخلاقيات:
أـ تلاحم الشعب المصري:
مما يثلج صدر الحكومات تصدّع الجبهة الداخلية للمقاومة والثورة إلى حدّ نشوب حرب داخلية أو طائفية، تجعل النظام يتفرج، ويوحي للثائرين أنّه ـ وحده ـ القادر على إرساء السلم الداخلي ووحدة الوطن، وغيره يعني الشتات والاحتراب الداخلي، وبالاحتراب يضعف الندّ؛ مما يوفر له فرصة الاستمتاع بالجلوس على الكرسي.
وثورة مصر مع أنّها جاءت في وقت عصيب فُجِّرت فيه كنيسة القديسَين في الإسكندرية؛ مما يشجع نشوب نزاع ديني (إسلامي/ مسيحي)، إلا أنّها فوتت على النظام الحاكم ذلك، وشهدت تكاتف المسلمين والمسيحيين فيها، وحضورهم جنباً إلى جنب، وكتفاً إلى كتف في سوحها، ولا سيما في ميدان التحرير، مما ينبئ عن مدى التلاحم الاجتماعي في مظهره الديني.
ومع أنّ الثورة بدأت في أوساط الشباب إلا أنّها انتقلت إلى كافة فئات المجتمع المصري من أطفال وكهول، في تعبير واضح عن تكاتف المجتمع في فئاته العمرية، كما أنّها لم تقف عند مستوى الشباب الجامعي ممن لم يجد وظيفة، بل انتقلت إلى المواطن الريفي، وسائق التاكسي، والدكتور الجامعي، والطبيب، والمهندس، والفنان، وغيرهم..
ب ـ الانضباط والسلم واللاعنف:
تسود كثير من الثورات حالة عدم الانضباط، والعنف والتصفيات، خصوصاً وأنّ أجواء الانفلات الأمني ونزول الناس إلى الشارع، وصعوبة نسبة الفعل إلى أحد بعينه، تشجع على ذلك.
وأما في طرف ثورة اللوتس البيضاء، فقد "أظهرت الثورة مدى الحبّ الكبير الذي يكنّه المصريون لبلدهم، فطيلة أيام الثورة كان الشعار: (سلمية.. سلمية)، و(لا تكسّر، ولا تخرّب)" [6].
كما شهدت الثورة حمل العلم الوطني، والأناشيد الوطنية وفي مقدمها النشيد الرسمي (بلادي.. بلادي)، كما شهدت انخفاض معدلات الجريمة والسرقة والتحرّش الجنسي.
ومن عظمة هذا الانضباط تنظيف الثوار لميدان التحرير قبل مغادرتهم له، وجعله بمستوى أكثر بهاء وإشراقاً منه قبل نزولهم فيه.
كما شهدت الثورة الانضباط والسلم في عدم التعرّض لرجال الأمن والجيش، حتى مع قدوم الشرطة والأمن بالدبابات، وقيام بعض قوى الأمن بالعنف تجاههم، واستخدام السلاح.
وشهدت الانضباط والسلم في تسليم البلطجية والمندسين الذين يحاولون جرّ الثورة عن الخروج عن طابعها السلمي أو المواجهين للثوار بالعنف؛ إلى الشرطة والأمن المصري، بدلاً من ضربهم أو قتلهم أو فعل أدنى إساءة إليهم، مع أنّ بعضهم عُثر في حوزته على وثائق رسمية توضّح انتماءه للنظام الحاكم، أو أنّه مأجور، واعتراف بعضهم بذلك، ومع تعرض المتظاهرين إلى الأسلحة النارية والقنابل المسيلة للدموع من قبل الشرطة، وتعرضهم للأسلحة النارية والبيضاء من قبل البلطجية المؤيدين لنظام مبارك، وتعرضّهم لهجوم الجمال فيما عرف بـ (موقعة الجمل).
