لا تقروا سورة يوسف!!
هذا النهي لا نخص به الرجال، إنما نخص به النساء، فهل هناك نهي للنساء عن قراءة سورة يوسف؟!، في مطلع السورة تقابلنا آية تصف هذه القصة الرائعة، بقول: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَص»، لكن المتتبع في متون المرويات تستوقفة رواية نضع عليها علامة الاستفهام، وهي ما ورد: «لا تعلموا نساءكم سورة يوسف ولا تقرؤوهن إياها فإن فيها الفتن وعلموهن سورة النور فإن فيها المواعظ».
هل حقًا السورة التي هي «أحسن القصص»، يجب أن تحجب عن النساء؟، هل صحيح أنّ هذه السورة تفسد النساء، وتقدم لهن النموذج السيء؟!، وأنّها تغرق في الفتنة، ويجب أن تمتنع النساء عن قراءتها!!، لنتناول أبرز فتنة في هذه السورة وهي آية: «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِه»، المراودة وقعت من زليخا ليوسف، حتى شاع الخبر وانتشر، «وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا».
فلماذا وقعت زليخا في هذا الحبّ؟!، ذهب البعض أنّ يوسف لم يكن بارع الجمال، وأنّ جماله كان عاديًا، إلا أنّ البعض الآخر يرجح جماله وأنه فاق الوصف، لما ورد من نصوص وآيات، منها حديث المعراج أنّ يوسف : «أعطي شطر الحسن»، والآية التي تقول على لسان النسوة: «فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ».
كما بررت زليخا لصويحباتها: «قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ»
يذهب الرأي الأعم أنّ زليخا وقعت في حب فتاها، بل وشغفها حبًا، فلما لم يستجب لندائها استحال قلبها «قطعة من الحجر الأصم».
هل تتحول فعلًا المرأة العاشقة إلى ما بلغته زليخا، أم ماذا؟!، قيل كذلك أن زليخا التقت بيوسف بعد أن ذهب مالها وجمالها، وقالت له: «سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا»، فسألها يوسف ما حملها على ما فعلت، فقالت له: «يا نبي الله لا تلمني فإني بليت ببلية لم يبل بها أحد، قال وما هي؟ قالت بليت بحبك ولم يخلق الله لك في الدنيا نظيرا وبليت بحسني بأنه لم تكن بمصر امرأة أجمل مني ولا أكثر مالا مني»، وبينت في ذيل الرواية أن زوجها العزيز كان «عنين»، وهناك من لا يرجح ذلك.
القصة مثيرة وفيها أقوال، والجميل أن نتأملها ونطرح كل سؤال يرد، هل هذه السورة تعلم العفة أم تشجع على المراودة؟، وهل ننصح النساء بقراءتها؟، أم عليهن الابتعاد عنها وقراءة سورة النور، بدلًا عنها؟!، علينا أن نفتح مجال التساؤلات، وقد تكون صادمة، وربما تغير الكثير من الأحداث التي نتوقعها، وبالبحث والتنقيب قد نصل إلى الرؤية الصحيحة التي وقعت عليها القصة، فليس دائمًا ما في عقولنا صحيح على الدوام.