بداياتي مع الكتب
لم تكن علاقتي بالكتب قصيرة أبدا، فقد أصبح منذ مدة جزءا رئيسا من برنامجي اليومي. فعندما كُنت في صحبة أمي وقت علاجها ومرضها، كنت أقضي معظم الوقت بين الأسرّة البيضاء ومعاطف الأطباء.
حينها قررت أن أصطحب معي بعض الكتب إلى المستشفى بدل الوقت الضائع في لاشيء. صرت أشغل الوقت بقراءة كتاب مفيد من أي نوع وأحيانا كتبا طبية.. فالطبيب يزود أمي بالدواء وأنا أزود عقلي بالمعلومات المفيدة.
ومنذ تلك الأيام وأنا أصبحت أستمتع عندما أمسك بكتابي وأنا بجانب أمي أحتضن كتابي بيدي الحالمة وأنظر إليه بشغف. تارة أقرأه وتارة أنظر إلى وجه أمي «جنتي».
فعندما أراها مبتسمة تبتسم معي أحلامي وأمالي الصاعدة وأتفاءل بشفائها في القريب العاجل. أقلب الصفحات وأطوي معها جزء من ألمها ووجعها وأعود الى كتابي أحاكي كلماته، وأنهل من معارفه وأسترق النظر تارة إلى جنتي فأراها رافعة كفيها بالدعاء لي ولإخواني مبتهلة إلى ربها، بينما يكون الطبيب رافعا إبرة الإنسولين والدكتون، فأبتهل لها أنا وأرفع صوتي بالكوثر والمزمل وأطيل النظر إلى كتابي ولا ألبث أن أرفع رأسي حتى أراها غطت في سبات عميق.
حينها أغلق كتابي وأقبل كفها وأضع رأسي فوق نبضها كي أخذ الأمان وأغفو.