ومع سقوط عدد غير قليل من الشهداء، حيث صرّحت جهات رسمية ببلوغه 365 شخصاً، وذكرت مصادر أخرى في الرابع من أبريل أنّ عدد القتلى في ثورة 25 يناير بلغ 384، وعدد المصابين 6467، لافتة إلى أنّ مكاتب الصحة أفادت بأنّ المتوفين في جميع مستشفيات مصر بلغ 840 شخصاً. وقدرت مصادر أهلية تجاوز القتلى500 شهيد، وأفادت جهات أخرى أنّ العدد تجاوز 840، وذكر تقرير هيئة تقصي الحقائق عن ثورة 25 يناير أنّ عدد الضحايا الحقيقي في الثورة 846 مدنياً، و6500 جريح.
ج ـ التنظيم واللجان، وصيانة المال العام:
التحرّك الشعبي الجماهيري الحاشد غالباً ما يصاحب صعوبة السيطرة عليه، ومن ثمّ إمكانية القيام بأعمال عشوائية غير منسقة، أو عبثية غير هادفة، وتعرّض المال العام للسرقة والتخريب والتكسير، الأمر الذي تستغله بعض الحكومات في دسّ مجموعة بين المتظاهرين لفعل ذلك، ونسبته للثوار، ومن ثمّ تشويه سمعة الثائرين بوصفهم مخربين، وخلق الحنق الاجتماعي ضدهم، والنفور منهم، ومواجهتهم؛ مما يعني فقدانهم الرصيد الاجتماعي المحتضن والداعم والمؤيد.
وما لحظناه في ثورة مصر بعد اختفاء الشرطة الرسمية خلاف ذلك، فقد شكل الثوار لجاناً شعبية للمحافظة على المال العام، ومن ذلك المتحف المصري، ومقتنيات القصور والجامعات.
د ـ الإصرار والمواصلة:
كثير من الثورات تبدأ بأهداف عالية وواضحة؛ لكنّ طول الزمن ومساومات الحكومات وضغوط الخطوط تسعى في تمييع تلك الأهداف وهزالها، وجعلها تنحسر شيئاً فشيئاً إلى حدّ القبول بالفتات، أو حتى إبقاء ما كان على ما كان!!
لكنّ الثوار في مصر ظلوا حريصين على تنفيذ مطالبهم، ورحيل مبارك، وعدم القبول بالمساومات التي تبتغي إبقاءه إلى نهاية فترته الرئاسية (ستة شهور)، وتركهم للميدان، وكان شعارهم: "مش عايزينه مش عايزينه/ حسني مبارك مش عايزينه. ولازم هو يمشي/ إحنا مش حنمشي"، وكذلك المساومات التي تعتزم إبقاءه، وتغيير الحكومة، وكان شعارهم فيها صداحاً يقول: "مبارك يريد تغيير الحكومة/ الشعب يريد تغيير مبارك".
وحتى بعد سقوط مبارك كانت هناك جمعات حاشدة لمتابعة تحقيق أهداف الثورة، ومحاكمة مبارك وأقطاب نظامه، واسترداد المال العام، ودعم القضية الفلسطينية، وفتح معبر رفح.
هـ ـ الظرافة والدعابة:
الاحتقان الاجتماعي والسياسي يولد روح القهر الميالة إلى انفجار المكبوت وإظهار الانفعال والتشنج والعداء والتدمير، أو على الأقلّ الميالة إلى فرض طابع الجدّية والصلابة، والبعد عن الفكاهة والظرافة والدعابة التي قد تفسّر بأنّها نمط من المزح والهزل غير المناسب في الظرف العصيب.
لكنّ المجتمع المصري ـ بطبعته ـ مجتمع ظرافة ودعابة ونكتة، ومن ثمّ شُحنت شعاراته ـ حتى وهو في ظلّ الثورة والمواجهة، بل وفي أوجها وذروتها ـ بالظرافة اللفظية والكتابية، وملئت أعماله بالكثير منها، لا لأنّه يخلط الجد بالهزل، أو لأنّه لا يعرف وقت الجد من وقت الهزل، وإنّما لأنّ طبيعته الإنسانية الصافية المرحة لم تستطع سنين القهر وأحداث الثورة أن تخفيها أو تقتلها أو ترسلها لعالم النسيان، فظلّ محافظاً على روحه وطبيعته.
