بطعم ولون الرمان
مُنذ أن خلق الله الخليقة، كرّم الإنسان، وعرفه البيان، واستوطن فيه روح العطاء، وحب العمل المتقن..
فلا يوجد بين ظهرانينا من يٌجلل نفسه بالكمال والذكاء الراجح، ومن حوله أغبياء، إلا صاحب مرض بالجهل الواضح والمركب بالتبعية واستجداء المديح!
نعم، كُنه الإنسان بوجود روح العطاء وطين النماء، لزراعة الأشجار المثمرة، وإن لم تُعطنا من نبضها المخضر، لن تحرمنا من ظلها الوارف حتى في الجفاف واليباس..
لأن صاحب اليقين هو من يصنع الألقاب أمام اسمه لا العكس كما هو الرمان..
فهل رأينا أحد العظماء تأرجح فوق المُسميات والأوسمة ونحوها؟
من هنا دعونا نتحدث عن الإبداع، وعلى ماذا يعتمد؟
وهل هو ينحصر أي الإبداع على عمرٍ معينٍ أو فئة معينة؟
فالإبداع هو إيجاد الشيء من لا شيء، وإثبات الشيء من العدم إلى الوجود بأبسط الأمور، وجُلّ الوجود ابتسامة الثقة، وجموح الخيال، وتحدي الذات أمام قارعة المارة بالثبات..
فامنح نفسك الفرصة أيها الطالب/ة المُحلق، والمُعلم المؤثر، والكاتب البارع، والمُصور الواثق، والرسام المُميز، والطبيب الحاذق، والقائد الأمين، والمُخرج الفنان، للعمل الجاد، لا بالتسويف والتربيت على أكتاف الجدران، والسواعد السمراء، والأيادي المُفطرة..
وما أجمل تلك الاتصالات التي تتصل بك بأوقات مُتفرقة، فوق عقارب الزمن ونهاية الوهن، لتشكل الأطياف وزراعة المطاف..
فالآباء عنوان ثباتهم، والأمهات بداية رشادهم، فهم الأولى بالفخر القريب لإضاءة المنار بين هذه الومضات القصيرة والمُختزلة:
ثق بنفسك جيداً، ولا تراهن على أحدٍ كان هنا أوهناك إلا بالتحفيز.
أصقل مسامعك ونواظرك بالقراءة والمتابعة لجميع الفنون والأقطاب؛ كيما يشتد عودك، وتُجلل نهوضك في كل الميادين.
تأمل مُحيطك ونشاطهم بصمت، وعلى وجه الخصوص أصحاب الحقيقة لأزاميل جبال الهمم ونحت مُجسمات القمم.
توغل في سير العظماء الإنسانية المكتوبة، والتقريرية المصورة حسب الوسائل المتاحة.
دون سيرتك ومسيرتك دون استجداء أكف الإلحاح أو غلو الألقاب.
تأكد بأن ما تكتبه اليوم ربما لا تؤمن به في الغد؛ فاجعل من نواظرك مكتبة، وبين أدراج أضلاعك نبضات الاطلاع لكتابة رأيك في الهوامش والمسوّدات.
لا تجعل نفسك بوقاً دون وعيٍ «بالرتويت، وامدحني وامدحك».
اطمئن بأن الأفواه الموبوءة ستلاحقك، فابتسم «بالطماشة».
راهن على إيمانك بالله «عز وجل»، ودعاء أهلك، فهم سندك بأثر الفخر ومفاخر التأثير في الحاضر والمستقبل.
لا تقوّم نشاطك وإبداعك بتصوير أغلفة الكتب فقط، واستحضار الأسماء في سرد الكلمات فأين وعيك وثقافتك.. فكم هم الذين عاشوا بيننا بالنكران، «واستعاش» غيرهم بمديح غبار المقابر وتعداد التآبين والرثاء..
كلما ضممت الصمت بداخلك، تفتقت مقومات الإبداع أمامك وبين أناملك دون تكلفٍ أو تعبٍ.
احترم الجميع وشاركهم أفراحهم وأتراحهم بإنسانيتك المنصوص عليها، ولا تكن كالذي يحضر المناسبة وتحت إبطه إزار الثناء وعقله وعاء.
ازرع الأمل والابتسامة لمن حولك، حتى بعد وصولك لأقصى الموج؛ فعنوان الدار حُسن الجوار، وزكاة العلم تعليمه كما ورد.
لا تلتفت للوراء إلا لتغيير نفسك بكيف كنت وأصبحت الآن.
كافئ نفسك على الدوام بطباعة منجزك وتوثيقه والإعلان عنه بثقة تامة، ولو بكوب قهوةٍ فأنت تستحق ذلك.
تأكد بأن أريجك وعبقك سيخنق الظواهر الصوتية، والعاجزة عن وضع نفسها محلك إلا بعدوى التكتل «والشللية» والتعبئة والتشدّق.
تأمل عُمرك القصير، ووجودك الكبير؛ فعنوان النص اسمك، ومقام الحضور رسمك يا مبدع/ة.
راهن على ريحان وعيك ومالك، وجورية فكرك للعطاء، واجعل الأشواك تحرسك، وطعنات رماح الغيبة تدفعك إلى الأمام.
كلما استحضرت ذاكرتك ستضحك وتسخر وربما تحزن، ولذلك اجعل من الشارة عنوان الإشارة.
