التواصل.. صداقات واستثمارات وخوف "نسائي"

فجوة بين مستخدمي العالم الرقمي من البرامج التفاعلية والمحادثات

صحيفة الوطن السعودية مكة المكرمة: ابتسام شقدار
برنامج (واتس آب) على أحد الأجهزه الحديثة
برنامج (واتس آب) على أحد الأجهزه الحديثة

 

أبرم العقاري أحمد المجنوني عدة صفقات عقارية خلال شهر واحد فقط من خلال برامج التواصل الاجتماعي عبر الأجهزة الذكية، وهو ما لم يكن يحققه في أرض الواقع، فيما كون أشرف محمد عدة صداقات من خلال برامج الشات.

في الوقت ذاته، أبدى عدد من الفتيات خوفهن من تسرب معلوماتهن، والوصول لها عن طريق الاختراق، وهو ما أكدته سلوى الحارثي بقولها "لم يستفد من هذه البرامج إلا من استخدموها لأغراض مسيئة"، فيما قالت ولاء جان عند دخول عالم الشات "يمكن اختراق البرامج بسهولة والوصول للمعلومات الحقيقية للمستخدمين من أرقام وبيانات وصور شخصية".

فجوة متسعة وجدتها "الوطن" بين مستخدمي العالم الرقمي ما بين مستمتع ومحذر من دخول العالم الرقمي وهذه التكنولوجيا الجديدة، والمسار غير المحدود لها من البرامج التفاعلية والمحادثات الكتابية والصوتية.

شغل للفراغ

"برامج رائعة" بهذه العبارة وصف أحمد حلواني "33 عاما" برامج التواصل الاجتماعي عبر الأجهزة الذكية، وعن استخدامها، قال "كل إنسان يستخدمها حسب نشأته وأخلاقه" مضيفا "لا شك أنه يوجد من الشباب من ينتحلوا شخصيات فتيات لاستغلال السذج من جنسهم لمجرد اسم أو صورة جذابة بتحويلات بنكية لمبالغ مالية أو بطاقات شحن هاتفية".

وهو ما أيده، أحمد العتيبي "25" الذي أشار إلى "وجود خاصية التبليغ عن المشاركات المسيئة؛ وبالتالي يقوم مزود الخدمة بوضع هذا المستخدم على قائمة المنع ويمنع وصوله للمبلغ مجددا". وأما من ناحية الخصوصية فيرى العتيبي "استحالة اختراق خصوصية المستخدمين لبرامج المحادثات والتواصل الاجتماعي".

وبنظرة رضا، قال أشرف محمد "18عاما": برامج التواصل الاجتماعي والشات على الهواتف الذكية شغلت وقت فراغي بشكل كبير ومن خلالها أصبح لدي كثير من الأصدقاء والصديقات."

استثمار

أحمد المجنوني "35 عاماً" كان له هدف آخر من الدخول إلى عالم البرامج الذكية للتواصل الاجتماعي، حيث قال "أعمل في مجال تسويق العقار واستطعت من خلال هذه البرامج وفي فترة شهر واحد إبرام عدة صفقات عقارية من تأجير شقق سكنية، كما قدمت إلي عروض كثيرة ما بين بيع وشراء لأراضٍ ومنازل وتأجير شقق."

تحذير

وفي المقابل، حذرت الفتيات بعضهن بعضا من الدخول لعالم "الشات"، حيث تؤكد ولاء جان "21 عاماً" بأن هذه البرامج خطرة ويمكن اختراقها والوصول للمعلومات الحقيقية لمستخدميها من أرقام وبيانات وأخذ الصور الشخصية لهم."

وشاركتها الرأي، سلوى الحارثي بقولها "لم يستفد من هذه البرامج إلا من استخدموها لأغراض مسيئة."

أما لينة أحمد فقالت "نادراً ما تجدهم يستخدمون هذه البرامج في الخير وصادقين في كلامهم، والغالبية من مرتاديها ليس لهم هدف إلا هدر الوقت وتسول الأموال وبطاقات الشحن."

وعلى عكسهن، قالت من رمزت لاسمها بأم صالح "35 عاماً" وتعمل خاطبة عبر أحد برامج المحادثات "دخلت برامج المحادثة قبل 6 أشهر تمكنت خلالها من التوفيق في 7 زيجات" وأضافت "أحصل على ألف ريال من كلا المخطوبين للجهود والمساعي في التوفيق بينهما".

