ميثاق
تربت بيان وعهد وميثاق , على المحبة والوفاء , والشفافية فيما بينهم ,في كل مجريات الحياة .
وتوج هذا الحب تحت أقدام جنات الخلد .
زفت بيان إلى فارس أحلامها , ولم تفارق البسمة مبسمها البريء .
لم تبخل بيان في نطقها وهي تخلد ملحمة الحب الرومانسي الذي جمعها بفارس أحلامها .
وأثمر الحب عن ثلاث زهرات يافعات , ونثرت الزهرات عبيرها في زوايا العش الهادئ .
وخلدت زهرة رابعة وسام العائلة .
كانت بيان ترى النور والحياة في محيى الوجوه البريئة .
وعلى أعتاب خطوات الحياة الجريئة .
خطت أقدام وليدها على الأسفلت الأسود حروف زفافه إلى جنت الخلد .
وأضاءت أغصانه المتناثرة طريقه , وعند أبواب الحرم المدرسي غردت شموع زهور مدرسته .
لم يحتمل القلب الرقيق , ولم تتمالك أنظار العيون بأن تكتحل بالسواد .
ودماء العيون روت عظامها , وأفاضت على عقلها حسن الرشاد .
وأبدع عقلها في رسم لوحته الفنية على جدران بيتها .
وجف عبير زهرتها , وتساقطت أوراقها , لتزف إلى الحياة الأبدية .
عاهدت عهد والدتها أن تتحمل مسؤولية الابناء .
سارت السفينة في هدوء أيامًا معدودات .
وسقطت عهد فريسة للمرض , كما تشبعت شرايين تفكيرها بصرخات لسانها المبحوح .
وتعرج روح والدتها بعدها بسويعات .
تسير ميثاق إلى القدر المجهول , محصنة بالهموم , وفرشت طريقها بالدموع.
تقلب ذكريات الماضي بين بسمة ودمعة .
تبحث في الظلام بين ركام الأحزان .
لم تعد البسمة تفرحها ولا الدمعة تحرقها .
ولا نسيم الليل يداعب خيالها , ولاعليل البحر يرسم أحلامها .
تبعثرت قصاصاتها وتناثرت أحداثها .
وقصاصة واحدة ضلت بين أغصان شعرها , ترويها بهمومها , وترعها بأحزانها المضيئة .
حزم حقائبها زوج أختيها , وعند نهاية الحياة القهرية أودعها , بين أناس صرخ تفكيرهم , ورفض أن يحجر عليهم , لينعموا بالحرية .
وبين الدهاليز تسير ميثاق , تبحث عن تفسير للعالم الجديد .
ويسحبها عقلها إلى حالة هستيريا من نوع آخر , وتتعالى الصرخات ,وينتهي بها الحال جثة هامدة على السرير الأبيض .
ترسل الشمس الذهبية خيوطها الدافئة , وتستيقظ صراخات ميثاق من سباتها.
تهرول مسرعة بين الدهاليز والممرات , ودموعها المتناثرة ترشدها ,وأحزانها الملتهبة تقودها .
يصرخ عقلها , وينعقد لسانها , وتتساقط حروفها , أختي بيان , أختي عهد, وتسمع صدى صوتها.
بيان متوفيه , بيان متوفيه , عهد متوفيه , عهد متوفيه .
تلتقط ميثاق دموعها البراقة من تحت أقدامها المتزلزلة , ويمتد شريط ذكرياتها .
نادت بصوتها المحزون أمي , يامن غيبت تحت الثرى , بناتك فوق الثرى .
أجسام تتحرك , ومحرومين من شم الهواء .
خفضت صوت أنينها .
من أنتم ؟
هل أنت أخت بيان ؟
هل أنت أخت عهد ؟
تجاوبت معها جدران الغرفة وحن السرير لحالها .
شمائل أخت بيان , شمائل أخت عهد .
عقلها المثقل بجراحات السنين نثرى أسئلتها على نافذت العالم .
حمل كل سؤال ألف معنى وألف تفسير .
لِما بعدت المسافات بيننا ؟
من أوصلنا لهذا الطريق المظلم ؟
أي جريمة دفعتنا لنعد في عالم الأموات ؟
هل هو حب الانتقام ؟
هل هو حب المال والثروة ؟
أخت بيان , أخت عهد .
سمعت صدى صوتها .
من تناديهم قد أكل التراب محاسنهم .
أمي . أمي . أمي .
أمي أين أنت أمي ؟
بلمستك الحانية , تشم رائحة ابنائك .
ومبسم شفتيها الذابلتين حن لحالها .
أمك اختصرت المسافات .
وقلبها الكبير قد حطمه القدر .
بحثت ميثاق عن الإجابات لأسئلتها .
اختلطت دموعها مع ضحكاتها , وصرخاتها مع هدوئها , وأحزانها مع أفراحها.
أين من يأخذ بيدي نحو طريق الرياحين ؟
وتحكم قبضتها الحال الهستيريا على عقلها وتخرق قلبها المحطم .
تبعثرت كل الحقائق , ومزج اليقين بالشك , والواقع بالخيال .
فلم تعد تبصر النور , ولاالتميز بين صرخاتها .
سؤال يلمع في ذاكرتها .
هل من يسمى بالحبيب والرفيق هو ....
لا . لا . لا .
إذًا ماذا تعني قصاصة والورق !؟
وتسحب الممرضة الإبرة من أشلاء جسد ميثاق .
وتنفصل عن واقعها , وهي تجهل كل معاني الحياة .