شيخ التقوى ( رثاء العلامة المرهون )
عمدتُ لوحي الشعر لكن تمنعا |
أما كان باب الوحي بالأمس مشرعا |
فأطرقُ بالأقلام بينَ أناملٍ |
أصرتْ برغم الضعف أنْ تتجمعا |
وحقَّ لهذا الوحي ِ إغلاقُ بابهِ |
كفاهُ بهذا الفقدِ نوحاً تفجُعا |
فرحتُ أناجي في الخفاء قريحتي |
وأستلُ أبياتاً وأودعُ أدمُعا |
فبين يديَّ اليومَ قرنٌ وجدته |
بآياتِ شيخ العارفين مرصَّعا |
وبين يديَّ اليوم سِفرٌ مرتلٌ |
إذا ما قرأتُ الحرفَ منهُ تفرَّعا |
وبينَ يديَّ اليوم قلبٌ ألمُهُ |
فقد كان بين العالمين موزعا |
فشريانهُ نهرٌ إلى كلِّ ضفةٍ |
سعى للعطاشى بالزلال وأترعا |
أؤبنُ منْ ؟ شيخ السماحةِ والتقى ؟ |
وغصنُ بني المرهون نجمٌ تشعشعا |
فهاهو يزهو في الفراتين سابحاً |
وفي نجفٍ بين الدراري تربَّعا |
فأينَ عصا الترحالِ تُلقى وروحهُ |
مجنحة طارتْ إذا حطَّ أوْ سعى |
فيجذبهُ بحرٌ من العلم ليلةً |
وعند انبلاج الفجر لمْ يلقَ موضعا |
فأذيالهُ باتتْ ككسوةِ كعبةٍ |
تناولها العشاقُ باللثم والدعا |
تحنُ لهُ كلُ القطيفِ فيعتلي |
على صهوةِ الأشواقِ يرجعُ مسرعا |
هو الشمسُ إنْ غابتْ بغربِ عراقنا |
تُكَوِّنُ في شرق ٍ من الخَطِّ مطْلِعا |
فسبحانَ من أعطاهُ قلباً متيماً |
ورغم ازدحام الناس فيهِ توسعا |
وسبحان من أعطاه قلباً تناوبتْ |
عليهِ الرزايا ثابتاً ما تزعزعا |
تقبلهُ الأعوادُ منْ كلِّ منبرٍ |
إذا ما رقاها راثياً متصدعا |
يجودُ بنفسٍ عندَ ذكر حسينهِ |
ويصنعُ بالآهاتِ في الصخر مدمعا |
فعلمنا فنَّ البكاءِ ونحن في |
حجور اللواتي ما بكينَ تصنعا |
فألهمنا نهج الولاءِ حكاية |
أصغنا لها في مجلس الذكر مسمعا |
هو ابنٌ لمنصورَ الفقيه فكيف لا |
يكونُ كما شاءَ الفقيهُ وأروعا ؟ |
توسمَ في عينيهِ زهداً وحكمةً |
فنشأهُ شيخاً وألفاهُ مبدعا |
لذا أفردَ التاريخُ فصلاًً منمنماً |
على صفحاتِ الصدق والصدقُ ما ادعى |
تََقلدهُ الأيتامُ فوق صدورهمْ |
وساماً وحفتهُ المساكينُ مرجعا |
فتلك نساءُ الخَطِّ تبكي أبوةً |
بأسمى احتشامٍ في المسيرات خُشعا |
وهاتيك أفواجُ الرجال تقاطرتْ |
تشاركها الأملاكُ في موكبٍ معا |
فهلْ أدركتْ عينُ القطيفِ خسارةً |
وهلْ أبصرتْ شخْصاً كذاكَ مُشيَّعا ؟ |
هوَ الجودُ والإخلاصُ والبرُ والتقى |
هوَ الخلقُ السامي الذي ما تقوقعا |
رياحينهُ صارتْ على الجرح بلسماً |
ونسرينهُ قلبٌ بمسكٍ تضوعا |
فأقسمُ لوْ ألقى رداءَ صفاتهِ |
على عالم الدنيا بيوم ٍ تشيَّعا |