للمحبين جنون آخر


 

 

للمحبة آثارها التي تظهر في سلوك المحب وتصرفاته. قد يفهمها البعض ممن أوتوا حظا وافرا من الحس الباطني، وقد يسيء تفسيرها آخرون فيظنون أن المحب مريض أو أصيب في عقله بسوء.

يقول الإمام علي عليه السلام: ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول: قد خولطوا، ولقد خالطهم أمر عظيم.

وقال الإمام الصادق :  إذا تخلّى المؤمن من الدنيا سما ، ووجد حلاوة حب الله ، وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط ، وإنما خالط القوم حلاوة حبّ الله ، فلم يشتغلوا بغيره .

وما أجمل ما صاغه الشيخ الدمستاني رحمه الله شعرا من حال المحبين مستوحيا ذلك من كلام ملوك الكلام.
ألا ترى أولياء الله كيف قلت
طيبَ الكرى بالدياجي منهم المقلُ
يدعون ربّهم في فكّ عنقهمُ
من رقّ ذنبهم والدمع ينهملُ
خمص البطون طوىً ذبل الشفاه ظماً
عمش العيون بكاً ما عبّها كحلُ
يقال مرضى وما بالقوم من مرض
أو خولطوا خبلاً حاشاهم الخبلُ

المحبون يعيشون في عالم آخر، يعيشون في الناس ولكنهم ليسوا منهم. هم كما وصفهم الإمام السجاد  في مناجاته الخاصة بالمحبين: دَأْبُهُمُ الارْتِياحُ إلَيْكَ وَالْحَنِينُ، وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالأَنِينُ، جِباهُهُمْ سَاجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ، وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ، وَدُمُوُعُهُمْ سآئِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ، وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ، وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهابَتِكَ.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم، وأن ينفعنا بأصدق المحبين محمد وآله الطاهرين عليهم جميعا أفضل صلوات المصلين.

جمعتكم عامرة بالحب.. أحبكم جميعا.

شاعر وأديب