الحسينُ بينَ نبضتّين
أسمعُهُ بين نَبَضَاتي، يَسْكُنُ صَدْري، و يَبْعَثُ الثورةَ بينَ نَبْضَةٍ و نَبْضَةْ، أوْدَعْتُ قلبَهُ في قلبي فتفيَّأتُهُ ، و بنبضِ قلبي كتبتُ نبضَه..
أيُّ قَلْبٍ نبضُهُ يُحْييْ الحَياةْ
و يَصُبُّ الدِّفْئَ في كُلِّ الجِهَاتْ
مُذْ حَوَتْهُ الأرْضُ أمْسَىْ مَرْكَزاً
يَلْتَقِيْ فيها العُرُوْقَ العَطِشَاتْ
أيُّ أنهارٍ على طُوْلِ الرُّؤَىْ
جُسِّدَتْ مِنْهُ بها يُسْقَىْ الكُمَاةْ
قَدْ جَرَىْ في بَوْحِ ماءٍ ثَغرُهُ
يُرْسِلُ الحُبَّ و فَيْضَ البَرَكاتْ
وَ لَهُ في كُلِّ وَاْدٍ جَدْوَلٌ
وَ لَهُ في كُلِّ غَيْثٍ قَطَرَاتْ
و لهُ مَدٌّ طويلٌ دافِقٌ
مِنْ رُبى الماضِيْ إلى آنٍ و آتْ
مُنْتَهَىْ السِّدْرِ و سِدْرُ المُنْتَهْى
تَتَدَلى مِنْهُ أعلامُ النَّجَاةْ
غَزَلَتْ فيهِ اللياليْ غَزْلهَاَ
تُسْجِعُ الضَّوْءَ بِنَظْمِ الأمْسِيَاتْ
فسَمِعْنَا أحْرُفاً مِنْ حَوْلِهِ
يَتَصَابَينَ بِعَزْفِ الأُغْنِيَاتْ
قدْ لَبِسْنَ الشِّعْرَ في أبْيَاتِهِ
وَ تَبرَّجْنَ فأصْبَحْنَ بَنَاتْ
وَ تحَنَّينَ بفُصْحَى تُرْبِهِ
فَبَدَتْ في كَفِّهِنَّ المَلْحَمَاتْ
و تمايلنَ بفُسْتَانِ السَّنا
ثمَّ راودْنَ فأغوينَ النُّحَاةْ
وَ عَلَى الحَرْفِ تفاخَرْنَ كَما
صِرْنَ في عَرْشِ القوافي مَلِكَاتْ
و على السَّطرِ، على كَأسِ الهوَى
سُكِبَتْ أبياتُهُنَّ الثَّمِلاتْ
******
حينما يُسْكَبُ ماءُ الوَرْدِ في
يَدِنا باسمِكَ تشفي الرَّشَحَاتْ
حينما نرْتَشِفُ الماءَ على
حُبِّكَ الأقدَسِ تحْلُو الرَّشَفَاتْ
حينَ نحكيكَ حَكايا بَوْحِنا
يرقُصُ المَعْنى و تزْهو المُفْرَدَاتْ
أيُّ معنىً لم تزلْ أقدَاحُهُ
تسْكُبُ النَّخْبَ فتعلو الصَّلواتْ؟
أنتَ مَنْ رتَّلهُ الصَّفْوُ على
صفْحَةِ الجوِّ بأزْكَىْ النَّفَحَاتْ
أنتَ من ترجَمَهُ اللهُ على
كَلِمَاتِ الذِّكْرِ بينَ السُّوَرَاتْ
يا صدى المجدِ و عُنْوانَ العُلا
كيفَ تطويكَ قِصَارُ الترْجَمَاتْ؟
يا كِتَابَ النورِ يا مَعنى الهدى
كيفَ تكفِيكَ ألوفُ الصَّفَحَاتْ؟
حَرْفُكَ العِشْقُ و يُمْنَاكَ النّدى
فاكتبِ الشَّمْسَ فذِكْرَاكَ دَواةْ
يا مُقامَ الشمسِ يا شِعْرَ المدى
تحتَ نعليكَ تُقَاسُ الدَّرَجَاتْ
يا هُدَىْ الفُلْكِ و مِصْباحَ الهُدَى
يا إِمَامِ البَحْرِ يا بحْرَ الصِّفاتْ
وَ كأنَّ البَحْرَ في أمْوَاجِهِ
باسمِكَ الحانيْ يُثِيْرُ الرَّقَصَاتْ
نحوكَ البَحْرُ يُصَلِّي هلْ ترى
رَكْعَةَ الموْجِ و مَوْجَ الرَّكَعَاتْ؟
