السيد الرضا بين التأثر والتأثير
يا ترى ما هو السر وراء هذا التأثر الذي يعتري من يستمع لمحاضرات العلامة العلم آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (قدس سره)؟
كل من يستمع إليه شاء أم أبى تعتريه حالة من التأثر الشديد بأقواله وآراءه وما يطرحه من مطارحات عقدية أو اجتماعية أو أخلاقية أو غيرها بل وحتى حركاته وسكناته تترك أثراً لديه ويحاول تطبيق ما يسمعه من حث على أمور نافعة والابتعاد عمّا ينهى عنه من سلوكيات تضر بالفرد وتفتك بالأمة.
ولاكن لا عجب أوما علمت أن ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب وما يخرج من اللسان لا يتعدّى الآذان؟
من تأثر بشيء وتفاعل معه سواء كانت قضية أو أطروحة فإنها تصبح قضيته إذا تكلم بها فالقلب يتكلم واللسان آلة نقل لا أكثر ولذلك فلابد لهذا التأثر أن ينتقل إلى الطرف الآخر ويؤثر فيه وهذا أثر تكويني هذا أولاً.
ثانياً: أن يعمل الإنسان بما يريد قوله:
عندما يعمل الإنسان بأمور معينة وتصبح من طبعه وديدنه ثم يدعو الآخرين إلى القيام بها فسوف يكون لكلامه تأثيراً عجيباً أكبر بكثير ممن درس المحسّنات والأمور المؤثرة كلغة الجسد والديباجة وغيرها.
هذا المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) في قضية ملخصها أن أحدهم جاءه وطلب من أن ينهى ولده عن أكل التمر فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ائتني في الغد فأتاه في اليوم التالي فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للولد لا تأكل التمر فقال أحدهم يا رسول الله لماذا لم تنهه بالأمس فقال له: لأني أكلت التمر بالأمس فلا أريد أن أنهاه في يوم أكلت فيه التمر.
لهذا قد تسمع من أحدهم نصيحة ما ولكنك لا تتأثر بها لأن صاحبها لم يكن متأثراً بها وعاملاً بها فهي لا تتعدى الآذان حقاً أستطيع أن أقول أن هذا العالم الجليل كان له أثر في كثيرين حتى وجوده فيهم فضلاً عن كلماته النورانية وها نحن فقدناه وحق للدنيا أن تبكيه كيف لا وكان ملاكها.
والعنصر الأخير مما أردت التحدث عنه: صدق النية والعمل:
من يعمل عملاً كالنصيحة والإصلاح والتوجيه ويكون صادقاً في نيته أولاً لا يريد رياء ولا سمعة ولا حباً في الترؤس على أحد ويعمل هذا العمل من صميم قلبه نداء وتلبية لحث الشارع الشريف على ذلك يكون لهذا العمل ثمرة وتأثير لكون الإنسان أخلص لله وصدقه في نيته وعمله وأخذ على عاتقه هموم المجتمع ومشاكله وأراد حلها من استنطاق الآيات والروايات ووصايا الدين الحنيف لا يريد عمل دعاية لنفسه أو لأحد آخر.
وهذا أيضاً يلحظه كل من استمع إلى محاضراته الأخلاقية أو في آداب العشرة والأسرة وغيرها.
وأخيراً أتذكر أن أحد الأخوة القراء سألني عندما جمعتنا معه الأيام في قم المقدسة في عام 1426هج ماذا تقترح على أن أقرأ في محضر السيد محمد رضا الشيرازي؟ فأجبته أن يقرأ آيات سورة الفرقان:
[ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿الفرقان/63﴾ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴿الفرقان/64﴾ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴿الفرقان/65﴾ إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴿الفرقان/66﴾ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ] ﴿الفرقان/67﴾
حقاً إنه من عبيد الله الأخيار فسلام الله عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً وأسأل الله أن نقتدي به وبأمثاله من العلماء وأن يرضى عنا إمامنا يوم ينظر صحائف أعمالنا وصلى الله على صفوة بريته محمد وآله الطيبين الطاهرين.