من هم آل ياسين ؟
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: #990033 ; FONT-SIZE: 13.5pt; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'" lang=AR-SA>﴿ #990033 ; FONT-SIZE: 12pt; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'" lang=AR-SA> يس• والقرآن الحكيم • إنك لمن المرسلين • على صراط مستقيم #990033 ; FONT-SIZE: 13.5pt; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'" lang=AR-SA>﴾..
قبل ما يقارب الخمس سنوات حفظت سورة يس التي هي قلب القرآن وتسابقت فيها أكثر من ثلاث مرات وحصلت على المركز الأول في كل هذه المسابقات ومن هنا أخذت هذه السورة التي أحفظها كما أحفظ اسمي طابعاً خاصاً في نفسي فأخذت على نفسي أن أقرأ في تفسير هذه السورة الكريمة فأول ما واجهني هذان الحرفان «يس» فأخذت أقرأ ما كتب فيها فقرأت أن «يس»هي يا إنسان وهذا ما ورد عن ابن عباس ما وهذا الرأي كما يتبين لي يعتبر حرف السين في «يس» يشير إلى كلمة نكرة وهي إنسان كأنما نقول في لغتنا الدارجة سين من الناس وكما يتبين أن الياء للنداء فهذا رأي اعتبر يس تعني يا إنسان، ثم قرأت في تفسيرها ما شابه سابقه وهو أن يس تعني يا رجل فبدل كلمة إنسان جاءت كلمة رجل وكلاهما قريب مع الاختلاف فيما توحي الكلمتين من معنى دقيق فتفسير يس أنها تشير إلى يا إنسان تشمل يا رجل إذ أن معنى الرجولة ينطوي تحت كلمة إنسان ولكن تفسيرها بـ «يا رجل» لا يشمل كل إنسان إذ أن الرجولة لا تتأتى لكل إنسان كما هو الواضح.
ولقد قرر هذا الرأي الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب هو أنه تصغير إنسان أنيسين فكأنه حذف الصدر منه وأخذ العجز وقال «يس» أي أنيسين وعلى هذا يحتمل أن يكون الخطاب مع محمد ويدل عليه قوله تعالى بعده ﴿ إنك لمن المرسلين ﴾-فاستدل الرازي بكاف الخطاب على أن «يس» تخص المصطفى .
وكذلك الزمخشري في كشافه وجّهه نفس الوجهة التي وجهها الرازي، وأما سميح عاطف الزين صاحب كتاب تفسير ألفاظ المفردات في «يس» قال: [قيل: معناه إنسان والصحيح أن يس هو من حروف التهجي كسائر أوائل السور].
وواصلت القراءة في تفسير هذين الحرفين فوجدت رأياً آخر ذكره صاحب المجمع – مجمع البيان في تفسير القرآن- الطبرسي عليه الرحمة وهو أن يس تعني يا سيد الأولين والآخرين ورأيت ما ذكر عن سعيد بن جبير ومحمد بن الحنفية أن معنى يس هو يا محمد.
ومن هنا يتضح أن الرأيين اللذين قالا بأن يس تشير إلى يا سيد الأولين والآخرين وأن يس تشير إلى يا محمد معناهما واحد ما عدا اشتقاق السين في الأول من سيد الأولين والآخرين –هذا مع التسليم أن الياء هنا ياء النداء – وإلا فسيد الأولين والآخرين هو محمد .
وقد ربطت ما ذكر أعلاه بما أورده القرطبي في أحكام القرآن أن أبو عبد الرحمن السلمي حكى عن الإمام جعفر بن محمد الصادق أنه أراد: يا سيد مخاطبة نبيه وقال أبو بكر الوراق معناه يا سيد البشر «القرطبي» وقد ورد عن النبي قوله: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، وقرأت أن يس هي اسم للنبي محمد وهذا القول ورد عن إمامنا علي بن أبي طالب والإمام أبو جعفر الباقر.
