شهية الوجع مفتوحة !
الكثير من الأشياء بداخلنا نتمسك بها بقوة لدرجة نخشى فقدانها، رغم أنها تسبب لنا الكثير من الألم والحزن. فالتعلق بالذكريات أو الأفكار أو العلاقات يجعل شهيتنا مفتوحة دائمًا على الوجع، خاصة في العلاقات السامة. يقينًأ نُدرك أن هذه العلاقات متعبة، إلا أننا نبالغ في الحذر في معاملتها، ونتعاطف معها بشدة، ونراعي مشاعرها، بينما هي أنانية، تمنح نفسها حجماً أكبر مما تستحق. في المقابل عليك أن تتحمل أخطاءها وتلتمس لها الأعذار، ولا يحق لك أن تخطئ ولو بزلة لسان غير مقصودة، أو حتى تعاتب.
هذه العلاقات تستنزف الجهد والطاقة.
القانون العاطفي الذي يتبناه أغلبنا يجعلنا نتعلق بالكثير من الأمور والأشياء التي لا داعي لها، بل هي في الغالب عقبات تعيق حركتنا نحو تحقيق طموحاتنا، وتسلبنا الراحة.
للتعافي من هذه الأمور والعلاقات، نحتاج إلى ”حمية“ للوقاية من الإصابة ب ”تخمة الوجع“، ونحد من شهيتنا للألم عبر تطبيق أمرين مهمين:
الأمر الأول: التخلي عن الأشياء التي لا تخدمنا، بل تعيق مسيرتنا الحياتية، فالأفكار والمشاعر السلبية تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيرنا، مما يؤدي إلى الهشاشة النفسية. كذلك الذكريات المؤلمة التي تسبب الضغط النفسي وتحول دون التقدم إلى الأمام، وتجعلنا ننظر باستمرار إلى الماضي ونبني المستقبل على أحداثه. أما العادات السيئة التي نتمسك بها مع العلم بأنها خاطئة ولا تناسب أسلوب حياتنا، فهي تشكل فوضى وتقيدنا وتجعلنا نعيش حياة مليئة بالقلق والتوتر.
من أخطر العوائق كذلك الممتلكات المادية التي تستعبدنا وتجعلنا حراسًا لها، فنفقد القدرة على النوم، كما يقال: ”عبد المال لا ينام“، فيعيش عباد الماديات في خوف دائم من فقدانها، ويقضون حياتهم في سعي حثيث يلهثون وراءها، وهم في حالة حرمان من الاستمتاع بها.
الأمر الثاني: بناء علاقات صحية، على اساس المصلحة المتبادلة وهذا ما جاء في منهج القرآن الكريم، قال تعالى: ”فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ“ «سورة البقرة: 152»، وأيضًا ”وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ“ «سورة إبراهيم: 7». عبثًا نتمسك بعلاقات انتهازية تأخذ بدون أن تعطي، تستغل عواطفنا وتهدر وقتنا، ولا تقدم لنا أي دعم. فهذه العلاقات، سواء كانت صداقات أو شراكات، هي أعداء للنجاح.
التخلي عن كل هذه المسببات يعتبر ربحًا حقيقيًا يمنحنا الحرية، ويخلق مساحة من الاستقلالية، ويساعدنا على ترتيب أولوياتنا التي تجلب لنا السعادة والاستقرار، مما يعني شهية صحية نحو راحة نفسية.