عشق الحسين
أقدس ما قد يحدث لِإنسان في حياته، هو معرفة الإمام الحُسين ، وإنّ معرفة معنى الحُبّ، العشق، التّيتُّم، الهوَس، الجنون، لذّة الانْتظار والشّوق، الاحْتضار لِزيارة لا يعلمها إلّا مَنْ تذوّق قُدسيّة عشق الإمام الحُسين ، وأحسّ بلذّة فراقه، رغم أنّ عاشق الإمام يُنهَش شوقاً، إلّا أنّ في ذلكَ الانْتهاش شيْءٌ يختبئ، فعندما يقول قارئ العزاء في اليوم العاشر من مُحرّم "وها قد قُطِعَ رأس الحُسين .
نرى كيف تكون حالة الباكون واللّاطِمون، حيث أنّ مصابه قد أكل من قلوبهم الكثير، لكن مُقابل هذا التآكل هناكَ شيْء سينمو مكانه، فإنّنا نرى كيف أنّ الورد ينمو بين انْشقاق الصّخور وثقوبها، فتبدو الصّخرة في غاية الجمال، أمّا نحن ورغم خَلْقِنا من طين إلاّ أنّنا لا نُزهر، لكنْ عندما يُحدِث فراق مولانا الإمام الحُسين ومأساتنا عليه ثقوب في قلوبنا وأرواحنا سَينمو ما هو أقدس وأجمل من الورود والزّهور، وأرقى من رائحة ورد النّرجس والياسمين، فسيَنمو من بين تلك الانْشقاقات ”حُبّ الحُسين، عشق الحُسين، انْتظار زيارة أربعين الحُسين“.
سيُبلسم الإمام العطوف هذه الانْشقاقات، وتفوح منها رائحة لمْ تكُن يوماً ولنْ تكون، فمُنتظِر زيارة الإمام والمُشتاق له، تمْلؤهُ الكثير من تلك الثّقوب والانْشقاقات، فكيف ستكون حالتهُ إن بلسمها الحُسين بحُبّهِ وحنانهِ ورأفتهِ، حينها سيكون هذا المُنتظر والمُشتاق عاشق مُولّع ومُقدّس لِلْحُسين .
كما أنّ رائحة طيّبة ستفوح منه، رائحة سيُحبّها كلّ مَنْ يَشْتَمُّها، رائحة عشق الإمام الحُسين، وستكون روحه وقلبه وجفونه أجمل من غيْرها بأضعاف، فالصّخرة الخالية من الثّقوب ليست بجميلة لأنّ الزّهور لنْ تنمو منها، وهذه هي حالتنا إن لم نمتلئ بآلام وأوجاع وجروح من أجل الإمام الحُسين فلنْ تُصبح أرواحنا جميلة يوْماً، ولنْ يقترب منها أحد، حينها سنكون كالوَردة بلا رائحة لا يتقدّم أحد لِيَشتمّها.
أمّا الزّهرة الّتي تفوح منها رائحة زكيّة يتهاتف النّاس على اشْتمامها، فإن امْتلأْتَ بانْتظار زيارة لِلْحُسين وفاح عشقكَ لهُ، سيضع الله حُبّكَ في قلب كلّ مَنْ يُقابلكَ، وستنتقل هذه الرّائحة إلى مَنْ قابلَكَ، فرائحة عشق الحُسين مُعدِيَة لِشدّة جمالها، فهيَ طيّبة وزكيّة لِدرجة أنّكَ كلّما اشْتمَمْتها، أردَتْ اسْتِنشاقها أكثر، لِتصل إلى مرحلة نسيان الهواء وتنفّس رائحة عشق الإمام الحُسين .