******
يا صَلاةَ العِشْقِ في مِحْرابِهِ
رَفَعَ الدَّمُّ قُنُوْتَ التَّضْحِيَاتْ
فرءَاكَ الليلُ أسمَى عَاشِقٍ
نحو محْرابِكَ تشتاقُ الصَّلاةْ
يا فؤاداً قد وفى في عِشْقِهِ
و افتَدَى مَعْشُوقََهُ بالخَفَقَاتْ
هَكَذَا عِشْقُكَ في صَفْحَاتِهِ
يَسْكُبُ الحِبرُ فِدَاءَ المَقْلَمَاتْ
هَكَذَا وَصْلُكَ في عِرْفَانِهِ
يخْلُقُ الإكْلِيْلَ نَزْفُ الطَّعَنَاتْ
هَكَذَا قَلْبُكَ في قُرْبَانِهِ
يَتَخَطَّىْ في الهَوَىْ كُلَّ الهِبَاتْ
هَكَذَا مَوْتُكَ في إلهامِهِ
جَسَّدَ الشَّمْسَ جِراحاً مُشْرِقَاتْ
إنني أرْسَلْتُ قلبيْ زائِراً
يَلْثِمُ النُّورَ بتِلكَ العَتَبَاتْ
بينما قامَ يُصلِّيْ نابِضاً
سَقَطَتْ فوقَ الضرِيْحِ النَّبَضَاتْ
فغَدَاْ الصَّدْرُ على شُبَّاكِهِ
مَسْجِداً فِيْهِ تُصَلِّيْ الخَلَجَاتْ
و على القبرِ إذا ما فَرِغَتْ
رَكْعَةُ القلبِ تَطُوْفُ القُبُلاتْ
أنتَ إشراقٌ توضَّأتُ بهِ
فغَدَتْ آفاقُ عُمْرِي نيراتْ
يا إمامَ القلبِ يا صَوْتَ الهَوى
كُلُّ نَبْضَاتيْ لمِاَ تَرْوِيْ رُوَاةْ
أنتَ مَنْ رافقَ خَدِّيْ كَرْبُهُ
و لهُ بينَ دُمُوْعِي وَقَفَاتْ
لكَ في عَقْلِيْ رثاءٌ مُوْجَعٌ
فَجَّرَ الحُزْنَ فأمْسَىْ حَلَقَاتْ
كُلُّ أرْضٍ في مَسِيرِيْ كربلاْ
كُلُّ وقتٍ في حَيَاتي وَلْوَلاتْ
وَ لآلامِكَ آلامِي فِدَا
ولأيَّامِكَ أيَّامِيْ نعاة
******
أنتَ أسَّسْتَ فُنُونَ التَّضْحِيَاتْ
و أجَدْتَّ الفَنَّ في رَسْمِ المماتْ
فانجلى الموتُ بأزْهَىْ صُوْرَةٍ
وقَضَىْ الدَّمُّ على سَيْفِ الطغاةْ
هَكَذا حَطَّمْتَ حَدَّ المُمْكِنَاتْ
مَوْتُكَ الفَذُّ حياةٌ و وَفَاةْ
أنتَ رُوْحَانِ تُدِيْرَانِ المدَى
َلهُمَا في كُلِّ صَوْبٍ جَلَوَاتْ
صَعَدَتْ رُوْحٌ و رُوْحٌ لَبِسَتْ
جَسَدَ الدُّنْيا فَعَادَتْ للحَيَاةْ
******
أنتَ قاموسُ الأسَىْ و الكُرُبَاتْ
وأنينُ الجُرْحِ فوقَ الذكرياتْ
أيُّ جُرْحٍ لم تزلْ تُفْضِيْ لهُ
شَفَةُ النَّايِ رِثَاءَ النَّغَمَاتْ
يا نداءَ اللهِ يا جُرْحَ المدى
يا بُكَاءَ الرِّيْحِ فَوْقَ النَّسَمَاتْ
يا رِثاءَ الكَوْنِ في نصِّ السَّما
حينَ تبْكِي بالغُيُوْمِ المُمْطِرَاتْ
أيُّ آيٍ فيكَ قد أدْمَى الجناةْ
يا ابْنَ آياتِ الكِتَابِ المُنزَلاتْ
يا عَزَاءَ "القَدْرِ" يا حُزْنَ "الضُّحَى"
يا صَرِيْعَ البَيِّنَاتِ المحكَمَاتْ
يا تُرَىْ كيفَ سَيُقْضَى ثأرُهُا
فيكَ أيَّ الحَرْبِ بَلْ أيَّ الدِّيَاتْ