وقد أخذ الرأي عن إمامنا الباقر من الرواية التي رواها محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر قال: إن لرسول الله اثني عشر اسماً خمسة منها في القرآن الكريم محمد وأحمد وعبد الله ويس ونون.
أما الرواية المنقولة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -فقد ذكرها صاحب الكشاف عن الماوردي صاحب تفسير الماوردي[ عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و«آله» يقول: «إن الله تعالى أسماني في القرآن سبعة أسماء محمد وأحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله» ونرى أن الأسماء السبعة التي ذكرها أمير المؤمنين شملت الأسماء التي أوردها الإمام الباقر وزاد عليها أيضاً إلا أنه لم يذكر اسم نون ولعله أيضاً نظر إلى المزمل والمدثر أوصافاً للنبي لا أسماء.
وقد سرد القاضي عياض أقوال المفسرين في معنى يس فحكى أبو محمد مكي أنه روى عن النبي قال: «لي عند ربي عشرة أسماء ذكر أن منها طه ويس اسمان له «القرطبي»- وقد أوردت هنا بقراءة أخرى فقرأت «يسن».
وقد ذكر صاحب الأحكام عن كعب: «يس» قسم أقسم الله به قبل أن يخلق السماء والأرض بألفي عام قال: يا محمد «إنك لمن المرسلين» ثم قال «والقرآن الحكيم» فإن قدر أنه من أسمائه وصح منه أنه أقسم كان فيه من التعظيم ما تقدر ويؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه. وإن كان بمعنى النداء فقد جاء آخر بعده لتحقيق رسالته والشهادة بهدايته «القرطبي».
فبعد النظر إلى الروايات القائلة بأن «يس» ليس اسم للنبي نرى أنه من المهم أن نذكر أن «يس» تعتبر بحرفيها اسم للنبي فلا نقول أن الياء حرف نداء بل «يس» بأجمعها هي اسم للمصطفى .
وأما الرواية التي ذكرناها أخيراً التي تفسر «يس» بيا محمد وكذلك الرواية المتقدمة التي ذكرت يا محمد باللفظ أو يا سيد أو يا سيد البشر أو يا سيد الأولين والآخرين فهي تفرق بين الياء والسين هنا فالياء هنا للنداء والسين اسم للنبي فالرأي الذي يقول أنه يس معناها يا محمد يفهم منه أن الياء للنداء والمقصود من السين محمد وهذا الرأي أيضاً ناهض وقوي وقد رأيت ما يساند هذا الرأي في كتاب ليالي بيشاور لسلطان الواعظين الشيرازي- قدس سره- فقد ذكر أن السين من يس اسم لرسول الله وهو إشارة إلى تساوي ظاهره وباطنه ثم سأله النواب عن سبب اختيار حرف «س» من بين الحروف؟
فأجابه السيد الشيرازي: لأن حرف الـ «س» في حروف التهجي هو وحده يكون عدد ظاهره وباطنه متساويين فإن لكل حرف من حروف التهجي عند المختصين بعلم الحروف والأعداد زبر وبينه حين تطبيق عدد زبر وبينة كل حرف يكون عددهما مختلفاً إلا حرف «س» فإن زبره يساوي بنيته.
ثم سأله النواب التوضيح بشكل يفهمه العوام فهم لا يعرفون معنى الزبر والبينة..
فقال السيد: الزبر:هو رسم الحرف الذي يخط على القرطاس «س» وهو حرف واحد، ولكن عند التلفظ به يكون ثلاثة أحرف: س ي ن فكلما زاد عن رسم الحرف وخطه في تلفظه يكون بنيته وعدد حرف «س»- الأعداد للحروف كما في أبجد هوز فإن لكل حرف عدد يقابله ويستخدم كذلك في الشعر العددي أيضاً الذي ينظم الحادثة في سنة معينة وغيرها – ستون، وعدد حرف «ي»: عشرة أما حرف النون فعدده خمسون فيكون جمعها ستون أيضاً فيتساوى عدد الحرف «س» مع عدد الحرفين «ين» وهذا هو الحرف الوحيد بين حروف التهجي يتساوى زبره وبنيته.