تأمل سيرة الأنبياء والرسل، فستجد مقامك على الدوام بالرفعة والمكانة والإيمان.
لا تُفرط بإعجابك دوماً؛ لأن بتوحد المصالح تتابع الخطى، وتكثر ألسن الأعذار والمبررات.
كن بإنجازك قدوة لأهلك وعيالك وأحفادك، فأنت شمعة طريقهم باختصار مسافة أعمارهم الإبداعية والإنتاجية بإذن الله.
كم هو عمرك الآن؛ وراتبك؛ ومتى أظهرت نفسك؛ وما الفرق بين عقلك وعقول الناس من حولك؟
لا توجد مُساومة بين أحدٍ، طالما المال من جيبك، وصحيفتك ظاهرة وفق الضوابط ورهان الدار صنع القرار يا أخي وأختي عند دور النشر والتوزيع.
استشر لإبداعك المُختبئ أهل القمم وصناع العزم، فستضحك من هول مديح مصارف التملق يوماً ما؛ ساعة وصولك للضفة المرجوة.
جمالك بوعيك وفكرك، لا بهواتف العملة وسيارات الأجرة من حولك.
اجعل من حضورك بوصلة، ومن اطلاعك كعبة فوق سرج البراق، وملامسة زغب الملائكة، ومُناجاة سدرة المنتهى بالدعاء.
امتلك فطنة وأمانة ورشاقة بين بعض الكراسي الملغومة، والأسئلة المرسومة، لاستجداء الثناء واستغفال من حضر.
دع عنك البعض، واستوطن عقول الكل بالتأكيد؛ لأن الحصيلة الثقافية والقناعات الفكرية تتبدل كالملابس ومقاس النظارات.
البعض منا يُفاخر في معاجز بداياته، فهل يُطعمنا اليوم برؤية مأدبة أول نصٍ نشره وعرّفه بالجمهور؟
احضر المحافل الأسرية والاجتماعية والفنية والثقافية، كيما تتوسع علاقاتك، فقيمة الأستاذ تلاميذه، والخطيب فيمن يسمعه، والمُنتج لمن يشتريه ويتحصل عليه.
لا تُثقل حضورك بين أنامل التربص السلبية، لقراءة عناوين الأماسي والمداخلات الصوتية، والقشور السطحية، فعنوان التفاضل التكامل بين جميع المصفوفات وأعداد العشرات والألوف بالإيجابية.
لا تدعي «الأستذة» طوال حياتك، فسمات أهل القيم والمبادئ التواضع الدائم ونماء الأزهار من حولها.
بداية كل مفخرة العرض والإلقاء، فلنتخذ من الإذاعة المدرسية عنوانها، ومن نبرة الصوت مآلها، ومن لغة الجسد سياجها، ومن الملامح إنسانيتها وسؤددها.
عرف بإبداعك في وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تُقْبل على التوثيق؛ فجمال العتمة نورك وشموع الإعجاز سرورك.. من دون توصية لمدحك والثناء عليك بلغة المباشرة أو عبر أفواه الواسطة.
اجعل إبداعك يدل عليك بالثقة بين أصناف الناس وتوجهاتهم فغاية الأمر الصدق والاحترام والاهتمام.
ستكثر لقلقة المُصطلح العاجز من حولك، والأكاذيب المُهلهلة نحوك، فاكتفِ بالنظر إليه والتبسم بهذا القول: دون ما قلته في مقالة واضحة وسوف نرد عليها بإذن الله؛ وإياك أن ترد على الأسماء الوهمية والأرقام «الوتسابية» فمآربه غاية ومرضه دراية.
اعلم بأن ذبياني الهدم ما زال حياً، وطاغور الوهم لا زال سوياً؛ فاجعل حميد من خلفك يدون مسلم صرير يراعك في الأمانة الإبداعية لا المعارك الصنمية.
لا تتوقع مساعدتي لك إذا ما رأيت فيك التبعية العمياء، والاستثناء يكون في مُحصلة المصالح المستقبلية بالتعذر إليك، «وأخذ ما بالخاطر» بالولائم المُتفق عليها لأجلك.
ثق بأنني سأجعل من غروري إليك عقبة بالأمراض وأنواع العقاقير طوال حياتي، وساعة نجاحك سأُخبئ نيتي خلف أقنعة مدحك، واحتلاب شموخك وسموك أمام الجميع.
لا تتوقع اعترافي بك بين «فلاشات» التصوير إلا بالتنكر، وساعة ما رأيتك في منزل عمي وخالي أو عند الإشارة بالطريق، سألوح لك بيدي، وسأرتمي في حضن التودد إليك كالحمل الوديع؛ بغية التمثيل لرقصة الوزن، ودهشة الحبكة لعباب النثر وردهات القافية..
لا تنخدع في ثفنات جبهتي، وطول مسبحتي، وتلون خواتمي، وسباقي لأركان العبادة، وانسياب كلامي ورقراق سلامي، ففي خلوتي أعبد الدنيا، والدين لعق على لساني بالكذب والبهتان.
تيقن من كان ماضٍ فبناء حضوره النسيان في شخصه، وما سرك إلا في الحصيلة السامية بتربيتك وأخلاقك وسلوكك وعفويتك التي تكررها ونكررها دوماً بالسوية.
الهمسات تطول وتطول، فلا تراهن على ما كتبت إلا بكن أنت ولا تكن غيرك في اتخاذ القرار الصادق بحفظ الله.