ومن الظرافة التي اتسمت بها شعاراتهم اللفظية: "شيلوا مبارك، وحطوا خروف/ يمكن يحكم بالمعروف"، "يلي فاضلك ست شهور/ خذ أجرتهم يلا وغور"، "قول يا مبارك يا مفلسنا/ إنت بتعمل أيه بفلوسنا؟"، وطاف متظاهرون بطفل صغير يردد: "عايز أتعلم، عايز أعيش/ عندنا في البيت أكل ما فيش".
ومن الظرافة التي اتشحت بها الشعارات المكتوبة أن كتب شخص على لافتة يرفعها، وأتعبت يديه: "ارحل، إيدي تعورني"، وكتب ثان: "ارحل يا مبارك، متزوج من عشرين يوم، مراتي وحشتني"، وكتب ثالث: "ارحل، الولية عاوزة توضع، والولد مش عاوز يشوفك".
ومن الأعمال الظريفة التي ترشحت من نفوسهم: إقامة حفل قران في ميدان التحرير، فضلاً عن الأعمال المسرحية المبهجة.
التاسع: الحرية والانفتاح:
للحرية والانفتاح دور كبير في الاستقطاب، على عكس التشدد والمنع والانغلاق الذي ينفر المؤتلفين والمختلفين.
وقد شهدت ثورة اللوتس في مصر صوراً كثيرة من الحرية والانفتاح والتسامح، فقد اتسعت دائرة الحرية والانفتاح فيها للتنوع الديني ودمج مكونات المجتمع ـ ولو اختلفت في الانتماء الديني ـ، فلم تكن ثورة قام بها مسلمون فحسب، بل شاركهم إخوانهم المسيحيون الأقباط همومهم وطموحاتهم وأعمالهم، ومن ثمّ هي ثورة وطنية لكلّ مكونات الوطن.
وإزاء هذا الانفتاح الديني، تقبلت الحرية مقدسات المتنوع الديني، فكان في ميدان التحرير أذان وصلاة جمعة وجماعة، وكان فيه حضرات صوفية وزار صوفي، وكان فيه قرع أجراس، وإقامة قدّاس، وترانيم مسيحية.
ومن أبهى مشاهد الإنسانية والحرية والتسامح ما شهده ميدان التحرير من إقامة المسلمين لصلاة الجمعة وغيرها..، بينما كان إخوانهم المسيحيون يتكاتفون بأيديهم، مشكلين من أنفسهم درعاً بشرياً على شكل طوق يقي إخوانهم المسلمين من أخطار السلطة والبلطجية.
كما اتسعت دائرة الحرية والانفتاح فيها إلى تقبل شتى الفنون الإبداعية من إنشاد، وموسيقى، ورسم، ومسرح.
العاشر: سرعة اتخاذ القرار:
أيام الثورات حبلى بالمفاجآت، وقد تتلاحق الأحداث فيها بسرعة البرق؛ مما يستدعي مواكبة قرارات الثورة للمتغيرات، وعدم التأخر في إصدار القرار، وذاك يستدعي قائداً أو جماعة كفوءة قادرة على صنع الرأي والقرار الرشيد المزامن للحدث.
وطبيعة القرارات المصيرية حاجتها إلى تفكير عميق ووقت طويل وجو هادئ، بينما سرعة الأحداث في زمن الثورة وتواليها الدرامي، لا تتيح الفرصة لانسياح الزمن وبطء القرار أو غيابه، ومجيء القرارات في أجواء قلقة وصاخبة وحسّاسة، لا تتيح الفرصة لها لتتدثر بالهشاشة والسطحية والضعف والخواء، ومن ثمّ يحتاج القائد أو الجماعة القائدة للثورة إلى توليف يجمع بين سرعة القرار وعمق القرار، وذاك يتطلب قائداً أو جماعة ذات خبرة عالية، ومستوى رفيع من الدربة، وقدرة على تركيز الفكر والمشاروة وتماسك الجبهة الداخلية والشجاعة في آن.
