الصادق الشيرازي أرفع من المهاترات الصبيانية
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيام يوم الدين .
إنه لمن إساءة الأدب مع مقام المرجعية أن نأتي المنابر العامة لنخاطبهم وكأننا من يملي عليهم تكاليفهم ،إذ في هذا السلوك مصداق جلي لقوله تعالى ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ [1] حيث السلوك الذي يفتقر إلى أصول اللياقة والتوقير والاحترام مع المقامات السامقة [2] ، فمقام المرجعية ارفع من مثل هذه المهاترات الصبيانية التي يريدون أن يقحموا المرجعية فيها .
إن سوء الأدب وعدم اللباقة في مخاطبة العظماء ناتج إما عن جهل بمقاماتهم أو سوء طوية وسريرة تجاههم ، فإن مناصحة العلماء ليس طريقها المنابر العامة ، لأننا نعي جميعا وندرك بأن تلك المنابر ليست لإيصال رسائل خاصة وإنما لتعبئة الرأي العام وجموع المستمعين باتجاه موقف اعتراضي ما ، فهل الغرض تأليب بعضنا على بعض و إعادة الجاهلية الأولى التي عاشها مجتمعنا لسنين خلت من الشحناء والاحترابات المرجعية والمشاحنات الفئوية من جديد ؟ وإلا فماذا يعني هذا الشكل من الخطاب وعلى الملأ مع مقام المرجعية ؟
هل عقلنا خطاباتنا ومفاعيلها الاجتماعية قبل أن نلقيها ، هل انتهينا من مشاكلنا التي يضج بها مجتمعنا ويرزح تحت نيرها ، كي نستورد مشاكل من وراء البحار ونجعلها قضية مجتمعنا ، إلى متى هذا السفه واللارشد في توجيه مجتمعنا وإدارة دفته وقضاياه ؟!
لماذا نجعل مجتمعنا محطة انعكاسات لصراعات لا تمت صلة بمجتمعنا ؟ إن علماء الدين هم من ينبغي أن يحرصوا على إبعاد المجتمع عن أمراض الشعوب الأخرى لا أن يستوردوها فيديروا حربا بالوكالة في أرضنا يحرقون بها ما تبقى من صفاء مجتمعنا ولحمته والتزامه .
إن آية الله العظمى الصادق الشيرازي حفظه الله في الوقت الذي تجرع فيه الغصص والمرارات تلو المرارات إلا أننا لم نجده يوما اصدر بيانا في أي شأن من تلك المرارات بل ولم يطالب أحدا بإصدار البيانات حرصاً من مقامه الشريف على وحدة الكلمة وإطفاءً للنيران والحرائق الاجتماعية التي أوقدتها نفوس مريضة وتحزبات سياسية سفيهة .
تعالوا نُلئم جراحات مجتمعنا ونبلسمها بدلا من تلك الخطابات وتلك المقالات التي تزيد التصدعات في مجتمعنا وتسممه ، تعالوا ننتشل مجتمعنا من مستنقع الاحترابات والصراعات إلى مواجهة تحديات التنمية ومتطلباتها ، تعالوا نكرس وحدة الكلمة في مجتمع أوهنته الصراعات وأشغلته عن مقاومة التمييز والإقصاء والتهميش فضلا عن مرض الاستبداد العضال .
إن وحدة الكلمة هي ملاذنا نحو استرداد حقوقنا ونيل كرامتنا وإلا فمصيرنا الوهن والضعف والفشل ﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ ﴾ [3]