أخلاق الرسول ( ص )
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيد الأنبياء والمرسلين، حبيب قلوب العالمين،أبي القاسم محمد .
الله أعظم شأن طه أحمد
وأجله قدرا لديه عظيما
في محكم التنزيل قال لخلقه
صلوا عليه وسلموا تسليما
قال تعالى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ .
ونستفيد من هذا الثناء الجميل، إن الأخلاق الحسنة تحقق معاني الإنسانية، وتبرزها بالجمال والكمال، وتكسب الشخص العزة والكرامة، وكما أن الخلق الحسن مما يرفع من شأن الشخص فكذلك يرفع من شأن الشعوب والمجتمعات، وسوء الخلق ينقص من شأنها، وربما أدى إلى انهيار الحضارات ودمارها.
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
وقال آخر:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وناهيك في عظمة الأخلاق، قول الرسول : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فكان لزاماً علينا أن نحافظ على مثاليتنا وفضائلنا، وجميع أخلاقنا الإسلامية الفذة التي جاء بها رسول الإنسانية وأن نستلهم مفاهيمها، ونستقي من معينها، لكي تشع بأنوارها على نفوسنا، فتزكيها وتنيرها بالدروس الفاضلة والهادفة.
وحسن الخلق: حالة نفسية تبعث على حسن معاشرة الناس ومجاملتهم بالبشاشة وطيب القول ولطف المداراة. وعن الإمام الصادق حينما سئل عن حده فقال : (تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن).
وبهذا نعلم أن حسن الخلق ملاك الفضائل، ونظام عقدها الجميل المحمود، حيث أنه المؤهل لكسب المحامد وتحصيل المحبة والإجلال من الآخرين. فكان لابد أن تهتم به النصوص الدينية، والسنة المحمدية. قال رسول الله : (أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم) وقال : (إن صاحب الخلق الحسن له مثل أجر الصائم القائم) وقال) :إن شئت أن تكرم فلن، وإن شئت أن تهان فاخشن) وقال: (إنكم لم تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بأخلاقكم).
الأخلاق رصيد العمل الديني
لذلك علينا أن نكون واضحين في تعاملنا مع الآخرين، باحترام متبادل ومشوق، حتى نستطيع أن نبني علاقتنا على أساس متين وواضح. لا يشوبها الغموض والضبابية.
علينا أن نتجنب المزاجية مع الآخرين، فلا معنى أن أستقبلك يوما مبتسما ويوما عابسا، من غير أن يكون هناك سبب لذلك.
وعلينا أن نتجنب النظرة الفوقية للآخرين، فكلنا أبناء آدم، نعمل في خندق واحد، بأخلاق رياضية يسودها التعاون والتقدير والاحترام، الذي يساهم في رقي مجتمعنا وتطويره وتنميته بشكل صحي وحضاري.
فلا معنى للعمل الديني إن لم يقم على هذا الأساس المتين من الشفافية، الذي نتمنى بتعاوننا أن تتكاثر مشاريعه، قائمة على المحبة والمودة والأخلاق الإسلامية الراقية، التي هي في الحقيقة رصيد العمل الديني في جميع الميادين الاجتماعية والدينية. قال الإمام الباقر : ( إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) وقال الإمام الصادق : (ما يقدم المؤمن على الله تعالى بعمل بعد الفرائض، أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه) وقال : (البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار).
لقد كان رسول الله القمة في الخلق الرفيع، ولذلك ملك القلوب، واستحوذ على النفوس، ويكفينا ما ذكره أمير المؤمنين عنه حيث قال: (كان أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بدية هابة، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أرى مثله قبله ولا بعده).
وعن أمير المؤمنين قال: ( إن يهوديا كان له على رسول الله دنانير، فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك، فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال: إذن أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله إليهم وقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة، محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب، ولا متزين بالفحش، ولا يقول الخنا...).
قال الحسن بن رجاء:
أحب مكارم الأخلاق جهدي
وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب الناس حلما
وشر الناس من يهوى السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه
ومن حقر الرجال فلن يهابا
ومن قضت الرجال له حقوقا
ولم يقض الحقوق فما أصابا
ولذلك علينا أن نحذر من سوء الخلق الذي هو انحراف نفساني بسبب انقباض الإنسان وغلظته وشراسته، ولذلك خاطب الرحمان نبي الرحمة بقوله تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ .
(اللهم صل على محمد وآله في الأولين، وصل على محمد وآله في الآخرين، وصل على محمد وآله في الملأ الأعلى، وصل على محمد وآله في النبيين والمرسلين، اللهم اعطِ محمدا صلى الله عليه وآله الوسيلة والشرف والفضيلة، والدرجة الكبيرة، اللهم إني آمنت بمحمد صلى الله عليه وآله ولم أره فلا تحرمني صحبته، وتوفني على ملته، واسقني من حوضه مشربا رويا لا أظمأ بعده أبدا، إنك على كل شيء قدير، اللهم كما آمنت بمحمد صلواتك عليه وآله ولم أره، فعرفني في الجنان وجهه، اللهم بلغ روح محمد عني تحية كثيرة وسلاما).
بلغ العلى بكماله
كشف الدجى بجماله
حسنت جميع خصاله
صلوا عليه وآله