وفي ثورة الغضب المصرية ـ وأيامها الثمانية عشر ـ تلاحقت أحداث جسام، من مواجهة السلطة للثائرين، إلى طلبها التفاوض معهم وسماع مطالبهم، ومن خطاب مبارك المتبجح بالمنجزات الشخصية وعدم التنازل عن الحكم، إلى خطاب عمر سليمان القابل بالتنازل عن الحكم على مضض!!
ولعلّ واحداً من أشد القرارات سرعة وقوة وعمقاً، هو ما تلا خطاب مبارك الذي حبس العالم عليه أنفاسه، وتوقع فيه إعلانه الرحيل، فاصطدم به متبجحاً بالمنجزات، عازماً على البقاء، ناقلاً السلطة إلى نائبه اللواء عمر سليمان، فردت عليه جموع المتظاهرين بـ (جمعة الزحف)، والمضي إلى مقرّ الإذاعة والتلفزيون وقصر العروبة الرئاسي، ومحاصرتهما.
الحادي عشر: الشعارات المواكبة المعبّرة:
وفي الثورات تحتاج المسيرات الحاشدة إلى شعارات مواكبة للحدث، ومعبّرة بدقة وجلاء عن المراد؛ لتشحذ الهمم، وتعبئ الجماهير، وتوصل الرسالة للسلطة والنظام والمجتمع.
وقد حفلت ثورة 25 يناير بسيل هتّان من الشعارات المزامنة للأحداث، والمعبّرة، وتحلى قدر منها بروح مرحة، وتنوعت تلك الشعارات بين لفظية وكتابية، وسننقل قدراً جيّداً منها؛ لنرى مدى الطاقة التعبيرية المختزنة فيها:
أـ الشعارات اللفظية[7]:
من أبرز الشعارات الشفوية التي صدحت بها حناجر الجماهير في ثورة مصر:
1ـ "الشعب يريد إسقاط النظام".
2ـ "ثورة مصر جاية جاية/ بالعدالة والحرية".
3ـ "ثورة ثورة حتى النصر/ ثورة في كلّ شوارع مصر".
4ـ "يا عسكري يبن عمي/ شايل همك، شايل همي".
5ـ "مش هنخاف مش هنطاطي/ احنا كرهنا الصوت الواطي".
6ـ "ارفع صوتك زي الناس/ إحنا كرهنا الظلم خلاص".
7ـ "بطل تمشي جنب الحيط/ أصل سكاتك مش هيفيد".
8ـ "انزل شارك مش هتموت/ قبل الفرصة دي ما تفوت".
9ـ "واحد.. اتنين/ الشعب راح فين".
10ـ "اصحوا وفوقوا يا مصريين/ مش هنقول للظلم آمين".
11ـ "صحي الخلق وهزّ الكون/ مصر بلدنا مش هتون".
12ـ "قولوا الله، قولوا الله/ هادي مصر مش حيالله".
13ـ "يا أهالينا يا أهالينا/ ضموا علينا ضموا علينا".
14ـ "لا حكماء ولا إخوان/ المطالب في الميدان".
15ـ "بالطول، بالعرض/ هنجيب النظام الحاكم بالأرض".
16ـ "هو مبارك عايز أيه/ كل الشعب يبوس رجليه
لا يا مبارك مش حنبوس/ بكرة الشعب عليك يدوس".
17ـ "قول لي مين في الشعب اختارك/ يسقط يسقط حسني مبارك".
18ـ "وإنت يا مصري أيه أفكارك/ يسقط يسقط حسني مبارك".
19ـ "هما بياكلوا احمام وبط/ وكلّ الشعب جا له ضغط".
20ـ "ارحل يعني إمشي/ يمكن ما بيفهم شي".
21ـ "ارحل اطلع برة/ عايزينها تبقى حرة".
22ـ "شيلوا مبارك، وحطوا خروف/ يمكن يحكم بالمعروف".
23ـ "يا ربي فك الأزمة/ دا حسني مخه جزمة".
24ـ "يا مبارك يا جبان/ الشعب المصري لا يهان".
25ـ "يا مبارك حقك حقك/ الشعب العربي كلو ضدك".
