مجتمع المؤسسات المنعشة 18

 

 


هل تريد زوجة بامبية؟ هل تريدين زوجا بامبيا؟ هل تريد أو تريدين أبا بامبيا وأما بامبية؟ هل تريد ولد بامبيا أو بنتا بامبية؟

لو طرحنا هذه الأسئلة في مجتمعنا لوجدنا حماسة كبيرة للإجابة ب(نعم). وذلك للشعور العميق بفقدان البامبية في حياتنا التي أصبحت محكومة بالمزاج الحاد والإيقاع السريع والقرارات المنفلتة.

الكل يبحث عن السعادة في حياته كلها ولا سيما الأسرية باعتبارها مفتاح المفاتيح. في الحياة الأسرية ينبغي أن يكون الإنسان سعيدا سعادة فوق استثنائية (أس غوغل)، أي مرفوعة للعدد غوغل، كي ينشر السعادة حوله بالإشعاعات الإيجابية بشكل توليدي عفوي، تماما كالمواد المشعة تصلنا أشعتها دون أن نشعر بها.

(أس غوغل) أستخدمه هنا للإشارة إلى حجم السعادة المطلوبة والممكنة أسريا من خلال الحالة البامبية. كلنا نعرف غوغل، حتى أطفالنا الصغار صاروا يطلبون حليبا بالغوغل وآيسكريم بالغوغل. وأكثرنا أيضا لا يعرف غوغل، وهنا المفارقة التي تفضح ثقافتنا التي تكتفي بالعناوين دون التفاصيل. فغوغل هذا أصبح كوكبا لوحده يقدم الكثير من الخدمات والمنتجات التي نعرف بعضها ونجهل أكثرها، وهو تجربة تستحق القراءة بعمق، ويمكن لمن أراد التفصيل الرجوع إلى كتاب (كوكب غوغل) لمؤلفه راندال ستروس. 

الشيء الآخر الذي قد لا نعرفه عن غوغل أنه مأخوذ من كلمة Googol التي تعني رقما لم نتخيله أبدا، وهو الرقم واحد وعلى يمينه مائة صفر. أجدادنا كانوا يقولون عن المليون ألف ألف، لأن سقفهم الرقمي كان الألف. اليوم أصبحنا نتحدث عما بعد بعد بعد التريليون وليس البليون، فهناك أعداد جديدة لم تخطر لنا على بال. بالمناسبة أمثالي –وكثير ما هم-  لا يهتمون بهذه الأمور كثيرا، لأن أرصدتهم ببساطة لم تصل يوما ما للمليون. في الصيف فقط أصبح مليونيرا حين أسافر إلى إيران وأتعامل بالريال الإيراني.
أعود إلى السعادة الغوغلية الممكنة لكل أحد على عكس الأرصدة الغوغلية في البنوك السويسرية.

السعادة الغوغلية تبدأ من الداخل وليس من الخارج. فنحن من يصنعها ويرعاها وينميها، ونحن أيضا من يقتلها وهي لا تزال في مرحلتها الجنينية. ما نحتاجه أولا كي نحقق  السعادة الغوغلية هو إيماننا بالقدرة على إدارة ذواتنا وتغييرها نحو الأفضل، وأن السعادة والتعاسة هي نتيجة لأفعالنا الاختيارية. نحن نختار أن نكون سعداء أو أشقياء، فالمسألة ليست مرتبطة بالحظ واليانصيب.

القدرة على التحكم بالذات وردود الأفعال هي الخطوة الأولى نحو البامبية. فكلما استطعنا السيطرة على انفعالاتنا، واخترنا ردود الأفعال المناسبة في كل موقف بما تمليه علينا قيمنا ومبادئنا ونظرتنا للمستقبل، كلما استطعنا الدخول في عالم البامبية، ومن ثم تحصيل السعادة. كم مرة تحدث في مجتمعنا أمثال القصة التالية:

اختلفا، فطلبت منه إيصالها لبيت أهلها. في الطريق طلب منها ربط حزام الأمان لكنها امتنعت بحجة أنها تريد أن تحرر له مخالفة عند نقطة تفتيش رجال المرور. وبعد محاولات عدة لم يكتب لها النجاح ثار الزوج غاضبا وأخبرها بأنها أمام خيارين إما ربط الحزام أو الطلاق، لكن الزوجة أصرت على رأيها فأسمعها كلمات الطلاق .يعني (طالق، طالق، طالق).

تقول بقية القصة التي ذكرتها صحيفة المدينة: إنه بعد أن هدأت الأمور وقبل الوصول إلى منزل أسرة الزوجة شعر الزوجان بفداحة الخطأ، ولا يزال الزوج يبحث عن مخرج لهذه المشكلة من خلال طرح قضيته على العلماء المختصين في الإفتاء. يشار إلى أنه لم يمضِ على زواجهما سوى 6 أشهر .

هذه القصة وغيرها تكشف عن حاجتنا الماسة للبامبو والبامبية. قلنا بأن ال(بامبية) يمكن أن نتفق عليها كمصطلح يشير إلى حالة متكاملة من الرعاية الفائقة مع الصبر الطويل والرؤية البعيدة المدى.

والبامبية – كما ذكرنا في المقال السابق- نسبة إلى شجرة البامبو الصينية التي تحتاج لرعاية متواصلة على مدى زمني طويل يمتد إلى خمس سنوات كي تظهر النتائج على سطح الأرض.


 

شاعر وأديب