إمكانية الاختراق

من جانبه، بين أحد منسوبي شركات الاتصالات العاملة بالمملكة، المهندس بدر عوض إمكانية اختراق تلك البرامج، بقوله "يمكن اختراق الأجهزة المشغلة للبرنامج من قبل المحترفين أو الهكرز لكن بنسبة ضعيفة؛ عن طريق كسر نظام حماية الجهاز والحصول على البرامج والتطبيقات مجاناً." منوها إلى أن الدعم الفني من قبل الشركة المشغلة لبرامج المحادثة الكتابية عالٍ جداً وبإمكان المستخدم التبليغ عن أي إزعاج يتلقاه وبالتالي يتم فوراً منع هذا المستخدم من إزعاج الآخر.

نافياً ما تردد ببعض المواقع على الشبكة العنكبوتية حول إمكانية تحويل الهواتف الذكية إلى أجهزة تنصت وهي مغلقة أو التقاطها لصور عشوائية لمستخدميها دون علمهم.

ويرى المهندس عوض أن بدايات استخدام برامج المحادثات غالباً ما تكون سيئة ولكن سرعان ما تتغير المفاهيم لدى المستخدمين لهذه البرامج، وتتحول فكرتهم إلى الاستفادة من هذه البرامج في التسويق وتقديم الخدمات المختلفة.

جرائم معلوماتية

ومن جانبه وصف الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة بالإنابة المقدم زكي الرحيلي الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية بالجرائم الحديثة بالعاصمة المقدسة، وقال "إن وجدت تدخل في نطاق جرائم الأموال واستهداف الحسابات البنكية، محذراً من أي تحويلات بنكية لحسابات مجهولة".

ودعا المقدم الرحيلي إلى ضرورة تنمية الوعي لدى الشباب من الجنسين والاستفادة من هذه التكنولوجيا غير المحدودة، وعدم الوقوع فيما يعرف بالجرائم المعلوماتية بالحصول على بيانات ومعلومات الآخرين دون مسوغ نظامي، كـ"التنصت والتهديد والابتزاز والترويج للمواد والبيانات والشبكات الإباحية، أوالمساس بالحياة الخاصة أو الاحتيال أو انتحال صفات غير صحيحة، أو التشهير وإلحاق الضرر بالآخرين بالهواتف النقالة أو ما في حكمها؛ معرضين أنفسهم لعقوبة السجن أو الغرامة المالية التي تتراوح ما بين 500 ألف - 3 ملايين ريال تحدد بحسب نوع الجرم"، مشيراً إلى أن تلك العقوبة جاءت للحد من نشوء تلك الجرائم وتحقيقاً لأمن المعلومات وحماية للمصلحة العامة والآداب العامة وحماية للاقتصاد الوطني.

الممنوع مرغوب

ويرى استشاري الطب النفسي بمستشفى حراء العام بمكة المكرمة الدكتور رجب بريسالي أنه لا ينبغي إطلاقاً منع هذا النوع من التقنية الحديثة للتواصل مع الأهل والأصدقاء، معللاً بأن المنع من قبل الآباء والأمهات "ينمي الرغبة لدى المراهقين والمراهقات للبحث عن وسائل أخرى للتواصل وهي كثيرة ومتاحة ويسهل الوصول إليها فكما هو معروف كل ممنوع مرغوب."

ويضيف بريسالي "إذن لا بد لنا من منح الثقة كاملة لأبنائنا وبناتنا في سن المراهقة خاصة، للتنفيس وتفريغ الطاقات والمشاعر المكبوتة، دون استغلالها في تكوين علاقات عاطفية أو غرامية مع الجنس الآخر."

ونبه بريسالي إلى أن الدور الملقى على عاتق الأبوين يأتي في المقام الأول ويتمثل ذلك الدور في التنشئة السليمة المبنية على أسس وتعاليم الدين الحنيف، وتبيان السلوك الجيد والسلوك السيئ مع شرح كافٍ لأثرهما، ثم يأتي دور المراقبة والتوجيه وتقديم النصح والإرشاد، والصحبة للأبناء من الجنسين، مع غرس قيمة مراقبة الله عز وجل في السر والعلن.