26ـ "مبارك يريد تغيير الحكومة/ الشعب يريد تغيير مبارك".
27ـ "حسني مبارك يا طيار/ جبت منين سبعين مليار"[8].
28ـ "واحد.. تنين/ وين فلوس الشعب وين".
29ـ "يا مبارك، صح النوم/ النهار ده آخر يوم".
30ـ "حسني حسني برة برة/ قبل ما تقلب تبقى ثورة".
31ـ "حكم 30 سنة بهذا العصر/ هو إهانة لشعب مصر".
32ـ "يلي فاضلك ست شهور/ خذ أجرتهم يلا وغور".
33ـ "لا لمبارك أب وابن/ لا للفردة والاستبن".
34ـ "خالد سعيد مات مئتول/ ومبارك هو المسؤول".
35ـ "قول يا مبارك يا مفلسنا/ إنت بتعمل أيه بفلوسنا؟".
36ـ "حسني حسني، حسني بيه/ كيلو اللحمة بميت جنيه".
37ـ "ليه ليه ليه/ كيلو العدس بعشرة جنيه؟".
38ـ "ارفع ارفع في الأسعار/ بكرة الدنيا تولع نار".
39ـ "يا وزراء طفوا التكييف/ مش لاقيين حق الرغيف".
40ـ "الإصلاح بقى شي مطلوب/ قبل الشعب ما ياكل طوب".
41ـ "حد أدنى للأجور/ قبل ما الشعب يثور".
42ـ "الطلاب والعمال/ ضد الفقر والاحتلال".
43ـ "يا سوزان قولي ليه/ ربع قرن كفاية عليه".
44ـ "يا جمال، قول لأبوك/ كلّ الشعب بيكرهوك".
45ـ "يا جمال، قول لأبوك/ شعب مصر بيكرهوك".
46ـ "يا جمال، قول لبابا/ ارحل إنت والعصابة".
47ـ "يا جمال، قول لبابا/ يلا نخلع م العصابة".
48ـ "يا علاء، خليك خليك/ أوعى بكرة جمال يعديك".
49ـ "يا حكومة هشك بشك/ بكرة الشعب ينط بكرشك".
50ـ "ارحل ارحل يا حبيب/ ارحل يا وزير التعذيب".
51ـ "لا مبارك ولا سليمان/ كلكم عملا الأمريكان".
52ـ "وإنت يا عز قول وحياتك/ جبت منين ملياراتك".
53ـ "يا عز، يا عز، يا خاربها/ غور يلا وسيبها".
54ـ "يا أبو دبورة ونسر وكاب/ إحنا إخواتك مش إرهاب".
55ـ "يا شهيد دمك نار/ بكرة نغسل بيه العار".
56ـ "حسني مبارك السعودية مش بعيد/ بتلم الخونة والعبيد".
57ـ "بن علي بيناديك/ فندق جدة مستنيك".
58ـ "يا مبارك يا مبارك/ السعودية بانتظارك".
59ـ "آخر طلعة جوية/ حتكون ع السعودية".
60ـ "آخر طلعة جوية/ لازم تكون ع السعودية".
ب ـ الشعارات الكتابية:
من أبرز الشعارات الكتابية في ثورة 25 يناير:
1ـ "مبيفهمش عربي/ كلموه بالعبري".
2ـ "ارحل، إيدي تعورني".
3ـ "ده لو كان عفريت كان طلع".
4ـ "ارحل، الولية عاوزة توضع، والولد مش عاوز يشوفك".
5ـ "ارحل يا مبارك، متزوج من عشرين يوم، مراتي وحشتني".
6ـ "ارجع يا ريس، بنهزر معاك".
7ـ "لا للفقر، لا للبطالة، لا للتعذيب".
الثاني عشر: التأسيس الفكري للثورة:
تحتاج الثورات إلى تأسيس فكري يدعم شرعيتها، ويقاوم الشبهات التي يخلقها الخصوم ـ ومنهم النظام، والقوى المناوئة ـ ضدها؛ ليسحبوا منها الشرعية، كما تحتاج إلى تأسيس مبررات مقنعة لأفعالها؛ حتى تقنع جماهيرها والمتلقين، وتضمن تماسكهم.
