أنا على ذمة التحقيق!!
أنا على ذمة التحقيق!!
بقلم / عادل بن حبيب القرين
كفكفت دمعي واتخذت مآقيَّ سراجا...
وانسكب من الأقداح ماءٌ أجاج..!!
نعم؛ بانت روحي عن جسدي..
وجسمي مسجىً على مغتسل الحقيقة، والواقع، والخيال...!!
فعلى خاصرة السماء أكتب توبتي، وعلى همس الندى أعلن رحيلي، وعلى أكف الدعاء أخط أعتذاري وأسفي...
فما أظنني سأصافح يد الطريق مرة أخرى...
فأنا الذي لا تطأ رجلي أرضاً إلا لمال كيف أجنيه..!، أو لنجاح كيف أحتلبه..!، أو لاتصال كيف أستغله و (( أُجَيرُه))..!!
أنا الذي كنت أفسر طيبتهم غباءاً، وكرمهم ضعفاً، وتواضعهم سذاجةً..!!
أنا الذي ادعيت مُجمل الكرم؛ وكأن الشمس خلقت لأجلي..!!
أنا الذي أنكرت معروف صديقي وقريبي..!!
أنا الذي احتضنته في عباب الورق، وقتلته في وضح النهار..!!
أنا الذي طالت عيوني حلاوة الحرام من المال، وداست رجلي كرامة الحلال..!!
أنا الذي جمعت حروف الحب.. في غربال الكراهية والأنانية..!!
أنا الذي استصغرت كل كبير؛ وأكبرت كل حقير..!!
أنا الذي استخففت بعقول الناس؛ وعبست في وجوههم..!!
أنا الذي وضعت حروف الأنا في مخرف الغرور والتكبر ومرض العظمة..!!
أنا الذي قويت هذا وأضعفت ذاك؛ بجهل مني وقصور في فهمي وإداركي..!!
أنا الذي جالست البسطاء.. مخترفاً لب أفكارهم لصالحي ومصالحي..!!
أنا الذي جعلت الفقير من أهلي.. يلاحقني كملاحقة الفصيل لأمه..!!
أنا الذي كسرت أغصان كل مبدع.. وأسكت فاه كل بارع.. وقطعت أوراق كل فنان..
عاتباً معاتباً على من آلمني وأتعبني في بدايتي..!!
أنا الذي التصقت بفقراء أهلي.. ظناً منهم أن ذلك لتواضعي وبساطتي.. وفي المحافل الكبرى..
أتجاهلهم حتى بأسمائهم.. لأقيم طقوس الإستعباد عليهم..!!
أنا الذي طالبت بسطاء القوم.. لفهمي بالتوبيخ والتجريح والإستهزاء.. وفي إلتواء عقارب الزمن أمتدحهم
وأثني عليهم لشراء نتاجي بقبلة الجبين..!!
أنا الذي لم أعتد لرأي الفقير والصغير.. فآخذ إستشارة ذاك لمكانته ومقامه..!!
أنا الذي لا أنظر إلى أخي في إنسانيته.. ولا إلى صديقي في شراكته.. فنظرت إليه لشهرته ومكانته..!!
أنا الذي ذممته صباح مساء.. وحينما أهداني حفنة مال أوجاه أو هدية أو وليمة دسمة.. أمتدحته هنا وهناك..!!
أنا الذي زرع الكراهية عن يميني وعن شمالي.. لأظل الناصح الأمين..!!
أنا الذي أقيّم الناس على قدر وجاهتهم ومالهم ونفوذهم.. وما دون ذلك أتجاهله في مقاعد ومآدب الأفراح والأتراح..!!
أنا الذي تسلقت جدار غيري.. وهدمت عتبة جاري وصاحبي..!!
أنا الذي من وطأت حروف فكري تراب الورق فلثمتها وشممتها.. وحينما تساقطت كونت منها جملة (لا أعرفك)..!!
أنا الذي ركبت حصاني.. وأمتشقت سيفي.. وسددت سهمي.. وطعنت برمحي.. وصلت وجلت لمآربي..!!
أنا الذي ما رست وتفننت على أهلي وجماعتي.. بهاتف (أبو رنة) ليلاً.. وضحكت عليهم مع خيوط شمس الضحى..!!
أنا الذي خالفت ذاتي.. ولم أوف بعهدي.. وتنكرت وبررت لفعلي وقولي..!!
أنا الذي أقترضت الفكر لإيصاله.. فقمت وأعلنت إستبداله..!!
أنا الذي لففت حبال الكراهية على أعناقهم.. وفتحت خيوط صدري لمدحهم..!!
أنا الذي كنت هاتف عملة لهذا وذاك.. وأمتهنت التعالي بالنسيان والتناسي لهم..!!
أنا الذي أتأخر عمّن دعاني لوليمة أو مناسبة كي أقيم الضجيج لحضوري ومجيئي..!!
أنا الذي أمرت ذاك بشيء وجهد وعطاء.. وحينما جاء ليطلب حقه..
قلت له: لم آمرك بهذا وتنكّرت له!!
أنا الذي تتبعت بائع الذرة من مكان إلى مكان.. وكنت أعيره بجهله وفقره.. وحينما أصبح ذو شأن عظيم
وما زال على مهنته وسمته بالعظمة والتواضع والعصامية..!!
أنا الذي ترنحت بالعجب والإعجاب بذاتي.. وتناسيت أنني غبار متطاير..!!
أنا الذي أمتهنت الفهم و(الأستذة) على منهم دوني.. مدعياً كثرة علمي واطلاعي