ولذلك فإن الله تعالى خاطب نبيه قائلاً: يس فالياء: حرف نداء و«س»:اسم للنبي إشارة إلى اعتدال ظاهره وباطنه. وقال السيد: وكذلك في الآية المباركة قال: «سلام على آل ياسين» فاعتبر السيد أن هذه الآية تخص آل محمد .
ومن هنا أردت الاستقراء بالنظر إلى آية «سلام على آل ياسين» وقبل أن أنتقل بالبحث إليها فلا بد من الإشارة أن هناك آراء أخرى في «يس» منها أنها اسم من أسماء الله عز وجل.
ورأيت ما ذكره صاحب الميزان عند التحقيق في معنى «طه» في سورة طه فقال – قدس سره – [ الحق في الحروف المقطعة في فواتح السور أنها تحمل معاني رمزية ألقاها الله إلى رسوله وكانت سورة طه مبتدئة بخطاب النبي كما أن سورة يس لذلك بخلاف سائر السور المفتتحة بالحروف المقطعة وظاهر ذلك أن يكون المعنى المرموز إليه بمقطعات فاتحتي هاتين السورتين، وأمراً رابعاً راجعاً إلى شخصيته متحققاً به بعينه فكان وصفاً لشخصيته الباطنة مختصاً به فكان اسماً من أسمائه فإذا أطلق عليه وقيل: طه أو يس كان المعنى من خوطب بطه أو يس ثم صار علماً بكثرة الاستعمال». انتهى.
و أما ما يرجع إلى الآية [ سلام على آل ياسين ] فإذا رجعنا إليها نراها في سورة الصافات في سياق الحديث عن نبي الله إلياس - - قال تعالى: ﴿ وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون• أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين • الله ربكم ورب آبائكم الأولين • فكذبوه فإنهم لمحضرون• إلا عباد الله المخلصين• وتركنا عليه في الآخرين • سلام على إل ياسين• إنا كذلك نجزي المحسنين• إنه من عبادنا المؤمنين ﴾.
فأول ما شد انتباهي أن كتابة القرآن الكريم إل ياسين وليس آل ياسين فذهبت أتجول في كتب التفسير لأجد ضالتي المنشودة فوجدت في أغلب التفاسير أن قراءتها بآل ياسين متواترة كما نقل ذلك صاحب أحكام القرآن «القرطبي» نقلاً عن كتاب الإقناع وكتاب تقريب النشر وذكر القرطبي بأنها قراءة الأعرج وشيبة ونافع. أما الرازي فذكر هذه القراءة أولاً وقال: «قرأ نافع وابن عامر ويعقوب آل ياسين على إضافة لفظ آل إلى لفظ ياسين وغيرهم ممن تكون الإطالة بذكر ما كتبوا فمن هنا تنتفي أن آل ياسين خاطئة بل هي قراءة متواترة كما قدمنا.
ثم نذكر أن الله عز وجل أثنى في الآية الكريمة وبعث تحياته إلى آل ياسين [ سلام على آل ياسين] وهنا يقع الخلاف بين المفسرين في المراد من آل ياسين؟
فقسم من المفسرين أخذ بحجية السياق القرآني فقال أن المراد من آل ياسين هم آل نبي الله إلياس واستخدام عبارة «الياسين» بدلاً من «الياس» إما لكونها من الناصبة اللغوية لفظاً لـ «إلياس» واللتين لهما نفس المعنى أو أنها إشارة إلى «إلياس» وأتباعه المؤمنين فوردت بصورة الجمع.
ففي البداية كانت «إلياس» ثم نسبت إليها ياء فأصبحت «الياسي» ثم جمعت فأصبحت «الياسين» وعند تخفيفها تصبح «الياسين» كما ذكر ذلك صاحب تفسير الأمثل.
