المحفوظ يشق طريقاً للمواطنة في كتاب جديد
صدر عن مركز آفاق للدراسات والبحوث كتاب(الطريق إلى المواطنة) للمفكر الإسلامي محمد محفوظ،ويتناول بين دفتيه حقيقة المواطنة المبنية على أسس انتماء متكافئ بين متطلبات الخصوصيات وضرورات العيش والانتماء الوطني المشترك والاحترام المتبادل بين مختلف التعبيرات المجتمعية والوطنية في سبيل تعزيز التلاحم الداخلي وصون الوحدة الوطنية وهي بطبيعة الحال أي المواطنة لا تلغي أساس التنوع المذهبي والتعدد الاجتماعي والفكري والسياسي في أي مجتمع كان ، كما يؤكد عليه المحفوظ، بل إنها تتعاطى بوعي وحكمة مع هذا التنوع، و هي دعوة تؤسس لحالة حضارية من التعايش السلمي على أسس الفهم والتفاهم والحوار والتلاقي وتنمية الجوامع المشتركة وصيانة حقوق الإنسان.
وينطلق المحفوظ في مقدمة كتابه من رؤية يقتضي الاعتراف الكامل بحقيقتها، وليس صحيحاً أن نهرب من أسئلتها برفضها والركون إلى الفكر الأحادي والرؤية الأحادية، تلك الرؤية مفادها أن ظاهرة التنوع بكل مستوياته ظاهرة إنسانية ينبغي التعامل معها باعتبارها من الظواهر التي تثير الكثير من الأسئلة، وتطلق جملة من التحديات، وواجبنا الفكري والأخلاقي يقتضي احترام هذا التنوع والتعدد، والبحث عن إجابات عن الأسئلة والتحديات التي تطلقها هذه الظاهرة، وبلورة حلول عملية وممكنة لكل التحديات التي تبرز في واقعنا من جراء التزامنا بخيار الاعتراف الكامل بحقوق كل التعدديات التقليدية والحديثة في ممارسة دورها ووظيفتها في الحياة الوطنية العامة.
على ضوء ذلك يبين أن الدين الإسلامي يشجع على تحرك الخصوصية في دائرتها الداخلية في الجانب الإيجابي الذي يدفع الإنسان للتفاعل عاطفيا وعمليا مع الذين يشاركونه هذه الخصوصية في القضايا المشتركة.. ولكن وكما يؤكد عليه المحفوظ ينبغي ألا تتحول إلى عقدة عصبية ذات بعد عدواني تجاه الآخرين.
و لكن يدرك المحفوظ أن هذا التفاعل لن يشق طريقه إذا لم نرس معالمه ونجذر حقائقه في الفضاء الاجتماعي والوطني، لذلك يرى أن التنوع بكل مستوياته وفق الرؤية القرآنية وسيلة من وسائل التعارف والوحدة باعتبار حاجة كل فريق من هذه الدائرة إلى مايملكه الفريق الآخر في الدائرة الأخرى ، من خصوصياته الفكرية والعملية ليتكاملوا في الصيغة الإنسانية المتنوعة ليكون التعارف غاية التنوع ، بدلا من التحاقد والتناحر والتنازع.
لذلك يستشعر المحفوظ أن هناك مواطن فارغة في كثير من المجتمعات ذات التعدد الاجتماعي والتنوع المذهبي والسياسي والفكري، هي بحاجة وبشكل مستمر إلى مبادرات فكرية وخطوات قانوينة وسياسية وجهد ثقافي متواصل، تعمل على بلورة حلول عملية ممكنة. بمعنى أن تلك المجتمعات لا يمكن لها أن تتواءم مكوناتها دون أن تؤطر بأطر تحفظ خصوصياتها ومكانتها؛ لأنه يدرك أن إلغاء الخصوصية لا يمثل نهجاً واقعياً في التعاطي مع الواقع الاجتماعي والثقافي.
فالكتاب " الطريق إلى المواطنة" الذي رسم معالمه المحفوظ بعد كتابه " الطريق إلى التسامح" هو أحد تلك المبادرات الفكرية والثقافية المتواصلة في بلورة حلول ممكنة.