عبر الأثير
تتخطى المشاعر الإنسانية النبيلة كل الحدود والجغرافيا حينما تكون صادقة، فهي بذلك تثبت بأنها أقوى من كل الأزمات والكوارث. وفي المواقف الصعبة تنكشف مدى قوة العلاقات بين البشر، ومصداقية المشاعر في قلوب الناس.
رسالة من قريب واتصال من بعيد، سؤال عن الحال واطمئنان على السلامة، كلها وسائل كفيلة بأن تربط بين جدة والجبيل، والرياض بالقطيف وسائر المناطق الجميلة في هذا الوطن الكبير. ومن خلالها تصير المسافات قريبة، وتتآلف القلوب مع بعضها البعض لتشكل باقة من الورد.
صديق صادق من الرياض يتصل،
وآخر من جدة يهاتف ليطمئن ورسالة من الطائف تثلج القلب، بل وتعدى ذلك الحس والضمير الإنساني كل الاختلافات والمكونات البشرية حتى تجاوز إلى خارج حدود الوطن، فمن الكويت إلى البحرين وعمان والأردن ومن سائر هذا العالم حيث تجد تلك اللحمة وذلك الإهتمام والحب في أبهى صورة، وقد تجلت في تلك النفوس العظيمة.
تفرز الأفكار والمشاعر بني البشر، وتكشف أي الأفكار يتبنون وأي المشاعر يحملون، ومن خلال ذلك نكتشف حقيقة أصحاب الحب والسلام الحق.
عبر الأثير أزيلت الأسوار وذابت حواجز الجليد، فلا زمان ولا مكان يفرق الأحباب، وقد تجاوزت رحمة الله المودعة في الإنسانية كل الديانات والمذهبيات والقبليات، بل وحتى الألوان العرقية التي صنفت وفرَّقت البشرية عن بعضها البعض.
وحدها الإنسانية ذات الفطرة السليمة النابعة من شرائع سماوية صحيحة كفيلة بأن تجمع الناس وتوحدهم كي يتعايشوا في سلام، ووحده الحب الطاهر النقي الخالي من العلل هو ذلك الذي يعيش ويثمر ويحلق في هذا الفضاء بلا قيود تكبله ولا قوى تمنعه، فهو يبعث رسائل المحبة عبر الأثير متخطيا كل الحواجز والفوارق، ليقول للعالم وباختصار شديد، كلنا من آدم، وآدم من تراب.
والخاتمة بأجمل الكلام لسيد البلغاء علي في وصية لمالك الأشتر يقول فيها:
: «النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ».
حفظكم الله ورعاكم من كل المكاره.