وقال صاحب البيان في إعراب القرآن ما نقله عنه صاحب الأمثل كاستدلال آخر فقال: ذهب البعض إلى أن إلياس والياسين هما لغتان في اسم واحد كما هو شائع بالنسبة إلى «ميكال»و«ميكائيل» إذ أنهما لغتان في اسم واحد لأحد الملائكة ولـ«سيناء» و«سنين» حيث تطلقان على مساحة من الأرض تقع بين مصر وفلسطين، و«إلياس» و«الياسين» هي أيضاً لغتان في اسم واحد لهذا النبي الكريم.
وقال بعض أصحاب هذا القسم أن «آل ياسين» بالألف الممدودة، مركبة من كلمتين «آل» و«ياسين» فقالوا أن ياسين هو والد «الياس» وهنا أرى من المناسب أن أنقل ما كتبه الرازي في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب في تفسيره للآية الكريمة فقال ما نصه:" قرأ نافع وابن عامر ويعقوب آل ياسين على إضافة لفظ آل إلى ياسين والباقون بكسر الألف وجزم اللام موصولة بياسين، أما القراءة الأولى ففيها وجوه:
الأول وهو الأقرب: أنا ذكرنا أنه إلياس بن ياسين فعال إلياس آل ياسين.
الثاني: آل ياسين هم آل محمد . والثالث: أن ياسين اسم للقرآن، كأنه قيل سلام الله على من آمن بكتاب الله الذي هو ياسين والوجه الأول لأنه أليق بسياق الكلام وأما القراءة الثانية ففيها وجوه.
الأول: قال الزجاج يقال ميكال وميكائيل وميكالين، فهذا هاهنا إلياس وإلياسين والثاني: قال الفراء هو جمع وأراد به إلياس وأتباعه من المؤمنين".
ويتبن من هذا لقسم احتاجهم بالسياق فهاء الضمير في «إنه» التي تعود على إلياس وهذه الآية من ضمن الآيات الواقعة بين ﴿ وإن إلياس... ﴾ وآية ﴿ إنه من عبادنا المؤمنين ﴾ وأيضاً إمكانية تحمل اللغة لهذا الرأي كما أسلفنا ولا ننسى أن نشير إلى أن دليل الرازي على الرأي الأول السياق وإلا فرأيه، يكون أن آل ياسين هم آل محمد ثم أنه اسم للقرآن فورود آل محمد في الآية رأي يتبناه الكثيرون إلا أنهم قدموا حجية السياق على ما أثر من أقوال وأحاديث وروايات في أن آل ياسين هم آل محمد .
والقسم الأخر قال أن المقصود من آل ياسين هم آل محمد ومنهم من تقدم ذكره كسلطان الواعظين الشيرازي وكثير من المفسرين ممن ذكر وذلك باعتباره رأياً قوياً إلا أن البعض رجًّح حجية السياق واكتفى بالإشارة إلى تعدد الآراء ولم يرجح بينهم.
وأسلفنا أن النظر إلى أن «يس» ليس من أسماء النبي يكون ناظراً إلى الحرفين على أنهما كلمة هي اسم للنبي لا أن الياء حرف نداء والسين هي الاسم.
أما هنا فأذكر أنه يتبين مما ذكره الشيرازي صاحب ليالي بيشاور من التفرقة بين زبر الحرف وبينته فقد يكون أن الله تبارك وتعالى ذكر في سورة يس زُبَر الحرف وذكر في سورة الصافات بينة الحرف ولكنه لم يذكر ذلك وأيضاً يوافق هذا ما ذكر من الأحاديث التي نقلت عن الإمام علي والإمام الباقر وغيرهما ممن تقدم ذكر رواياتهم في هذا الشأن فإن «يس» سواء كان زبر أو بينة هو من أسماء المصطفى .
لذلك روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال: إن المراد بـ«سلام على آل ياسين» أي: سلام على آل محمد، قال: وكذا قال الكلبي.
وكذلك ذكر الرازي في تفسيره هذا الوجه ولكنه لم يرجحه لحجية السياق.
ونقل ابن حجر أيضاً عن الإمام فخر الرازي أنه قال: إن أهل بيته -يعني آل محمد - يساوونه في خمسة أشياء:
1- في السلام، قال: السلام عليك أيها النبي، وقال: سلام على آل ياسين.
2- وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد.
3- وفي الطهارة، قال تعالى:«طه» أي يا طاه، وقال تعالى: #990033 ; FONT-SIZE: 12pt; mso-ascii-font-family: Arial; mso-hansi-font-family: Arial; mso-bidi-font-family: Arial; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-char-type: symbol; mso-symbol-font-family: 'AGA Arabesque'" dir=ltr>) #990033 ; FONT-SIZE: 12pt; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'" lang=AR-SA>إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً #990033 ; FONT-SIZE: 12pt; mso-ascii-font-family: Arial; mso-hansi-font-family: Arial; mso-bidi-font-family: Arial; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-char-type: symbol; mso-symbol-font-family: 'AGA Arabesque'" dir=ltr>( #990033 ; FONT-SIZE: 12pt; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'" lang=AR-SA>.
4- وفي تحريم الصدقة.
5- وفي المحبة، قال تعالى: ﴿ فاتبعوني يحببكم الله ﴾، وقال تعالى: ﴿ قل لا أسألكم عليه من أجر إلا المودة في القربى ﴾.
قال الشيخ الطوسي في التبيان:«حكى سبحانه وتعالى أن قومه "أي قوم إلياس" كذبوه ولم يصدقوه وأن الله أهلكهم وأنهم لمحضرون عذاب النار. ثم استثنى جملتهم عباده الذين أخلصوا عبادتهم وبين أنه أثنى عليهم في آخر الأمم بأنه قال: «سلام على آل ياسين». وآل محمد هم كل من آل إلياس بحسب أو قرابة، وقال قوم: آل محمد كلُّ من كان على دينه.
وحدث الأعمش عن يحيى بن وثاب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عمر بن الخطاب كان يقرأ:﴿ سلام على آل ياسين ﴾ قال أبو عبد الرحمن السلمي: آل ياسين آل محمد عليهم الصلاة والسلام.
وقال أمير المؤمنين علي : «يس محمد ونحن آل ياسين» لذلك نرى أن هناك كثير من الأحاديث رواها الخاص والعام المآلف والمخالف تفيد أن آل ياسين هم آل محمد ومن هنا فيمكننا الاطمئنان بقطعية صدورها من المعصومين الذين هم عدل القرآن وترجمانه وكذلك هي تنسجم مع قول النبي عند الحديث عن أسمائه وأن من بينها يس.
ولست في مجال أن أتبنى رأياً من الآراء لأني لست أهلا لذلك ولكني أحاول أن أستخلص نتيجة للبحث بعد عرض الآراء وتحليلها وأريد أن أذكر بعض النتائج والترجيحات التي ذكرها بعض كبار المفسرين فهذا الفخر الرازي قد رجّح الرأي الأول وأخذ بحجية السياق القرآني.
وكذلك صاحب تفسير الأمثل وذكر بعض الأدلة وإليك ما كتبه:
«الدلائل الواضحة الموجودة في القرآن تؤيد المعنى الأول والذي يقول:إن المقصود من «الياسين» هو إلياس لآن الآية التي تلي هذه الآية المباركة «سلام على آل ياسين» بآية تقول «إنه من عبادنا المؤمنين» وعودة الضمير المفرد على «الياسين» دليل على أنه شخص واحد لا أكثر وهو إلياس.
وهناك دليل على آخر هو أن الآيات الأربع الأخيرة التي وردت في نهاية قصة الياس هي نفس الآيات التي وردت في نهاية قصص نوح وإبراهيم وموسى وهارون، وعندما نضع هذه الآيات الواحدة إلى جنب الأخرى نرى أن سلام في تلك الآيات مرسل إلى الأنبياء اللذين تتطرق إليهم الآيات المباركة ﴿ سلام على نوح في العالمين ﴾،﴿ سلام على إبراهيم ﴾، ﴿ سلام على موسى وهارون ﴾ وطبقاً لذلك فإن ﴿ سلام على آل ياسين ﴾ تعني السلام على إلياس.