وفي ثورة مصر أصرّ النظام كثيراً على (الشرعية الدستورية)، وأنّ مبارك منتخب، وبقي له من فترته ستة شهور لا غير، وأنّ طريق تداول السلطة ينبغي أن يكون صناديق الاقتراع، لا النزول إلى الميادين والتغيير الشعبي والاحتجاج الجماهيري والإضراب الذي يشلّ القوى، ويغرق الدولة في مستنقع خسائر مادية باهظة، فأسس الثوار لمقابلة بين (الشرعية الدستورية) و(الشرعية الثورية)، وأنّ الثورات المغيِّرة تقوم على اختلاف جذري مع الدستور السائد وشرعيته، وتطلب تغييره، وتغيير القائمين به، ومن ثمّ فشرعية التحرّك آتية من الشرعية الثورية، لا من الشرعية الدستورية لدستور فاقد الثقة والاعتبار، وحتى لو سلمنا ـ في ظلّ الثورات ـ بالشرعية الدستورية، فهي إنّما تضمن الأشياء التي وصلت عبرها، فالحاكم يصل عبر الاقتراع النزيه، ومبارك إنّما وصل عبر انتخابات برلمانية لا شعبية مباشرة، وفضلاً عن كونها برلمانية فهي مزّيفة أبعدت الكثير من الشرائح الاجتماعية المنافسة سياسياً عن ساحة الاقتراع والتداول، وأطبقت عليها أنياب الحزب الواحد الأحد المسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية.
ومن خيارات الثورة ـ وهي بعد في رحم الغيب لم تولد ـ اختيار يوم 25 يناير بدءاً ومنطلقاً للثورة، وكان اختياراً ذكياً، ومؤسَّساً على نباهة عالية؛ لأنّ هذا اليوم يوافق (عيد الشرطة) التي أريد إرسال رسالة لها ولوزارة الداخلية وللدولة عموماً بضرورة الكفّ عن الاضطهاد الأمني والقمع التعسفي وتطبيق قانون الطوارئ (الأحكام العرفية) الذي صدر قراره في 1958م، وعُمل به منذ 1967م، فخيّم بجناحه الحالك على المجتمع لأكثر من نصف قرن، واحتُجز بموجبه حوالي 17,000 شخص، ووصل عدد السجناء السياسيين بسببه إلى 30,000 شخص، وكان يقضي بحظر المظاهرات والتنظيمات السياسية، وأنّه لا يمكن للشخص أن يدافع عن نفسه، وتستطيع الحكومة أن تبقيه في السجن دون محاكمة[9].
الثالث عشر: وفاء الجيش:
كثير من الجيوش في الدول لا تعرف وظيفتها الحقيقية، ومن ثمّ تغدو ألعوبة بيد الحاكم وسلطته يزجّ بها في معترك الخلافات الداخلية في المجتمع، ويجعلها السيف المسلط على رقاب الشعب، والسوط الذي يتلوى على ظهره، وكثير من الجيوش لا تعرف الخيط الفاصل بين وظيفة الجيش ووظيفة الشرطة والأمن!!
لكنّ الجيش المصري يعرف وظيفته بدقة، وأنّها تكمن في مواجهة العدو الخارجي، لا مواجهة الشعب والداخل الاجتماعي، ومن ثمّ يُشهد له أنّه لم يطلق رصاصة واحدة على الناس، حتى أظهرت الإذاعات مصريين ينامون تحت عجلات الدبابات، وهم يحملون شعار (في اعتصام في اعتصام/ حتى يسقط النظام).
ونحن ـ هنا ـ نفرّق بين رجال الأمن والجيش، فكلّ وقائع الثورة تثبت حيادية الجيش المصري في المواجهة، وأنّه لم يشهر أدنى سلاح في وجه الشعب، بينما استُدرجت الشرطة والأمن إلى مواجهة الجماهير، وانخرطت في مجابهة مباشرة معهم.