لكي لا تكونوا سبّابين لعّانين
بينا تتكشّف الحقائق تلو الحقائق لأتباع الفئات المخالفة لشريعة سيد المرسلين - صلى الله عليه وآله - المنصوص على كمالها بولاية أمير المؤمنين - صلى الله عليه وآله - والبراءة ممن خالفه، وأنهم كانوا بين متقدم لأمر الله جل جلاله أو متأخر عنه !!.
وبينا تنشغل ثلّة مؤمنة ببيان زيف عقيدة أهل الخلاف من كتبهم ومصادرهم، مُدعِّمةً أطروحتها ببيان واستعراض العقيدة الحقّة " القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد ، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني"(1)
تنشغل ثلّة أخرى بالدسائس واتّباع ما تشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله! وتتبعها ثلّة أخرى من السذج إثر الضجيج الذي تستهويه أولاهما لمصالحها السياسية النتنة ..
ولعل السب واللعن لرموز أهل الخلاف كان أبرز العناوين التي تم تناولها وإثارة الدسائس والشبهات حولها، التي انطلت على المجتمع ككل، والذي وللأسف الشديد كان من ضمنها لفيفٌ من الطبقة الأكاديمية والدينية، وذلك لرونق الكلمة وبهرجة اللفظ، ناهيك عن الشيطنة ومكر الليل والنهار.
ومحالٌ أن يكون أسفي إعذارٌ لهم ، بل هو من باب الملامة للحمق الذي استوطنهم!!
ومن الجهة الأخرى كذلك انشغال ثلّة من المؤمنين بالتصرُّف اللا إرادي ضد مَن كان همهُ أن يمنعه من العيش بالولاء لمن شاء، والبراء ممن شاء، كما الحديث الشريف ما رُوي عن إسماعيل البصري قال : سمعت أبا عبد الله يقول : تقعدون في المكان فتحدثون وتقولون ما شئتم وتتبرؤون ممن شئتم وتولون من شئتم ؟ قلت : نعم ، قال : وهل العيش إلا هكذا (2).
أقول : لا ريب أن ردة الفعل هذه وإن كانت محمودة ومهمة، ودالّة على مدى النضج والوعي الذي تتحلى به هذه المجموعة المؤمنة، إلا أننا يجب أن ندرك أن هذه الثلة المندسّة تتخذ هذه الأساليب والطرق الغوغائية لإحداث ردة فعل يُبْنَى عليها تصورٌ وانطباعٌ لدى المجتمع الإسلامي ككل بل والإنساني!!
وذلك بتغييب الدور الذي امتاز به علماء وفقهاء ، بل وحتى صبيان الشيعة عن غيرهم من المخالفين لهم ، من مقارعة الحجة بالحجة والدليل بالدليل.
فاللعن والسّب كعنوان قد يكون محرماً، كما قد يكون خلاف ذلك ، وهو ما وجدناه مزبوراً في كثيرٍ من الآيات الكريمة، والأحاديث والروايات الشريفة والمعتبرة، والأطروحات والأبحاث العلمية بشكل مفصّل، وإن كان ما توصلنا له ليس إلا النزر اليسير منه.
وعليه فإن ما نجده من حراك بعناوين مشتتة فضفاضة، يبتكرها ويُبدع في نسجها من يَصِلون عادة إلى سدة الحكم باسم الدين، ليضيق الخناق على من ينازعهم في سلطان، أو من يَظُن به ذلك، فيجعل مِن هذا الأصل حائلاً بينه وبين الترابط والتكاتف والتعايش الاجتماعي !! والمواطنة والوحدة الإسلامية -التي بواقعها خلاف الإسلام- وكأن من خالفه وجهر باللعن أو السب أو البراءة يضع على خاصرته حزاماً ناسفاً، بل ويسعى هذا السلطان جاهداً للنيل من كل من تكون له مطامع في فضح رموز الضلالة وأئمة الكفر، وبالتالي هداية المخالف بالدليل والحجة والبرهان والأخذ بأيديهم للهداية عوضاً عن أن نُسَجَّلَ في قائمة مَنْ تَخاذل في الدعوة إلى الله جل جلاله والنبي وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام .
وواقع الحال أن هذه الطبقة ذات المصالح المشتركة مع المخالف – خصوصاً - وبعضهم وسعها ، إذ ورد عن احدهم أنه لم يكتفي بما يدعو له بعض من نراهم الآن بمسمى الوحدة مع إخوانهم، بل جعل ما يربطه والنصارى في وطنه أخوة إيمانية !!
هنا أجدُ أمراً مغيباً !!
وهو أن هذا الضجيج لم يكن لأجل وحدة أو تكاتف أو وطن أو ما أشبه، بل هو للحفاظ على الكرسي والمنصب والمقام الديني – المزيف - ، مهما كان الثمن.
هنا فقط وفقط؛ علّنا ندرك مدى خطورة المؤامرة لتدمير التشيع، من خلال تعطيل أي حراك لأبناء الطائفة بدَسِّ الأراجيف حول مَن يوجد لديه أي نشاط مِن المعين الصافي.
فبالقدر الذي نحن اليوم فيه بحاجة لردة الفعل الّلا إرادية المنبثقة من الشعور الداخلي للخطر المقبل – كما أسلفنا -، وبحاجة لردة الفعل الإرادية العلمية المستندة للحجة والدليل والبرهان، نحن كذلك بحاجة لمنهجية مغيبة!!،
وأعني بذلك التفصيل حول ألفاظ السب واللعن من تقنين وحدود وبيان المصاديق ومطابقته مع الواقع من عدمه ، وبهذا التأسيس برأيي القاصر يكون تمهيداً لحل بعض تلك الإشكالات التي يثيرها بعض الجهلة بالنصوص الواردة والتعاطي معها من خلال تجسيدها بواقعنا المعاش ونضمن ألا نكون مشتملين على وجه من الأوجه المنهيُّ عنها في الكتاب والعترة.