جبروت امرأة
معانيها الأنثوية غاصت في أعماقها , وبدلها القدر عندما رسم لها معاني أخفت معالمها تحت ستار الحزن .
كما أخفت ملائتها البيضاء جسدها النحيل .
وعلى السرير حمل جسدها الخفيف , ولكن حزن قلبها أثقل من أن يحمل على أربعة أكتاف .
وتتناثر دموع شقيقها , وتعلو نبضات قلبه , ويغوص في أعماق تفكيره .
تشتدُ حيرتهُ ويلوم نفسه .
وتدور قائمة الاستفهامات بسرعة .
وحُرِف تفكيره , كيف يعيد أخته للحياة , قبل أن تذبل وردتها .
انتظر ساعات وساعات .
كل أسئلة الطبيب , حملة إجابة واحدة بالنفي لا أعلم حقيقة ماحدث .
وإمكانية الطبيب المحدودة , لم ترغم شريك حياتها للحضور , ولا للاستفهام وكشف المستور .
ولكن مهارة الطبيب الطبية رسمت الإبتسامة على وجه انتصار .
وحملت الإبتسامة كل معاني الحزن والحسرة وألم السنين وغدر الشريك , ولبسها عباءة الأب .
وكانت مكافئتها التنكر والخدلان , وغلفها بورقة الانفصال , وختمها بحرمانها من ثمرات قلبها .
وعنونها بعنوانه المفضل امرأة جبارة وقوية ومتسلطة .
لتدوي زغاريد صوت الشريك في قاعات المحاكم .
وتتكسر انتصار في داخل نفسها .
وتسير في طريق شديد الانحدار , تحمل في قلبها الحرمان والألم .
وجسد قد نخره المرض , ونفس أفلست من الناصر .
ودموع قد أغلقت كل أبواب النظر إلى الطريق .
وتحمل قلب قد حرم من ضم ثمراتها .
وتضم بين ذراعيها أوراق أدانتها .
جرت أذيالها وبرفقة شقيقها , سارت في دهاليز المحاكم .
تصفحت الوجوه , وسمعت قائمة الاتهامات .
لم يحتمل قلبها الرؤوف ومشاعرها الرقيقة غدر الشريك وتنكر الحبيب .
ويلتقطها طبيبها قبل أن تتكسر .
وخلعت كل أحزانها , وقبرت مشاعرها .
ورفعت راية الدفاع عن كرامتها , وعن حقها في العيش , وفي أمومتها المسلوبة , وعفتها المهدورة .
وتسلحت بخبراتها المعدومة , ودموعها المسفوحة , ولسانها المفتقر من مفردات المعاني , وبتفكيرها المغلق على ذاته , وبرفقة شقيقها .
سارت انتصار بين دهاليز المحاكم .
وتعلو الأصوات , ويكثر الجدال , وتنثر العبارات المغلفة تحت عنوان التهديد والتشهير والتشويه .
وتنهمر دموع شقيقها على وجهه , رأفتًا بشيقته .
بلمسته الحانية على شقيقته , بسط كفهُ ليحمل عنها أثقال السنين وألم الليالي وحسرت الفراق .
بصوتها المبحوح , وكفها المغلولة , وبحزنها المسجون , وبدموعها الحائرة .
خاضت انتصار غمار الدفاع عن كرامتها ووجودها .
تنقلت بين غرف المحاكم وتبدل رؤسائها .
وارتفعت الأصوات , وكثر الجدال , واستمر سنوات .
وصفعت يد القدر , المحامي البارع في المرافعات .
وصمت آذانه عندما غرد رئيسها , ببراءة انتصار .
وعزف على أوتار أمومتها , وطرزها بكرامتها , وغطاؤها عباءة العفة لانتصار .