تعلمت درسًا !
نحتاج إلى دروس متكررة لنستفيق على حقيقة من هم حولنا، حتى وإن فات الوقت، قد يكون الدرس الذي تعلمناه مكلفًا لكنه مهم. انطلاقًا من مقولة ”لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين“ نجد أنفسنا نُلدغ مرات ومرات من نفس الجحر. فالطيبة الزائدة أو أحيانًا حب المساعدة شعور يراود الكثير منا، ولا يستطيع البعض مقاومته، بالرغم من معرفته بطبيعة من حوله ممن يمتلكون بريقًا سطحيًا يخفون وراءه نوايا أخرى.
من منا لم يقع في مصيدة هؤلاء الذين يسعون إلى استنزاف مجهود الآخرين ليظلوا محاطين بالإطراء والإعجاب؟ فاستغلال مجهود الآخرين هو أحد أبرز الفنون التي يتقنها أصحاب هذا النوع من الذكاء. بعضهم فطن إلى درجة يعرف معها نفسية الآخرين، ويعرف كيف يستغل عطفهم وثقتهم، فينسج حوله هالة من البساطة والبراءة، ويتظاهر بالعجز أمام أبسط المهام. بلهجة حانية يطلب المساعدة بعبارات تعكس الضعف والحاجة. فهو لا يريد أن يتعلم ويكتسب مهارة معرفية، بل يريد الالتفاف على تلك المساعدات ليقتنص النتائج لنفسه ويترك من ساعده خلفه يلهث.
من أبرز أشكال الاستنزاف الذي يعاني منه الكثير ما يحصل في بيئة العمل، حيث يتم استنزاف الطاقات واستغلالها للحصول على أمجاد مزيفة وخطف الأضواء على أكتاف الآخرين، بينما تبقى الجهود الحقيقية في طي النسيان. في ظل هذا الاستنزاف المرهق، نجد هناك من ينتهز الفرص متقمصًا دور القائد أو المدير، فيكلف زملاءه بأشق المهام وأصعبها، ليجني ثمار ذلك المجهود وحده، بينما يبقى بمنأى عن أي عبء أو مشقة، مكتفيًا بالنجاح المزيف الذي حصل عليه من تعب الآخرين.
وهنا تكمن المرارة عندما ترى أن عملك ومجهودك وتعبك أصبح ملكًا لغيرك. هكذا يضيع الإبداع ويختفي الشغف، ويتحول العمل إلى عبء ثقيل.