طالَ في كَتْمِ الرَّزايا صَبرُهَا
وَقْفُها الباكيْ يُعَزِّيْ القَلْقَلاتْ
و على نحْرِكَ تَشْكُو "عُصْرُهَا"
و على "الفَجْرِ" تَئِنُّ "المُرْسَلاتْ"
فمتى تقضي يَدُ الوَحْيِ على
زُمَرِ الظُّلْمِ بأُمِّ الحَمَلاَتْ
وابْنُها و ابْنُكَ يأتي طالِباً
ثأرَكَ الأسمَىْ بأقْسَى الضَّرَبَاتْ
******
أنتَ جاوزتَ حُدُوْدَ المُعْجِزَاتْ
ثمَّ أتخمْتَ المدَىْ بالمُنْجَزَاتْ
وحَفَرْتَ اْسْمَكَ في الخُلْدِ كماْ
تحفُرُ الأرضَ شُقُوْقُ الزَّلْزَلاَتْ
و عَزَفْتَ الجُرْحَ في مَوْسُوْعَةٍ
أحْرُفاً تبكِيْ عَلَيْهَا الذِّكْرَيَاتْ
و فَدَيْتَ الدَّيْنَ في فَاجِعَةٍ
كَرْبُها هَوَّنَ كُلَّ الكُرُبَاتْ
إنْ يَكُنْ كَبْشُ مِنَىْ عِنْدَ البَلاْ
عَصَمَ اْسْمَاعِيلَ مِنْ ذاكَ المَمَاتْ
فحبيبُ اللهِ طه ما رَأىْ
من ذَبِيْحٍ فِيْهِ تُقْضَى القُرُبَاتْ
غيرَ قربانِكَ ياْ اْبْنَ ابْنَتِهِ
لإلهِ الكونِ أسمى الأُضْحِياتْ
******
في عُرُوْجِ الرُّوْحِ صَلَّيْتَ الصَّلاةْ
و بِدَمِّ النحْرِ أَدَّيْتَ الزَّكَاةْ
فجَرَىْ دَمُّكَ في أوْرِدَةٍ
طاوَلَتْ في بُعْدِها كُلَّ الجِهاتْ
يا هَوَى الدِّيْنِ و يا دِيْنَ الهَوَى
(يا هُدَىْ الوَحْيِ ويا وَحْيَ الهُدَاةْ)
في مكانِ الجُرْحِ أجْرَيْتَ الفُراتْ
و بذرْتَ البَذْرَ فاخْضَلَّ النباتْ
فغَدَا قطفُكَ في مَدِّ المدى
ثورةً عُظمى و هَدْياً للأباةْ
أنتَ جِسْمٌ ترتَدِيْهِ الكائناتْ
أنتَ ذاتٌ تحتَوِيْهَا كُلُّ ذاتْ
أيها الإسمُ الذي جَابَ المدَى
فغَدَتْ تَعْرِفُهُ كُلُّ اللغاتْ
******
كُلُّ أرْضٍ يا إمامَ السَّجَدَاتْ
عندما تَسْجُدُ تغدو عَرَفاتْ
كُلُّ لَفْظٍ تَتَهَجَّاهُ على
شَفَتَيْكَ الطُّهْرِ يغدو بَسْمَلاتْ
قدْ حَبَاكَ اللهُ من هَيْبَتِهِ
و على حَجْمِكَ قاسَ المَكْرُمَاتْ
و على حَرْفِكَ في الليلِ انتهى
مُعْجَمُ العِشْقِ وعِشْقُ الخَلَوَاتْ
لكَ سَيناءٌ تَعَالَتْ نارُهَا
كُلُّ أنْفَاسِكَ فِيْهَا صَعَقَاتْ
قدْ تَرَكْتَ الخلقَ طُرّاً لم يزلْ
عِشْقُكَ النارُ تُضِيءُ القَبَسَاتْ
أنتَ من سَجْدَتُهُ بينَ الدُّجى
كَشَفَتْ بالنجمِ بَوْحَ التَّمْتَمَاتْ
في يَدَيْكَ الكونُ صَلَّى داعِياً
يا مَدَاراً عَشِقَتْهُ الدَّعَوَاتْ
و اصْطفاكَ الفَضْلُ في مُعْجَمِهِ
كعبةً طافَتْ عليْها الكلِماتْ
******
أنتَ للكوثَرِ وَصْلٌ و قناةْ
و غديرٌ فيه تجري المَنْقِبَات
حينَ أُطْرِيْكَ تُصَلِّيْ أحْرُفي
و يَُدِيْرُ الوَزْنَ وزنُ الحَسَناتْ