والنقطة التي ينبغي الالتفات إليها أن الكثيرين من التفاسير أوردت حديثاً بسند عن ابن عباس يصرح بأن المراد من آل ياسين هم آل محمد لأن أحد أسماء نبينا هو ياسين.
روى الشيخ الصدوق في كتابه «معاني الأخبار» في تفسير «آل ياسين» خمسة أحاديث بهذا الشأن كلها لا تنتهي من حديث السند إلى أهل البيت سوى واحد والراوي لهذا الحديث شخص يدعى «كادح» أو«قادح» وهو مجهول ولا توجد ترجمته في كتاب الرجال». انتهى
وقد تجنب صاحب الأمثل في النهاية القضاء ببطلان رواية قادح أو كادح وقال: ونترك الحكم عليها لأهلها.
وأتوقع أن هذه الأدلة مع احترامي الشديد للعلم القرآني الكبير صاحب الأمثل لا تنهض أمام البحث والنقد فأما مسألة السياق القرآني فلا بأس أن نورد ما ذكره السبحاني في كتابه الفكر الخالد.
[وحدة السياق من الأمارات التي يستدل بها على كشف المراد ويجعل صدر الكلام ووسطه وذيله قرينة على المراد ووسيلة لتعيين المقصود منه ولكن وحدة السياق إنما تكون قرينة أو أمارة إذا لم يقم دليل أقوى على خلافها فلو قام ترفع اليد حينئذٍ عن وحدة السياق وقرينته ومن حسن الحظ أن وحدة السياق في الآية لم تكن من الأمارات والقرائن المحكمة التي لا يوجد دليل على خلافها] بل توجد روايات ليست بالقليلة سواء كانت عن حبر الأمة أو عن بعض تلاميذ الأئمة الخلص كأبي عبد الرحمن السلمي الذي هو تلميذ أمير المؤمنين علي وعن أخذ القرآن الكريم كما هو معروف ونقل الروايات في تفاسير المآلف والمخالف دليل على قوتها وصدورها.
وقد يكون وضعها في هذا الموضع مع أنها تخص آل محمد لغرض حفظها وحفظ القرآن لأن أعداء آل محمد لا يهجعون ولا تقر لهم عين وهم ينظرون لهم أية فضيلة ولكن المؤمن يستنشق عطر آيات فضائل آل محمد التي تملأ الخافقين التي عدّها العلماء منها ما خص أمير المؤمنين ومنها ما شملهم حتى القائم من آل محمد وإن المؤمن القديم استطاع أن يميز قبر الحسين عندما حُرِثَ قبره لأنه يمتلك حسّاً خاصاً اكتسبه من ولائه لهم .
وقد أجاب الطبرسي عند الاحتجاج بالسياق في آية التطهير فقال: «ليست هذه المرة الأولى التي نرى فيها آيات القرآن أن تتصل مع بعضها وتتحدث عن مواضيع مختلفة فإن القرآن مليء بمثل هذه البحوث وكذلك توجد شواهد كثيرة على هذا الموضوع في كلام فصحاء العرب وأشعارهم.
وقد نقل في كتاب رد فيه على عثمان الخميس نقلاً عن كتاب الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء 25-26«إن الكلام البليغ قد يدخله الاستطراد والاعتراض، وتتخلله جملة أجنبية كقوله تعالى في حكاية خطاب العزيز لزوجته إذ يقول لها: ) إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ • يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ( فقوله: ) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ( مستطرد بين خطابيه معها كما ترى، ومثله قوله تعالى: ) إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ • وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ #990033" > ( فقوله: ) وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ( مستطرد من جهة الله تعالى بين كلام بلقيس، ونحوه قوله عز من قائل: ) فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ • وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ •إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ( تقديره فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم، وما بينهما استطراد على استطراد، وهذا كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب البلغاء.
وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات النساء فتبيّن بسبب استطرادها أن خطاب الله لهن بتلك الأوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن إلاّ لعناية الله تعالى بأهل البيت " أعني الخمسة " لئلا ينالهم من جهتهن لوم، أو ينسب إليهم ولو بواسطتهن هنات، أو يكون عليهم للمنافقين ولو بسببهن سبيل، ولولا هذا الاستطراد ما حصلت هذه النكتة الشريفة التي عظمت بها بلاغة الذكر الحكيم، وكمل إعجازه الباهر كما لا يخفى».
ولا أرى أنه من العجب أن تكون آل ياسين تعني آل محمد فآل محمد أشرف الآل فقد روي في عيون الرضا هذا الحديث القدسي:
عن رسول الله قال:لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران واصطفاه نجيباً وفلق له البحر ونجّى بني إسرائيل بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح ورأى مكانه من ربه عز وجل فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحداً قبلي! فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن محمداً عندي أفضل من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟!
فقال موسى : يا ربّ! فإن كان محمداً أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين!
ولعلل أن الباطن للآية يكون آل محمد لأنه وكما نعرف أن للقرآن ظاهر وباطن وإن لم نستبعد أن تكون ظاهراً للآية أيضاً.
إلى هنا وصلنا إلى آل محمد ولكن من هم آل محمد ؟
أما بالنسبة إلى كلمة «آل» فكما ذكر صاحب تفسير مفردات القرآن قال: الآل قيل مقلوب عن الأهل ويصغّر على أهيل إلا أنه خص بالإضافة إلى أعلام الناطقين دون النكرات ودون الأزمنة والأمكنة يقال آل فلان ولا يقال: آل رجل ولا آل زمان كذا أو موضع كذا ولا يقال آل الخياط بل يضاف إلى الأشرف الأفضل يقال آل الله وآل السلطان والأهل يضاف إلى الكل.
فيتضح أن آل بمعنى أهل إذاً آل محمد هم أهل محمد وأهل محمد أليس هم أهل بيته الذين خصتهم آية: ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنهم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾؟
ولقد أجمع العلماء إلا من شذ أن هذه الآية تخص فاطمة وبنوها وبعلها ولا أريد أن أبحث في هذا الأمر فهو واضح وضوح الشمس في النهار.
وإن ذكر البعض آراء أخرى حول آل النبي ومن المقصودون؟ فقال إن آل النبي أقاربه وقيل المختصون به من حيث العلم وذلك أن أهل الدين صنفان صنف متخصص بالعلم المتقن والعمل المحكم فيقال لهم آل النبي وأمته وصنف يختصون بالعلم على سبيل التقليد ويقال لهم أمة محمد .
ولا يقال لهم آله فكل آل للنبي أمة له وليس كل أمة له آله وقد نقل صاحب تفسير المفردات بعد ذكر هذه الآراء أنه قيل لجعفر الصادق : الناس يقولون: المسلمون كلهم آل النبي عليه وآله الصلاة والسلام فقال: كذبوا وصدقوا فقيل له ما معنى ذلك؟ فقال كذبوا في أن الأمة كافة آله وصدقوا في أنهم إذا قاموا بشرائط شريعته آله.
و إني ذكرت أن الآل هم فاطمة وبنوها وبعلها – فالبنين تدخل الأئمة المعصومون في نطاق البنين- لأن جميع الآراء هم فيها المشمولون الأول فهم القائمون بشرائط شريعته وهم أهل العلم المتقن والعمل المحكم فتأمل.
وفي النهاية لا أرجح أحد الآراء لأني لست من أهل الاختصاص ولكني أرى أن الأدلة التي أوردها أصحاب الرأي الأول مثل الرازي وصاحب الأمثل لا تخلو من تأمل وأعتذر عن كل الهفوات في هذا البحث وختاماً أرجو أن يكون هذا الجهد نافعاً لكل من أراد العلم واستقصاء المعرفة وأرجو من الله أن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وأسأل من الله أن أكون ممن يشفع القرآن لهم وأرجو من الله التوفيق للمزيد إنه ولي التوفيق والسداد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثيراً.