في ميلاد باكورة الطهر ... الحسن المجتبى عليه السلام
من على ضفاف بحر جمالك أيّها الحُسن المتجلبب بوشاح النور المحمدي بزغت أشعة حقيقة الوعي بمصير الأمة وهي تكتب ومنذ يومها الأول أنشودة الخلود بريشة ملهمك الأوحد في عالم قراءة الأحداث. فاستلهمت منه معنى التحليق في سماء الإنسان الباحث عن سعادة أخيه الإنسان في تجلياتها المتعالية، والغارس لهذه الجذوة في قلبك الكبير.
فتحت الدنيا عيونها عليك وأنت تمشي بخطوتك الواثقة نحو المقام الرفيع لدوحة الطهر والنقاء . فتكتب في كل يوم جملة في كتاب حقيقة الإنسان بغية الظفر بهبات وعي خط النبوة والرسالة ....فقدمت المصداق الواقعي ، والبرهان العملي لمعنى أن يكون المرء حافظاَ لمكتسبات المحيطين به، من خلال ما يبرزه في الخارج من إشارات ٍ لمهاراته وكفاءاته....فكنت أم الكتاب للبذرة الطيبة في الأرض الخصبة. فها هو ملهمك الأوحد آخذ في النظر للأفق الأرحب يستشرف آفاق المستقبل بنور النبوة والرسالة الخاتمة المستضيئ بمعية الوحي وهو يكتب بريشته القرآنية لوحة تتعانق ظلال خصلات آياتها مع الوجود برمته، في مراسم واحتفاء ملائكي وإنساني وما شاء الله من خلق كثير لبلوغ أقصى ما يمكن أن يصله الصوت الرسالي لبني الإنسان في شتى ميادين وأفاق حياته .
اجل أيّها المتجلبب بوشاح النور المحمدي، لم تأت إلى هذا العالم كي تعيش ليوم واحد وفقط ..بل لتبقى تلك الشعلة المتقدة في ضمير الخلود وهو يدّون اسمك مع إشراقة كل فجر جديد وعلى جبين كل إنسان عاش طعم المسانخة في عوالم الإنسان المبدع والخلاق ...لذا فمن نافلة القول أن يسطر اليراع ما ا اكتسى بفضل أطياف حُسنك حلة البهاء ، ومن نفثه صدرك ديباجة التألق والنقاء، فأنت آيها المتمحض في النور المحمدي أقبلت لتكون باكورة الطهر ومفخرة العلو ومعجزة الإخلاص والتوحيد.
فاستخلصت من فاطمة دلالات الطهر في لحظات الانفعال. ومن علي كيف يسمو الإنسان بمواقفه ؟
ومن محمد إشراقات الصبر والإخلاص، وبأن الوحدة هي عين الكثرة ....لترتسم على شفة الدهر ابتسامة قدسية احتوت بين تضاعيف متونها وتسامي مفرداتها، معنى أن يكون لمحمد حفيداَ وسبطاَ. لتعي أصحاب العقول المباركة كيف تعيش أصداء النبوة مع الإنسان في جميع أطوار حياته ؟
*(تبارك الله احسن الخالقين )..إذ لا مكان إلا لمن يملك مفاتح القدرة على كتابة كلمته في صفحات التاريخ والإنسان، وبأن للإنسانية آفاقا لا يمكن أن تعرف، أو يستدل عليها من دون الاستئذان من حضرة خط الأنبياء *(ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) ...فكنت الحسن، والحُسن، والتقي، والزكي، والسبط، والحليم، والمصلح، ومجمع الأنوار " أبو محمد " وبه كناك معلمك الأوحد في يومك الأول، فلازمت سمته في مشوار حياتك لم تفارقه لحظة عين، حتى أنخت برحلك في رحابه الواسع عند المليك المقتدر ....فها هو رجع كلماتك يشنف مسامع الدهر بأروع ما حفظته ذاكرته، فيعيش معك في مطلعين ...
الأول وأنت تُعطر بشفتيك حقيقة الكلمة، وكلمة الحقيقة، شاداً أزرهما بصفاء أياديك البيضاء.
والثاني وهو يدّون في سجله ما يجعله يفاخر ما سواه من الأزمان...فيستحضرك في توالي لياليه وأيامه، ليرتشف من سمو تجلياتك الزاد الطيب الذي يوقد جذوة الأمل في النفوس الخيرة ،ويزرع في سبيل العارفين من مشكاة النور ما يرشدهم إلى مسلك الكمال والجمال أفواجاَ من الرياحين الناشرة لأريجها في جنبات حديقة الإنسان .
*(ما فتح الله عز وجل على أحد باب مسألة فخزن عليه باب الإجابة، ولا فتح على رجل باب عمل فخزن عليه باب القبول ،ولا فتح لعبد باب الشكر فخزن عليه باب المزيد )
*(كن في الدنيا ببدنك ....وفي الآخرة بقلبك .....)
*(أجعل ما طلبت من الدنيا فلم تظفر به ..بمنزلة ما لم يخطر ببالك )
*(إن أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه ، وأسمع الأسماع ما وعى التذكير وانتفع به، أسلم القلوب ما طهر من الشبهات)
*( هلاك الناس في ثلاث : الكبر، والحرص ،والحسد، فالكبر هلاك الدين وبه لُعن إبليس، والحرص عدّو النفس وبه أُخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل ....) .
*( انه من نصح لله ، وأخذ قوله دليلٌ هُدي للتي هي أقوم ، وفقه الله للرشاد، وسدده للحسنى، فان جار الله آمنٌ محفوظٌ ، وعدوه خائفٌ مخذولٌ ، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر، واخشوا الله بالتقوى، وتقربوا إلى الله بالطاعة، فانه قريبٌ مجيبٌ، قال تبارك وتعالى ﴿ وإذا سألك عبادي عني فأني قريبٌ أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ﴾ فاستجيبوا لله، وآمنوا به، فانه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا، والذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، ولا ينكرون أنفسهم بعد المعرفة، ولايضلنّ بعد الهُدى، واعلموا علماَ يقيناَ ..... أنكم لن تعرفوا التقى حتى تُعرّفوا بصيغة الهدى، ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه، ولا تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرّفه ،....فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ، ورأيتم كيف يهوي من يهوي؟، ولا يجهلنكم الذين لا يعلمون، والتمسوا ذلك عند أهله ، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم، وأئمة يقتدى بهم، بهم عيش العلم وموت الجهل، وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم، وحكم منطقهم عن صمتهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخلفون الحق ولا يختلفون فبه، وقد خلت لهم من الله سُنة، ومضى فيهم من الله حكمٌ ، إن في ذلك لذكرى للذاكرين، واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعاية ، ولا تعقلوه عقل رواية ،فإن رواة العلم كثير ، ورعاته قليلٌ ...)
أجل يا صاحب القلب الكبير والكنز المخفي ...أيّها المتجلبب بالنور المحمدي، علّمنا كيف نكتب قصيدة الإنسانية؟ ، وكيف نعيش على مائدة الفكر والمعرفة؟ ،وكيف نكسر صنم الأنا من جميع ما نعمل أو نطمح للقيام به في ساحات تفاعلاتنا ومناشطنا المختلفة ؟
سيدي أيّها المتوشح بألطاف النور المحمدي ...ها هو القلم في ذكرى ميلادك يستأذنك في التشرف بالنظر إلى أعطاف مهابتك، كي يفهم معنى وعي الرسالة،ورسالة الوعي، في دنيا أتخمت بمن يعيش على حساب سعادة غيره. أيّها المستغرق في النور النبوي ..يا أسمى آيات ﴿ آنا أعطيناك ﴾ ، قلبك الكبير لا يزال نبضه يضخ إكسير الحياة في وجدان الأمة وروحها .. وهي تناديك في أناء الليل وأطراف النهار بأن تسكب في شرايينها وأوردتها ما يساعدها على الاستمرار في عزف قيثارة الحياة الكريمة الفاضلة ، من أجل البقاء على شرف أن يكون المرء وفياَ لمبادئه، وأميناَ على أمته ...، فتعيش الأمة على قدس خمائل إخلاص التوحيد،وتكتسي ديباجة الأُنس والفناء في عشق خط الرسالة والنبوة .. في أيامها المتجددة وهي تكتب ملحمتها في مشهدٍ من الملائكة الكروبيين في شِعب أبي طالب حين تلاوتها ﴿ لقرآن الفجر ﴾، في ميلاد باكورة الطهر.