و يطوفُ الشِّعْرُ سَبْعاً عاكِفاً
حولَ مَعْنَاكَ فتهْوِي الرَّحَمَاتْ
وأَرَى شَهْقَاتِ صَدْرِي ثورَةً
وأَرَى دَقَّاتِ قلبي كَرْبَلاتْ
في اسمكَ الثورةُ تعلو رنَّةً
تَصْعَقُ القَلْبَ بأقْوَىْ الذَبْذَبَاتْ
باسمِكَ الشَّاخِصِ في رِفْعَتِهِ
نَتَهَجَّىْ العِزَّ نَسْتَسْقِي الثباتْ
أنتَ بدرٌ يمتطي خيلَ الدجى
و يُقِيْلُ العَاشِقِينَ العَثَرَاتْ
لم يزلْ عِشْقُكَ في أبْيَاتِنا
يَحْبِكُ المعنى و يُثْريْ اللمَسَاتْ
لم يَزلْ ذِكْرُكَ في أيَّامِنا
عُنْفُوَاناً يَتَحَدَّىْ السَّنَواتْ
شمسُهُ تَلْبَسُ في إِشْرَاقِها
بُرْدَةً قدْ غُزِلَتْ باللؤلؤاتْ
صَاغَهُ اللهُ بأحْلَىْ حُلَّةٍ
مَشْرِقاً ينسُجُ خَيْطَ البرَكَاتْ
******
أنتَ شطئَانٌ لمنْ شاءَ النَّجَاةْ
و هُدَىً للمَوْجِ مِنْ بَعْدِ الشَّتَاتْ
لم يزلْ ضوؤُكَ ذِرْعاً عالياً
يَتَبَارَى هازِئاً بالظُلُمَاتْ
أتْعَبَتْ أسْفَارُهُ مِرْسَاتَهُ
و لمرْسَاهُ النَّواحِيْ ظَمِئَاتْ
هْوَ في الدُّنيا سَفِينٌ مُبْحِرٌ
وَ بِسَارِيْهِ القوافيْ مُشْرَعَاتْ
هَكَذَا قدْ عَبَرَتْ فيهِ الحياةْ
مَعَهُ كُلَّ الجُرُوْحِ المؤلماتْ
هَكَذَا قدْ عَبَرَتْ فوقَ النُّهَى
رِحْلَةُ الدَّمْعِ الحَكَاياْ المُبْكِيَاتْ
حِيْنَمَا الدُنْيا تجلَّتْ لَوْحَةً
قدْ تجلَّيْتَ بأزْهَى الرَّسَمَاتْ
لم تزلْ فِيْنَا مِدَاداً مُبْدِعاً
يَنْقُشُ الدَّرْبَ على كَفَّ الحياةْ
فَغَدَاْ نَقْشُكَ في إبْدَاعِهِ
عَلَمَاً يُرْشِدُ عَينَ البَوْصَلاتْ
أيُّها البَدْرُ الذي ألهَمَنا
في سُطُورِ البَحْرِ سِرَّ الأحْجِيَاتْ
فرَكِبْنا الموجَ فَوْجاً شُرَّعاً
لمْ نخفْ باسمكَ خَوْضَ اللَّهَوَاتْ
فإذا ما عَصَفَ البَحْرُ بِنا
نركبُ المدَّ و نُرْدِي العَقَبَاتْ
قدْ تَنَاسَخْتَ على مَرِّ الحَيَاةْ
و تَفَتَّحْتَ بأحْلَى السَّوسَناتْ
فإذا كُنْتَ بَذَرْتَ التُّرْبَ في
نَيْنَوَىْ ها هِيَ صارَتْ نَيْنَوَاتْ
قدْ قرأْناكَ و لمَّا ينْتَهِي
نَصُّكَ الجامِعُ كُلَّ المُبْدَعَاتْ
وَ عَشقناكَ فَكَوَّنْتَ بنا
شِفْرَةَ الدَّمِّ و سِرَّ البَصَمَاتْ
و نمى عِشْقُكَ في أوداجِنا
و رضَعْنَاهُ بثدْيِ الأمَّهَاتْ
فغَدَاْ قبرُكَ مَسْعَىْ قَلْبِنَا
وغَدَاْ شِرْيَانُنا نهْرَ الفُرَاتْ
و غَدَتْ دَرْباً لهُ شَهْقَاتُنَا
وَ مَشَتْ في الزَّائرينَ الخَفَقَاتْ
و اسْتَرَاحَ الحُبُّ في حَضْرَتِهِ
و اسْتَقَىْ مِنْهُ الشَّذَىْ و العَبَقَاتْ
******
كُشِفَ المِحْرَابُ في دَرْبِ الصَّلاةْ
