لغات الحب للصغار (2)

 

أخضع علماء النفس تحت إشراف جوان لوبي وزملائها من جامعة سان لويس 92 طفلا في سن ثلاث إلى ست أعوام لاختبارات مختلفة من بينها اختبار خفيف للإجهاد العصبي يحصل الأطفال خلاله على هدية ملونة في علبة تكون قريبة من متناول يدهم ولكن لا يسمح لهم بفتحها إلا بعد ثمان دقائق. ثم حلل الباحثون ردود فعل الأطفال على ذلك وقيموا المساعدة والحنان والدعم الذي قدمته الأمهات لأطفالهن خلال فترة الانتظار من خلال نظام للنقاط.

ثم قام الباحثون بقياس حجم منطقة الحصين في المخ لدى هؤلاء الأطفال بمعدل ثلاث سنوات بعد هذه التجارب باستخدام الرنين المغناطيسي فتبين أنه على الرغم من أن حجم هذه المنطقة يتوقف على جنس الطفل، أكان ذكرا أم أنثى، وليس على عمره والوضع الاجتماعي لوالديه إلا أن هناك علاقة إحصائية قوية بـ"مؤشر الحنان" الذي وضعه الباحثون اعتمادا على هذه التجارب.

هناك دراسة أخرى قام بها علماء أمريكيون تحت إشراف البروفيسور مارتن تايشر من كلية طب هارفرد توصلت لنفس النتيجة. إذ أوضحت الدراسة التي شملت 193 بالغا (73 امرأة و 120 رجلا في سن 18 إلى 25 عاما) أن حجم منطقة الحصين في المخ لدى الأشخاص الذين اشتكوا من إساءة معاملتهم في طفولتهم أصغر منها لدى أقرانهم الذين لم يعانوا من المعاملة السيئة.

هذه الدراسات تحثنا على إتقان لغات الحب مع أبنائنا وبناتنا حتى يكون نموهم سليما جسديا ونفسيا. تحدثنا في المقال السابق عن لغة التوكيد ولغة اللمسات، وبقيت ثلاث لغات هي:

1-   لغة الوقت (Quality Time)

لعل هذه اللغة من اللغات التي أصبحت في عصرنا الراهن عملة نادرة نتيجة الالتزامات الشخصية والاجتماعية الكثيرة، ونتيجة للأوقات الطويلة التي تُهدر مع وسائل التقنية الحديثة، وبالذات مع الشاشات الثلاث (التلفزيون، والحاسوب بأنواعه، والجوال). لقد صار منظرا مألوفا أن تلتقي العائلة بأجسادها في مكان ما، ولكن كل واحد منها يعيش في عالمه الخاص ويتفاعل معه. فواحد يضحك والآخر يبتسم والثالث يتأوه والرابع يتأفف والخامس يتعجب، كل ذلك في نفس الوقت في نفس المكان.

أثمن الأوقات هي تلك التي نتفاعل فيها مع أبنائنا وبناتنا بكل حواسنا. نصغي لأحاديثهم، ننظر في عيونهم بحنان، نبادلهم البسمة، ونقول لهم من غير كلام: نحن نحبكم ونهتم بكم. أنتم لا تقدرون بثمن.

2-   لغة الخدمة (Acts of Service)

يحتاج الطفل منذ الصغر للغة الخدمة المعبرة عن الحب، وهي تختلف باختلاف السن. فمن إطعامه وتنظيفه وتغيير ملابسه وتمشيط شعره إلى مساعدته في المذاكرة وحل الواجب إلى رعايته أثناء مرضه وغير ذلك من الخدمات التي نقدمها بروح المحبة والحنان، فتعمق الحب في داخل أبنائنا وبناتنا.

ومن المهم هنا أن نهتم بطريقة تقديم الخدمة كي توصل رسالة الحب بحب.

3-   لغة الهدايا (Gifts)

الهدايا من لغات المحبة الخمس التي تؤثر في الكبار والصغار. وحتى تؤتي الهدية ثمارها ينبغي اختيار الهدية المناسبة للطفل المناسب والتي يشعر برغبة في اقتنائها. كما ينبغي الاعتناء الشديد بالألوان والتغليف والتوقيت وغير ذلك من الأمور المحببة عند الأطفال وبالذات الإناث منهن.

أخيرا نختم بحديث شريف عن رسول الله ورواية عن حفيده الإمام الصادق:

عن رسول الله ( ص) : أحبوا الصبيان وارحموهم.

وعن الإمام الصادق : قال موسى بن عمران ( عليه السلام ): يا رب! أي الأعمال أفضل عندك؟ فقال: حب الأطفال، فإن فطرتهم على توحيدي، فإن أمتُّهم أدخلهم برحمتي جنتي.

دمتم بحب .. جمعة مباركة .. أحبكم جميعا.

 

شاعر وأديب