معركة تصفية الحسابات
تعددت في الآونة الأخيرة أساليب تصفية الحسابات بين الناس وهي كالآتي، الخوض في تاريخ الطرف الآخر والملفات الشخصية الخاصة به، وذلك من أجل الاصطياد في الماء العكر وتسديد الضربة القاضية للخصوم لجعلهم يرفعون راية الاستسلام في الساحة الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما أن هناك أساليب أخرى في تصفية الحسابات، ونأتي بمثال المعركة القائمة بين الطرفين المتناقشين، والتي تهدف إلى أستخدام اللهجة الحادة في الانتقاد، بغرض إثبات الوجود والاستفراد في الساحة من دون افساح المجال لتبادل الآراء.
إن كل طرف يريد إبعاد الطرف الذي ينافسه من الساحة أو يحاول بشتى الطرق إثارة خلافات جانبية، فالتقيد بالمبادئ والقيم الأخلاقية والاجتماعية يكون مرفوض، الأمر الذي يجعل المجتمع يتحول لبيئة خصبة لإشعال الخصومات، ومن هذه الناحية يكون إيجاد الحلول الوسط، أو المناسبة لتحقيق التعاون وتقريب وجهات النظر، بمثابة إثارة نزاعات اجتماعية غير منتهية، بسبب عدم وجود رغبة في النقاش مع فئة معينة من الناس، أو جميعها، وبالتالي يتم منع جميع التوجهات من الوصول للنتيجة مثمرة.
ومن أسباب نشوب معركة تصفية الحسابات هي رفض التعدد في الآراء والأفكار، وضعف روح التعاون، وقلة الوعي بين أصحاب الإبداع والثقافة بمختلف مجالاتهم جعل لديهم النظرة السلبية تجاه مختلف التوجهات، فهم يرفضون آراء مختلف الشخصيات وأن هدفهم هو السعي للممارسة الإقصاء الفكري والثقافي والاجتماعي بحجة اعتقادهم إنهم دائما على صواب، لأنهم يعتمدوا على رأي واحد فقط، وهذا ما يؤدي إلى بروز أمراض اجتماعية يصعب حلها.
والحل الذي يحقق النتائح المثمرة هو التقيد بالنقاش الإيجابي الذي يؤدي إلى تطوير الأفكار، وإعطاء الآخرين الفرصة للتعبير عن وجهات نظرهم ولو كانت متواضعة فهذا يؤدي إلى تقوية العلاقات بشكل عام، وذلك عن طريق تقديم العون والمشاركة في تصحيح الأخطاء من خلال توجيهها إلى الطريق السليم، بعيدا عن تكريس ثقافة الإقصاء والتهميش التي لا تعزز روح التعاضد والتكافل.