فضلاً : إقرأوا جاسم !!
يا الله ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا كريم ، يا غفور ، يا لطيف . هذا غيضٌ من فيض ما يلهج به لسانه العذب ليل نهار وهو ثابتٌ كالطود الشامخ على سرير المرض ، يئنُّ دون ضجر ، راضياً بما قسمهُ الله له من إبتلاءٍ يرى فيه فرصة ثمينة لتخطي الحواجز ، وإجتياز الإختبار الإلهي بإمتياز .
ما زلنا نتعلّم منه معنى الحياة في لحظة العُسر، وومضات الأمل في غبّة اليأس ، تعلّمنا منهُ رافعات العزيمة ، ومُعزِّزات الصبر الذي لا يخور . إنهُ يتوشح ببردة النبوة التي تشعُّ بنور الإله ، ويستنشق عبق الولاية المفعمة برحيق الإمامة فتسري في داخله قوة ربّانية نورانية تؤازره في مقاومة الألم ، وتدفع به نحو سفوح الرجاء .
هو يقول : ما إبتلاني ربي إلاّ لأنه يحبني ، إنّهُ فعلاً يحبني عندما إختارني من بين ملايين البشر لأكون في سدة الإبتلاء ، فالحمدُ لله على كل حال وله الشكر على ما يرى إليه المآل .
نعم يا جاسم ، إنّ الصبر الجميل الذي أنت صاحبه لا شكوى فيه ، لهذا فهو لا يخدش وجه محاسنه اعتراض ، ولا يلثم تاجه تسخُّط ، لأنك – يا حبيبي - ترى فيه سكون للقضاء ، واطمئنان للعاقبة ، وانتظار للفرج ، واحتساب للأجر ، فما أروعك أيها الساهدُ في صبرٍ على كفِّ القدر ، والمتأمل لليسر في العسر ، والضارب بأطناب عزيمتك وجلَدِك في صخر المِحَنْ .
جسمك النحيل الذي يفيضُ قٍيماً ترسٍّخ كل معاني الوفاء في حلكة الظروف ، ويستشعر اللحظة الفاصلة بين الصبر والجزع فيميل حيث رضا الباري عزّ وجل ، نعم أيها المستبطن للتواضع في شموخ ، وللإنطلاق في الإغلاق ، أراك تجتهد لتدوير زوايا ذاتك حرصاً منك على أن لا تأتي بمحظور ، وتستبق الضجر بالشكر لكي تتمكّن من وزن الأمور التي طالما دانت لإرادتك الصّلبة ، وخفضت جناحها المتمرد لحكمتك التي تزداد بريقاً مع إزدياد عِظَم البلاء .
عهدتُك مهندساً للبيوت ، فإذا بك خبيراً في التعامل مع الأزمات ، تُجيد فن التعاطي مع الألم فتقهر الوجع بذكر الإله ، وحب الرسول ، وآل الرسول ، لا بأس عليكْ ، أيها السابحُ في نورِ الولاءْ ، تُغمِضُ العينَ ولا تخشى البُكاءْ ، وتناجي الله في السرِ ، وفي الجهرِ ، وما بين الخفاء ، أنتَ يعسوب المودةْ والوفاءْ ، لا تُكابرْ أيُّها التنينُ في جسم حبيبي ، فتلطّف بإنحناءْ .