تَبكِي وما ماءُ المَدَامِعِ ينفعُ
تَبكِي وما ماءُ المَدَامِعِ ينفعُ
قُضِيَ القَضَاءُ وَمَا انقَضَى لا يَرجِعُ
لَمْلِم جَواكَ فَمَا أَصابَكَ صَيِّبٌ
إلا لِتُضرِمَ في الوغَى ما تَجرَعُ
هَذا فُؤادُكَ قَد دَفَنتَ رُفَاتهُ
مَا عَادَ هَمَّاً ما يَضُرُّ وَيَنفَعُ
فَاربَأ بِحِقدِكَ أن يَمُوتَ وَنَارُهُ
لَمَّا تَزَل بِوَقُودُ غَيظِكَ تَلْفَعُ
لَبِّ النِّداء فَقَد أَتَاكَ رَسُولُهُ
بِطبولِ حربٍ بالمَواجِعِ تُقرَعُ
لا هانَ دَمعُكَ والمُوَدَّعُ فِلقَةٌ
كَأَتَمِّ ما تُبدِي البُدُور وَتَطلَعُ
وكأن كَفَّكَ إِذ رَفَعتَ بِما بِها
بَدرٌ بِألوانِ الدِّماء مُقَنَّعُ
مُتَشَبِّثاً جَسَدَ الرضيعِ وَمُعلِناً
غَضَبُ السماءِ لِثأرِنَا يَتَطَلَّعُ
فَاشحَذ ضَمِيرَ الأرضِ أَن يُخزَى وَقد
لَعَنَت وُجُودَهُمُ الجِهاتُ الأربعُ
واستَنقِذِ التَّاريخَ مِن ظُلُماتِهِم
لا حَقَّ إِلَّم تَنتَزِعهُ الأذرُعُ
بَلَغَ الزُّبَى سَيلُ الدِماءِ وإنَّهُ
قد أَعذَرَت نُذُرُ الدماءِ المُوجَعُ
صُوَرٌ تَعُجُّ بِها الظُنُونُ مع الرُّؤَى
مَن ذا الذي يَعلُو وَمَن ذا يُرفَعُ
جَلَدُ الرُّجولَةِ حِينَ يَهزَءُ ضَاحِكاً
بِالحَادِثاتِ وَقَلبُها مُتَقَطِعُ
وَهَجُ الأُبُوةِ حِينَ تَلثِمُ ثَغرَهَا
قِطَعٌ الحَياةِ وَقَد دَهَاهَا المَصرَعُ
لغةٌ تُرِي بِحُرُوفِها مَا لَا يُرَى
وَتَقُولُ بالصمتِ الذي لا يُسمَعُ
جَسَدُ الطفولةِ حِينَ يُسحقُ مُعلِناً
هَمَجِيةُ الأوغَاد لا تَتَوَرَّعُ
عَاثُوا بِهذا الكَون مِلئ وُجّودِهِم
كالعَثِ كَاثَرَهُ الإنَاءُ المُشرَعُ
قُل لِلرَّضِيعِ وَخَدُّهُ مُتَرَمِّلاً
بِدِمائِهِ أَزِفَ الحِمَامُ المُسرِعُ
أَبلِغ حُشُودَ الوَاهِنِينَ مَقامَهُم
هَذا الفِداءُ إذا سَخَى مَن يَدفَعُ
أَبلِغ بَني الشَّمطَاءَ لَمَّا أَن طَغَوا
طُغيَانُكُم بِالأرض يَوماً يُقلَعُ
سُنَنٌ لَهَا بِالغَابِرِينَ مَآثِرٌ
وَعلَيكُمُ جَرَيانُهُا لا يُمنَعُ
منصور يحيى
1445/11/21
2024/5/29