و أضَاءَتْ في الطريقِ الخُطُواتْ
فبدا الدَّمُّ إلى أعْتَابِهِ
آيةً قدْ نُقِشَتْ بالزَّخْرَفاتْ
كَرْبلاْ عاصمةُ الوَحْيِ التي
طُوِّقَتْ أسْوَارُها بالبَسْمَلاتْ
في الليالي العَشْرِ في آنائِها
فَهْرَسَ اللهُ مَعَاني السُّوَرَاتْ
فَتَلَوْنا آيةً في نحْرِهِ
وَ دَرَسْنا الوَحْيَ بينَ الطَّعَنَاتْ
ثمَّ أوْحَى جُرْحُهُ في جُرْحِنا
سورةَ العِشْقِ و آياتِ الأباة
و عَبرْنا فوقَ مَسْرَاهُ السَّنَا
فوقَ أشلاءِ الدُّرُوْبِ المُتْعَبَاتْ
وسألْنا اللهَ أنْ نُوْفي الهَوَى
وَ تَفِيْ أكْبَادُنا بالفَلَذَاتْ
سَنزُوْرُ اللهَ في مِيْقَاتِهِ
في رُبى الطفِّ و ندْعُوْ في الدُّعَاةْ
لنَرَى الآفاقَ تَسْعَىْ نحوَهَا
وَ نَرَىْ الأنجمَ تمشِي في المُشَاةْ
و نَرَى الأنوارَ تبني قَبْرَهُ
و نَرَى كُلَّ الزَّوَايا كَوْكَبَاتْ
في يَدِ اللهِ ارْتَقَىْ السَّعْيُ لهُ
و بِعَيْنَيْهِ خُطَاهُ المُقْبِلاتْ
بانتْ القبَّةُ فانجَابَ الهوى
يُضْحِكُ الثَّغرَ و يُجْرِيْ العَبَرَاتْ
و غداْ شَوْقِي لهُ محبرةً
و غَدَتْ دَقَّاتُ قلبي صَفَحَاتْ
مُذْ بَلَغْتُ القبرَ أكْثَرْتُ الخُطَىْ
فالخُطَىْ نذرُ الهَوَى حتى المَمَاتْ
ثمَّ أكْمَلْتُ بمَسْرَىْ أدمُعِي
نذرَ عيني أنْ تَبُلَّ الوَجَنَاتْ
شاهَدَتْ عينايَ أملاكَ السماْ
طائفاتٍ عاكفاتٍ محْرِمَاتٍ
ثمَّ أفْشَيْتُ سلاماً شائِقاً
و سَأَلتُ الفِكْرَ وَسْطَ النَّهَدَاتْ
أتُرَىْ كَيْفَ احْتَوَى هذا الثَّرَى
و هْوَ حَدٌ ضَيِّقٌ جِسْمَ الصَّلاةْ
أتُرَى يا مَنْ تجاوَزْتَ السُّرَى
كَيْفَ يَكْسُوْ القَبرُ للكَوْنِ الرُّفاتْ
******
ذِكرُكَ الدَّائِمُ في القَلْبِ حَيَاةْ
يا حُبَاباً مِنْهُ تَنْمُوْ السُّنْبُلاتْ
يا كلامَ اللهِ يا دَرْسَ النُّهَىْ
عِنْدَ أعتابِكَ تهفُو الصَّلَواتْ
بمَسَافَاتِكَ يمضي عِشْقُنا
و على قبرِكَ تَرْسُو القُبُلاتْ
بمقاماتِكَ يسْتَافُ الهدى
مِنْ عَظِيْمِ الفَضْلِ أسمَى اللحَظَاتْ
قدْ دَنى سِرُّكَ سِدْرَ المُنْتَهَىْ
و تَدَلى بالغُصُوْنِ المثْمِرَاتْ
فبُدُوْرُ الكونِ تَسْتَلْهِمُهُ
ثمَّ تَبْدُو في اللياليْ مُقْمِرَاتْ
دامَ إشراقُكَ في إشْعَاعِهِ
لم يُفَرِّقْ بين ليلٍ وَ غَدَاةْ
فإلىْ ضَوْئِكَ تخبُو فِكْرَتي
وعَلى دَرْبِكَ أبْيَاتي حُفَاةْ
وإلى مَدْحِكَ كمْ يَسْعَى المنى
و لِعَلْيَائِكَ تَفْنى الكَلِمَاتْ
فاعْذُرِ الشِّعْرَ إذا قافيتيْ
مِنْكَ يا طوفانُ لم تقوَ الثباتْ